بعد ساعات قليلة سيتم الإعلان عن اسم المدرب الجديد لمنتخب مصر الوطني والذي سيحمل على عاتقه آمال وأحلام 70 مليون مواطن مصري لمدة عام كامل. اختلفت الآراء حول اسم المدرب القادر على تولي هذه المهمة الصعبة ، ورجح البعض كفة المدرب الأجنبي ، بينما فضل البعض الآخر أن يكون المدرب القادم مدربا وطنيا ، ولكن مسألة اختيار المدرب ليست هي ، في رأيي الشخصي ، لب الموضوع ، بل إن هناك أشياء أخرى كثيرة تستحق الاهتمام بها داخل المنظومة الرياضية المصرية. فالمدرب هو جزء صغير فقط ، واذا أتينا بأفضل مدرب في العالم لن يستطع الوصول بنا الى كأس العالم على حساب منتخبات قوية مثل الكاميرون وكوت ديفوار والتي تملك كوكبة هائلة من النجوم المحترفين في أقوى بطولات الدوري في العالم ، فاللاعبون هم الأساس وليس المدرب ، ومهما كانت عظمة المدرب فإنه لا يستطيع أن يحول "الفسيخ إلى شربات". وأدلل على كلامي بمستوى الأهلي والزمالك حاليا وفي السنوات الأربع الأخيرة أيضا ، فالمتابع الجيد لحركة انتقالات اللاعبين من والى القطبين الكبيرين فى السنوات الأربع الأخيرة سيجد أن الفريق الأفضل يكون هو الفريق الأوفر في عدد النجوم وهو الفريق الذي يقدم مستويات أفضل ويحصل على البطولات بغض النظر عن اسم وجنسية مديره الفني ، لذلك فإن اختيار مدرب عالمي بآلاف الدولارات يعد اختيارا خاطئا وإهدارا للمال العام ، لأنه لن يفيد كثيرا ، بل على العكس ، قد يسبب أثارا سلبية ، لأنه يريد أن يطبق أفكاره الحديثة داخل الملعب مع نوعية من اللاعبين أنصاف الموهوبين والذين لا يمتلكون أى فكر كروي أو لياقة بدنية عالية ، فيسبب ذلك أثارا عكسية على أداء الفريق. أما عن أفضل الاختيارات المطروحة حاليا فهو في رأيي الشخصي الألماني ثيو بوكير المدير الفني الأسبق للإسماعيلي ، فبوكير يعتبر نصف أجنبي ونصف مصري ، وهو على دراية كاملة بأسلوب لعب اللاعب المصري ويعرف جميع لاعبي مصر عن قرب ، ويملك فكرا كرويا متميزا ، كما أنه لن يحصل على مرتب خيالي ، بالإضافة لكونه غير مصري ولا ينتمي لأحد القطبين الكبيرين ، فلن يهاجمه النقاد أو الجماهير بقوة كما يفعلوا دائما مع المدرب المصري أو مع المدرب الأجنبي ذو الراتب المرتفع. بوكير قدم مستويات رائعة لفريق الاسماعيلي ، وليس مهما أن يحصل معه على بطولة حتى يكون مدربا جيدا ، فالاسماعيلي ليس الأهلي ولا الزمالك وهو ليس فريق بطولات ، ويكفي الاسماعيلي فخرا أنه وصل الى المباراة النهائية لأقوى بطولتين وهما دوري الأبطال الأفريقي ودوري أبطال العرب متفوقا على العديد من الفرق العريقة فى أفريقيا وفى العالم العربي ، وكان الاسماعيلي قاب قوسين أو أدنى من تحقيق هاتين البطولتين فى انجاز تاريخي الا انه خسر الأولى بسبب التحكيم وخسر الثانية بركلات الترجيح التى تعتمد على التوفيق ، كما أن الاسماعيلي حقق تحت قيادة بوكير عدة انتصارات رائعة أبرزها فوزه التاريخي على الأهلي بأربعة أهداف نظيفة ويعد هو الفوز الأكبر ل"الدراويش" على الأهلي طوال تاريخ لقاءاتهما معا. كل هذه الانجازات التي حققها بوكير جاءت في وقت يستغنى فيه الاسماعيلي تباعا عن أفضل لاعبيه ، بدءا من بيبو وأوتاكا ، ومرورا ببركات وتراورى وصلاح أبو جريشة وبسيوني ، ونهاية بالشاطر والنحاس ، واعتمد بوكير على مجموعة كبيرة من الناشئين قدمها الى الملاعب المصرية وعلى رأسهم حسني عبد ربه وأحمد فتحي ومحمد عبد الله وعمر جمال ويوسف جمال. ورغم أن تراجع مستوى الاسماعيلي مؤخرا تسبب فيه مجلس ادارة النادي الذى فرط في أفضل لاعبيه ، فإنهم سارعوا بالاطاحة ببوكير حتى يلصقوا به تهمة تراجع المستوى وهو برىء منها تماما. وذكرت في بداية الموضوع أن المدير الفني ليس هو أساس المشكلة ، وأن هناك أسباب كثيرة لإخفاقات الكرة المصرية في السنوات الأخيرة ، وبالطبع هناك بعض الأسباب الكبيرة والمعروفة لدى الجميع والتي تحتاج الى سنوات وسنوات لاصلاحها مثل الملاعب والاهتمام بالناشئين وانتظام المسابقات المحلية والعمل على زيادة اللياقة البدنية لدى اللاعبين ، الا أن هناك أسباب أخرى بسيطة ويمكن علاجها والاهتمام بها بسهولة وفي وقت قصير ، ولو استطعنا تلافيها من الممكن أن يتطور مستوى منتخب مصر وتتطور الكرة المصرية بشكل عام في وقت قصير ودون الحاجة الى مدرب عالمي يتقاضى آلاف الدولارات في أول كل شهر ، وأهم هذه النقاط هي : أولا : يجب زيادة عدد اللاعبين المحترفين المصريين في الخارج ، لأن احتراف اللاعبين خارجيا سيساعد على تقدم المنتخب المصري ، والدليل على ذلك هو تفوق منتخبات الكاميرون ونيجيريا فى السنوات الأخيرة لأنها تملك وفرة في عدد اللاعبين المحترفين بالخارج ، بينما نملك نحن محترفين يمكن عدهم على أصابع اليدين ،