عيار 21 يتراجع الآن لأدنى مستوياته.. سعر الذهب والسبائك بالمصنعية اليوم في الصاغة    بورصة الدواجن اليوم.. أسعار الفراخ والبيض اليوم الإثنين 29 أبريل 2024    انخفاض جديد.. أسعار الحديد والأسمنت اليوم الإثنين 29 إبريل 2024 في المصانع والأسواق    خسائر فادحة.. القوات الأوكرانية تنسحب من 3 مواقع أمام الجيش الروسي |تفاصيل    صحف السعودية| مطار الملك خالد الدولي يعلن تعطل طائرة وخروجها عن مسارها.. وبن فرحان يترأس اجتماع اللجنة الوزارية العربية بشأن غزة    أمير هشام: تصرف مصطفى شلبي أمام دريمز الغاني ساذج وحركته سيئة    بعد موقعته مع كلوب.. ليفربول يفرط في خدمات محمد صلاح مقابل هذا المبلغ    مواعيد مباريات برشلونة المتبقية في الدوري الإسباني 2023-2024    ميدو: هذا المهاجم أكثر لاعب تعرض للظلم في الزمالك    «أمطار رعدية وتقلبات جوية».. الأرصاد تحذر من حالة الطقس اليوم الإثنين في مصر    بعد وفاة والدتها.. رانيا فريد شوقي فى زيارة للسيدة نفسية    مصنعو السيارات: الاتحاد الأوروبي بحاجة لمزيد من محطات شحن المركبات الكهربائية    إصابة 13 شخصا بحالة اختناق بعد استنشاق غاز الكلور في قنا    مصرع شخص وإصابة 16 آخرين في حادث تصادم بالمنيا    علييف يبلغ بلينكن ببدء عملية ترسيم الحدود بين أذربيجان وأرمينيا    أسألكم الدعاء بالرحمة والمغفرة.. روجينا تنعى المخرج عصام الشماع    ختام فعاليات مبادرة «دوّي» بكفر الشيخ    خالد الغندور يوجه انتقادات حادة ل محمد عبد المنعم ومصطفى شلبي (فيديو)    عمره 3 أعوام.. أمن قنا ينجح في تحرير طفل خطفه جاره لطلب فدية    هيثم فاروق يوجه رسالة لحمزة المثلوثي بعد التأهل لنهائي الكونفدرالية| تفاصيل    مجتمع رقمي شامل.. نواب الشعب يكشفون أهمية مركز الحوسبة السحابية    سامي مغاوري يكشف سبب استمراره في الفن 50 عامًا    رابطة العالم الإسلامي تعرب عن بالغ قلقها جراء تصاعد التوتر في منطقة الفاشر شمال دارفور    «مسلم»: إسرائيل تسودها الصراعات الداخلية.. وهناك توافق فلسطيني لحل الأزمة    نتنياهو يعيش في رعب.. هل تصدر محكمة العدل الدولية مذكرة باعتقاله؟    شاهد صور زواج مصطفى شعبان وهدى الناظر تثير السوشيال ميديا    شقيقة الفلسطيني باسم خندقجي ل«الوطن»: أخي تعرض للتعذيب بعد ترشحه لجائزة البوكر    سامي مغاوري عن صلاح السعدني: «فنان موسوعي واستفدت من أفكاره»    بعد عامين من انطلاقه.. برلماني: الحوار الوطني خلق حالة من التلاحم    تموين الإسكندرية: توريد نحو 5427 طن قمح إلى الصوامع والشون    برلمانية: افتتاح مركز البيانات والحوسبة يؤكد اهتمام الدولة بمواكبة التقدم التكنولوجي    التهديد الإرهابي العالمي 2024.. داعش يتراجع.. واليمين المتطرف يهدد أمريكا وأوروبا    بعد طرح برومو الحلقة القادمة.. صاحبة السعادة تتصدر ترند مواقع التواصل الاجتماعي    فراس ياغى: ضغوط تمارس على الأطراف الفلسطينية والإسرائيلية للوصول لهدنة في غزة    تحرك عاجل من الخطيب ضد السولية والشحات.. مدحت شلبي يكشف التفاصيل    أيمن يونس يشيد بتأهل الأهلي والزمالك.. ويحذر من صناع الفتن    إخلاء سبيل سائق سيارة الزفاف المتسبب في مصرع عروسين ومصور ب قنا    الأرصاد الجوية تكشف حالة الطقس اليوم الإثنين وتُحذر: ظاهرة جوية «خطيرة»    السفيه يواصل الهذيان :بلاش كليات تجارة وآداب وحقوق.. ومغردون : ترهات السيسي كلام مصاطب لا تصدر عن رئيس    فيديو.. سامي مغاوري: أنا اتظلمت.. وجلينا مأخدش حقه    من أرشيفنا | ذهبت لزيارة أمها دون إذنه.. فعاقبها بالطلاق    هل مشروبات الطاقة تزيد جلطات القلب والمخ؟ أستاذ مخ وأعصاب يجيب    فهم حساسية العين وخطوات الوقاية الفعّالة    العناية بصحة الرموش.. وصفات طبيعية ونصائح فعّالة لتعزيز النمو والحفاظ على جمالها    «حياة كريمة».. جامعة كفر الشيخ تكرم الفريق الطبي المشارك بالقوافل الطبية    ضربة للمحتكرين.. ضبط 135 ألف عبوة سجائر مخبأة لرفع الأسعار    ربان الكنيسة السريانية الأرثوذكسية في مصر يحتفل بعيد الشعانين ورتبة الناهيرة    البابا ثيودروس الثاني يحتفل بأحد الشعانين في الإسكندرية    الإفتاء توضح حكم تخصيص جزء من الزكاة لمساعدة الغارمين وخدمة المجتمع    دعاء في جوف الليل: اللهم جُد علينا بكرمك وأنعم علينا بغفرانك    3 حالات لا يجوز فيها الإرث شرعًا.. يوضحها أمين الفتوى    وزير الاتصالات: 170 خدمة رقمية على بوابة مصر الرقمية    الاستعداد للعريس السماوي أبرز احتفالات الرهبان    بالصور.. الوادي الجديد تستقبل 120 طالبًا وطالبة من كلية آداب جامعة حلوان    مصرع شاب في انقلاب سيارة نقل بالوادي الجديد    طريقة تحضير بودينج الشوكولاتة    محمد أبو هاشم: حجاج كثر يقعون في هذا الخطأ أثناء المناسك    في أحد الشعانين.. أول قداس بكنيسة "البشارة" بسوهاج الجديدة |صور    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بالفيديو| حمدين صباحى: التظاهر لن يلقى قبولاً فى الأجواء الحالية.. والأجهزة الأمنية تضخم من «25 يناير»

جدل واسع لا يمكن إنكاره، أثارته عودة حمدين صباحى للظهور مجدداً عبر لقاء تليفزيونى، ألقى به حجراً فى بركة المياه السياسية الراكدة، وها هو فى حواره ل«الوطن» يتحدث لأول مرة لصحيفة منذ انتخابات الرئاسة الماضية فى 2014، يواصل ما ظل طوال عمره يعتقد فيه، من قول «كلمة حق» ينحاز بها للغلابة الذين أتى من بينهم، ومن أجل مصر ومستقبلها وأهداف ثورتها فى 25 يناير و30 يونيو، وذلك على أرضية وطنية لا يمكن لأحد أن ينزعها عنه أو يشكك فيها.
المرشح الرئاسى السابق، مؤسس التيار الشعبى وحزب الكرامة أعاد بعضاً مما طرحه من قبل بروح ورؤية جديدة، تتسق مع المرحلة الراهنة التى تعيشها مصر، بعد ثورتين عظيمتين، وزاد عليه أفكاراً وأبعاداً جديدة، لكن معظم حديثه ركز على ضرورة إنضاج «بديل تنظيمى وطنى قوى» ينحاز لأهداف الثورة ويعمل على تحقيقها بعد أن ينال ثقة المصريين، يكون منوطاً به تقديم سياسات بديلة فى العدالة الاجتماعية والديمقراطية وحقوق الإنسان. الحوار مع «صباحى» امتد منذ المحطة البارزة فى مسيرته السياسية، وهى مشاركته فى انتخابات الرئاسة الأخيرة، وتطرق لمحاور عدة، وصولاً إلى البرلمان الحالى الذى يعد آخر استحقاقات خارطة الطريق التى باركها وباقى القوى الوطنية فى 3 يوليو. فإلى نص الحوار:
■ أثار حوارك مع الإعلامى وائل الإبراشى كثيراً من الجدل بشأن ما طرحته أثناء اللقاء واختيارك لتوقيت عودتك للظهور بالإعلام؟
- أولاً، أنا سعيد أن يكون التفاعل مع الحوار بهذه الدرجة الواسعة، وأعتبره بادرة يمكن التأسيس عليها، لننتقل من مجتمع وإعلام الصوت الواحد وتضييق الخناق على التعدد فى الرأى إلى حالة حوار، ما تحتاجه مصر هو أن تنتقل من الاقتتال، حيث كل فرد فى خندقه لا يسمع ولا يرى ولا ينطق إلا بما يريد، إلى حالة الحوار.
