لم يعجبني يوما أسلوب أداء شيكابالا منذ كان لاعبا في الزمالك ، فرغم إعجابي بمهاراته العالية وقدراته التي تؤهله للعب في أوروبا إلا أن نرجسيته الشديدة في التعامل مع الكرة والحرص على اللعب "الصعب" والمرواغة غير المجدية جعلتني أكره طريقة ذلك اللاعب ، وفي مباراة مصر وألمانيا بكأس العالم للشباب كان حال كل لاعبينا .. "شيكابالا". ومن الطبيعي أن يشعر ملايين المصريين بحرقة الدم وهم يشاهدون التمريرات مقطوعة والاستلام المتلعثم والرعونة بلا حدود أمام مرمى ألمانيا ، ولكن ما أثار ضيقي أكثر هو ذلك الكم من الألعاب الاستعراضية بالكعب وسن القدم من لاعبينا كما لو كانوا يلعبون "في الحارة" وليسوا في بطولة عالمية من الطراز الأول. لا أريد ذبح لاعبينا في مثل هذه المرحلة السنية ، لكنني أدين بشدة العقلية التي قامت باختيارهم لتمثيل مصر .. لأن المهارات الفردية ليست كل شيء .. هناك عناصر مثل القوة والسرعة والتكوين الجسماني افتقناها أمام الماكينات الألمانية ، و الأهم الإعداد النفسي لتخليص لاعبينا من كل هذه النرجسية والرغبة في الاستعراض التي أصيبوا بها منذ كانوا أشبالا في أنديتهم. فإحدى الكرات التي كشفت الفارق الحقيقي بين مصر وألمانيا في كرة القدم ، كرة "هات وخد" من الناحية اليسرى للنصف الهجومي لمنتخب مصر قام أحد لاعبينا "الحريفة" باستلام الكرة وبدلا من تمرير الكرة مرة واحدة لعبها بالكعب فكادت تخرج من الملعب وبذل زميله مجهودا أكبر لاستلامها وعندما أعاد الكرة للحريف الذي سنحت له فرصة التصويب دون مراقبة من مدافعي ألمانيا فسدد الكرة من على حدود منطقة الجزاء لتذهب إلى السماء بعيدا عن الخشبات الثلاث ، والسؤال للجهاز الفني لمنتخب مصر هو : هل هذا لاعب مهاري؟ ما قدمه المنتخب المصري للشباب يذكرني بما نفعله عندما نلعب في "التقسيمة" في أي شارع أو حارة مصرية ، اللاعب الحريف يحصل على الكرة أمام المرمى الخالي وبدلا من التصويب المباشر للتسجيل يبحث عن أعقد الحركات الاستعراضية لتسجيل الهدف ثم يفشل في هز الشباك ، ليجد الجمهور على خط التماس يهلل من فرط الإعجاب بالحركة الاستعراضية دون الاهتمام بالهدف الذي أهدره وأضاع به مجهود زملاءه. هذه الأفكار تترسخ في عقول اللاعبين من الصغر وتخلق لديهم ما نسميه بكلمة "الحريف" القادر على "ترقيص" فرقة بحالها وإحراز هدف على طريقة عادل إمام في فيلم "الحريف" ، دون أن ندري إننا نخلق لاعبين مصابين بالنرجسية وحب الذات.
"هل المهارة أن تمرر الكرة بالكعب والفخذ والصدر ثم تعجز عن التصويب من مسافة قصيرة على الخشبات الثلاث أو تفشل في تمرير كرة بينية لا تحتاج لأي فلسفة أو عبقرية؟!" وهذا هو ما يعيدنا للسؤال .. هل المهارة أن تمرر الكرة بالكعب والفخذ والصدر ثم تعجز عن التصويب من مسافة قصيرة على الخشبات الثلاث أو تفشل في تمرير كرة بينية لا تحتاج لأي فلسفة أو عبقرية؟! كم كرة وصلت للاعبينا في مباراة ألمانيا وكانوا قادرين على تحويلها لهدف من التسديد المباشر ثم أهدروها بسبب ال"قلش"؟ وكم كرة عرضية قفزوا خلالها لمقابلة الهواء ، ألا تجدون تناقضا في قدرتهم على المراوغة وعجزهم عن أداء المهارات الأساسية؟! أما المشكلة الأكبر فهي الانفلات السلوكي للصغار ، أين هو عقل عبد الله الشحات قائد منتخب مصر ليتم طرده في أحرج أوقات اللقاء بسبب إدعاء السقوط داخل منطقة الجزاء رغم سابق حصوله على إنذار؟! أنا واثق أن الشحات لو فكر قليلا لما ارتمى داخل منطقة الجزاء أبدا لكن الولد "معذور" لأنه فعل هذه الحركة بصورة لا إرادية ، فلاعبونا يرتمون مع أي مخاشنة داخل منطقة الجزاء على طريقة "مرة تصيب ومرة تخيب" ، ولما لا يكرروها ألا يشاهدون التبجيل الذي يناله طارق السعيد وأبو تريكة بعد حصولهم على ضربات جزاء بهذه الطريقة ، وكم مرة أهدر جمال حمزة أو خالد بيبو أهدافا محققة بسبب النرجسية؟ وقد ينجح "الفراعنة" ، من الفرعنة طبعا ، الصغار في التأهل أو يودعوا البطولة مبكرا .. ولكن قبل أن نحاكمهم علينا أن نحاكم من زرع في رؤوسهم فكرة إنهم "حريفة"!