قال نشطاء إن طائرات حربية سورية قصفت مسلحين معارضين شرقي دمشق، اليوم السبت، فيما قصفت قوات حكومية بلدة جنوب غربي المدينة، وذلك في إطار حملة مستمرة منذ شهر، فشلت حتى الآن في طرد مقاتلي المعارضة، من أنحاء متفرقة من العاصمة. وقصفت طائرات حربية منطقة بيت سحم على الطريق المؤدي إلى المطار الدولي، وأطلق الجيش صواريخ على بضعة معاقل لمقاتلي المعارضة في أنحاء متفرقة من دمشق، معقل الرئيس بشار الأسد، في انتفاضة مستمرة منذ 21 شهرا، وتزداد عنفا. ولجأ الرئيس السوري العلوي البالغ من العمر 47 عاما، والذي أجبره مقاتلو المعارضة - غالبيتهم من السنة - على الانتقال إلى موقف دفاعي، إلى الاعتماد بشكل متزايد على الهجمات الجوية وعلى المدفعية؛ لوقف تقدم مقاتلي المعارضة على الأرض. واتهم قائد عسكري أمريكي في حلف شمال الأطلسي القوات السورية، أمس الجمعة، بإطلاق صواريخ سكود سقطت بالقرب من الحدود التركية، معللا بذلك نشر الحلف الغربي لبطاريات مضادة للصواريخ، وإرسال قوات إلى الحدود الشمالية لسوريا. وتنفي الحكومة السورية إطلاق تلك الصواريخ السوفيتية الصنع الطويلة المدى، لكن الأميرال جيمس ستافريديس كتب في مدونة إن عددا من صواريخ سكود التي أطلقتها سوريا على قوات المعارضة "سقطت بالقرب من الحدود التركية، وهو أمر مقلق جدا". وأضاف ستافريديس "سوريا في وضع فوضوي وخطير، لكن لدينا التزام قاطع بالدفاع عن حدود الحلف من أي تهديد يصدر من تلك الدولة المضطربة". وتشكو تركيا، العضو في حلف الأطلسي والتي كانت تربطها علاقات ودية مع نظام الأسد لكنها أصبحت الآن من بين الحلفاء الرئيسيين للمعارضين، من تعرضها لإطلاق نار بين الحين والآخر أدى بعضه لسقوط قتلى. وسعت تركيا لنصب دفاعات صاروخية على حدودها منذ أسابيع. وتوشك القوات الأمريكية والألمانية والهولندية، على نشر بطاريات صواريخ باتريوت الأمريكية الصنع، والمصممة لإسقاط صواريخ مثل سكود المرتبطة بشكل شائع بحروب العراق في عهد صدام حسين في التسعينيات، وسترسل كلٌ من الدول الثلاث 400 جندي لتشغيل وحماية تلك الأنظمة الصاروخية. وتتهم دمشق القوى الغربية، بدعم ما تصفه حملة "إرهابية" سنية عليها، وتقول إن واشنطن وأوروبا أعربتا علانية عن قلقهما من احتمال لجوء قوات الأسد لاستخدام الأسلحة الكيماوية، كذريعة للتحضير لتدخل عسكري محتمل. وعلى عكس الحملة الجوية التي شنها حلف شمال الأطلسي؛ دعما لثورة ليبيا الناجحة العام الماضي ضد معمر القذافي، تجنبت القوى الغربية التدخل في سوريا. وأشارت إلى الوضع العرقي والديني المعقد لدولة عربية كبيرة في قلب الشرق الأوسط، إضافة إلى الافتقار أيضا لموافقة من الأممالمتحدة بسبب دعم روسيا لنظام الأسد في مجلس الأمن. واعترف ميخائيل بوجدانوف، مبعوث الكرملين إلى الشرق الأوسط، بأن الأسد قد يطاح به من السلطة، لكن روسيا قالت أمس الجمعة "إن تصريحات بوجدانوف لا تعكس تغييرا في السياسة الروسية". وقالت فرنسا، وهي واحدة من أوائل الدول التي منحت اعترافا رسميا للمعارضة السورية، إن دعم موسكو المستمر للأسد مربك. وقال زعماء الاتحاد الأوروبي، الذين التقوا أمس الجمعة في بروكسل، إن "كل الخيارات مطروحة لدعم المعارضة السورية"، مثيرين بذلك احتمال توريد عتاد عسكري غير فتاك بل وأسلحة داخل الأراضي السورية في نهاية الأمر. وفي أقوى بيان لهم لدعم المعارضة السورية منذ بدء الانتفاضة قبل 20 شهرا، أصدر زعماء الاتحاد الأوروبي تعليمات إلى وزراء الخارجية لتقييم كل الاحتمالات لزيادة الضغط على الأسد. ومع تقدم مقاتلي المعارضة في العاصمة، قال مسؤول كبير بحلف الأطلسي إنه من المحتمل أن يسقط الأسد، ويتعين على الحلف وضع خطط للتصدي لاحتمال وقوع ترسانة أسلحته الكيماوية في اليد الخطأ. وتشتد الحاجة إلى الغذاء في بعض مناطق سوريا، ويقول سكان في مدينة حلب بشمال سوريا إن العراك بالأيدي، والركض عبر الخطوط الأمامية للحرب الأهلية، جزء من الكفاح اليومي لضمان الحصول على رغيف الخبز. وقال وزير الخارجية السوري، وليد المعلم، لفاليري آموس، منسقة الشؤون الإنسانية بالأممالمتحدة، إن العقوبات الأمريكية والتي فرضها الاتحاد الأوروبي على سوريا، هي المسؤولة عن الصعوبات في بلاده، وحث الأممالمتحدة على المطالبة برفعها. وقالت الوكالة العربية السورية للأنباء، إن المعلم طالب أيضا المنظمة الدولية بتوسيع جهودها للإغاثة في سوريا، لتشمل إعادة "ترميم وبناء ما دمرته المجموعات الإرهابية المسلحة"، وهو الوصف الذي تطلقه السلطات السورية على مقاتلي المعارضة. وقالت آموس في روما، إن الأممالمتحدة ملتزمة بمواصلة عمليات الإغاثة في سوريا. ويقول برنامج الأغذية العالمي إن ما يصل إلى مليون شخص قد يعانون الجوع هذا الشتاء، في الوقت الذي يزيد فيه تردي الأوضاع الأمنية من صعوبة الوصول إلى مناطق الصراع. وسعى رئيس الوزراء البريطاني، ديفيد كاميرون، إلى مراجعة مبكرة لحظر الأسلحة المفروض على سوريا، تمهيدا لاحتمال فتح الباب أمام تزويد المقاتلين بالعتاد في الأشهر القادمة، لكن ألمانيا ودولاً أخرى كانت أكثر تحفظا وعرقلت أي تحرك سريع. وقال كاميرون للصحفيين في نهاية قمة الاتحاد التي استغرقت يومين: "أريد أن توجه رسالة لا لبس فيها للرئيس الأسد بأن كل الخيارات مطروحة". وأضاف قائلا: "أريد أن نعمل مع المعارضة (...) من أجل أسرع عملية انتقال ممكنة في سوريا. لا يوجد رد بسيط.. لكن عدم التحرك واللامبالاة ليسا ضمن الخيارات".