أكد الفقيه الدستوري إبراهيم درويش أن مشروع الدستور المُقدم الآن من الجمعية التأسيسية للدستور "لا توجد به مادة دستورية واحدة"، مؤكدًا أن هذا المشروع يجب أن يُطلق عليه "الفجر الكاذب"، نسبة لمناقشته فجرًا، مضيفًا "إننا الآن بصدد مناقشة جثة هامدة محلها صفيح الزبالة" على حد تعبيره، مشيرًا إلى أن القوى الإسلامية أرادت أن تجعل من مصر مكانًا للخلافة، مؤكدًا أن جميع المواد متناقضة، مستطردًا أن الدولة الدينية لا يعرفها الإسلام، مضيفًا أن "لا إسلام في السياسة ولا إسلام في الدين". وقال درويش، في أثناء مؤتمر القراءة العلمية لمشروع الدستور بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية، "لا توجد دولة لها مجلسان تشريعيان، إلا إذا كانت ذات نظام مركب مثل الولاياتالمتحدةالأمريكية والهند"، مؤكدا أن "مصر دولة موحدة"، مضيفًا أنه "لا يجوز أن يكتب الدستور صاحب أجندة"، مستنكرًا تكرار جملة "تتولى الدولة والمجتمع في الدستور أربع مرات"، وكذلك جملة "تحقيق الأخلاق الطيبة"، مشيرًا إلى أن مثل هذه الجمل "تفتح الباب لجماعة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر"، متسائلًا "كيف يستطيع المجتمع أن يتولى شيئا؟". ومن جانبه، استنكر دكتور حسن نافعة عضو الجمعية التأسيسية المنسحب، الدعاية التي قالت إن المنسحبين من التأسيسية لديهم أهداف سياسية أو دينية أو لها علاقة بقطع الطريق على الرئيس المنتخب، مؤكدًا أن مشروع الدستور "مليء بالعيوب الفنية والسياسية"، مضيفًا أن "بداية أزمة الدستور ليست وليدة اليوم، ولكنها منذ الاستفتاء على الإعلان الدستوري الذي أصدره المجلس العسكري في مارس 2011، وانقسام الشارع السياسي إلى إرادة كتابة الدستور أولًا وآخر ينادي بتعديل الدستور فقط". وأضاف حسن نافعة أن "المادة "60" في الإعلان الدستوري الصادر في مارس، والتي نصت حول حق تشكيل الجمعية التأسيسية من قبل أعضاء مجلسي الشعب والشورى، خطيرة في شقين، الأول هو أن الدستور هو الذي يعطي الحق لمجلس الشعب والشورى بتشكيله"، مضيفًا أ الدستور هو الذي يخلق السلطة التشريعية، وبالتالي لا يجوز للمخلوق أن يحدد صفات الخالق، والشق الثاني أن الأعضاء المنتخبة في مجلسي الشعب والشورى من الممكن أن تتحول لجماعة تبحث عن مصلحتها، وبالتالي تكتب الدستور معبرًا عن مصالحها الشخصية". ومن جانبها، قالت الدكتورة هبه رؤوف عضو اللجنة الاستشارية بالتأسيسية، أن "أهم ما يفتقده الدستور هو عدم وجود نص يتحدث عن نائب رئيس الجمهورية، وعدم جعل وجود نائب رئيس أمر ملزم على رئيس الجمهورية، وليس متروكًا لرغبة رئيس الجمهورية في تعيين نائب له أو لا". وأكدت رؤوف أن مشروع الدستور "يفتقد لروح الشريعة، رغم ما يذاع عنه"، وتحدثت هبه رؤوف عن المادة "219" والتي تنص على أن "مبادئ الشريعة الإسلامية تشمل أدلتها الكلية، وقواعدها الأصولية والفقهية، ومصادرها المعتبرة، في مذاهب أهل السنة والجماعة"، مؤكدة أن المادة لم تذكر دور الافتاء والمجامع الفقهية، مضيفة أن المادة مجملة زيادة عن اللازم، وبالتالي لا تسمح بفتح باب الاجتهاد. وأضافت عضو اللجنة الاستشارية بالتأسيسية أنهم كانوا بصدد إلغاء مجلس الشورى، لولا تقييدهم بوقت محدد لإنهاء نصوص الدستور، مستبدلين ذلك بالمجلس الاقتصادي والاجتماعي. كما تحدثت عن وضعية الأزهر الشريف في الدستور، مشيرة إلى أنه "كان من المفترض أن يكتب في نص عدم عزل شيخ الأزهر أنه "لا يجوز عزله خلال فترة ولايته"، ومن الممكن إحالته بعد ذلك بالقانون، واستطردت "لا يجوز أن يستمر شيخ الأزهر في منصبه 30 سنة ويصل من العمر أرذله، ولا يزال يتولى مهام شاقة، مع الاستعانة به في القوانين التشريعية وما إلى ذلك". بينما أكدت هبه رؤوف على أن فكرة العدالة من المنظور الإسلامي ليست مكتملة في هذا الدستور، مستطردة "لم أجد في الدستور ما ينص على رفع حياة الناس عن طريق الشريعة"، وعلّق دكتور حسن نافعة على هذا الكلام بقوله "لو كل الإسلاميين زى دكتورة هبه مكنش يبقى فيه هذا الخلاف". كما بدأ الدكتور جودة عبد الخالق وزير التضامن الاجتماعي السابق حديثه ببيت الشعر الذي يقول "لكل داء دواء يستطب به .. إلا الحماقة أعيت مَن يداويها"، وأضاف أن "الجماعة المصرية تسعى لإقامة مصر جديدة وعمود هذا البناء هو الدستور بصفته القانون الأعلى"، مؤكدًا أن عملية كتابة الدستور "بها عوار كبير"، موضحًا أهداف عملية صياغة الدستور "التي تتلخص في خمس نقاط هي: المصالحة بين المجموعات المتسارعة، تمكين الناس وإعدادهم للمشاركة في الشؤون العامة وممارسة حقوقهم وحمايتهم، توضيح القيم والأهداف الوطنية، تزويد المعرفة السياسية واحترام مبادئ الدستور، وشرعية الاستقرار والدستور". وأكد وزير التضامن الاجتماعي السابق، أن وثيقة الدستور "لم تكفل الحد الأدنى فيما ينبغي أن يتحقق، وهو التوافق بين فئات المجتمع المختلفة"، مضيفًا "أيًا كانت نتيجة الاستفتاء على الدستور، هناك عوار في عملية صياغة الدستور، ومن ثمّ سنكون أمام عوار مزدوج"، مؤكدًا أن "تاريخ الشعوب لا يمكن أن يُختزل، ولا يمكن أن يُنسى". وأوضح عبدالخالق أن "أهم ما يصف مشروع الدستور هو أنه يخلط السياسي بالديني"، مؤكدًا أن الدستور "وثيقة سياسية بامتياز، ولا يجوز خلط الدين بالسياسة"، لافتا إلى العوار الاقتصادي الذي أصاب مشروع الدستور، والذي امتازت مواده بأنها فضفاضة، مشيرًا إلى بعض الجوانب الإيجابية في الدستور وهى "ذكر حقوق المستهلك، وأهمية الزراعة، وكذلك الحديث عن نهر النيل وموارد الثروة الطبيعية".