أنا منحاز لمشروعى «القناة» و«ال1٫5 مليون فدان» وضد «العاصمة الإدارية» و«جبل الجلالة».. وشريف إسماعيل لا يملك رؤية ولا سياسة واضحة ولا كفاءة فى الإنجاز
■ لكنك كنت عازفاً منذ انتهاء الانتخابات الرئاسية عن الظهور الإعلامى وكانت مشاركاتك السياسية محدودة أيضاً؟
- نعم، منذ الانتخابات قررت أن آخذ خطوة للخلف، بعد أن أصبح هناك رئيس منتخب نريد منحه فرصة فى أكثر المناخات ملاءمة دون ما يمكن وصفه ب«مناكفة»، وهذا مقبول سياسياً ومن باب الذوق العام، ورأيت أن ذلك كان مُقدَّراً من الناس، وأخذ وقتاً معقولاً، لكن أثناء اتخاذى خطوة للخلف لم أكن مختفياً ولا عازفاً عن أن أقول رأيى، لكن تحديداً كنت قد قررت أمرين، ألا أظهر فى وسائل إعلام، وألا أشارك فى لقاءات جماهيرية ذات طابع مفتوح، لكن طوال هذا الوقت كنت أقول رأيى عند الضرورة، ويمكن مراجعة ذلك من خلال 3 مصادر: صفحتى على «تويتر» وصفحتى على «فيس بوك» وما نُشر منسوباً لى بالصحف، وطوال الفترة الماضية واظبت على حضور اجتماعات التيار الديمقراطى، وعلى هامشها كنت أحياناً أضطر للإدلاء ببعض التصريحات الصحفية المركزة، ونشرت مقالات رأى فى جريدة «الشروق»، منها «الجمهورية الثالثة» و«سيدنا الشعب».. والرجوع لهذا الكلام سيقول إن حمدين «نعم.. كان واخد خطوة للخلف»، لكن لم يكن فى حالة غياب، إنما عزوف عن الإعلام، وهذا أول حوار صحفى أجريه فى هذا الإطار.
المرشح الرئاسى السابق ل«الوطن» فى أول حوار منذ 2014: لو تعرض أى متظاهر للقبض عليه سأدافع عنه ما دام التزم ب«السلمية».. و سعدت جداً ب«تفكيك» الخنادق المغلقة فى حوارى الأخير مع وائل الإبراشى.. وظهورى ليس مرتبطاً باقتراب ذكرى 25 يناير.. وتلقيت العديد من الانتقادات والإشادات
■ انزعجت عندما انقطعت الكهرباء؟
- مش انزعجت، لكن سألت هل هذا الانقطاع له سوابق؟ فعرفت أنه دون سوابق أو نادر الحدوث، ولهذا يحتمل كثيراً من التفسيرات، وأنا ما بحبش أقول حاجات مش واثق منها، لكن الأكيد أن هذا خدم أن يكون هناك جمهور أكثر للحوار، وفى الجملة أشعر برضا إن ربنا قدّرنى أقول كلمة كنت صادقاً فيها وعرضت رؤيتى ووصلت لجمهور واسع جداً، وأهم ما فى الأثر الإيجابى للحوار، أنى أعتبره بادرة فى اتجاه أن يكون هناك تعدد فى الأصوات فى البلد، وكسر الهيمنة على الفضاء العام، ورأيى أن هذا الاتجاه لا بد أن يشمل شخصيات عديدة فى البلد عبر وسائل إعلام عديدة، لأن إيمانى أننا لن نتقدم ولن نجابه مشكلاتنا العديدة لا بصوت واحد ولا بإماتة السياسيين ولا بأن يهيمن حلف المؤيدين بنسبة 100% على الفضاء العام، ومنه الإعلام بنسبة 100%، وسرّنى جداً أن الخنادق المغلقة تم تفكيكها نسبياً فى الحوار، لأن هناك أناساً أعلم أنهم يحبوننى أعطاهم الحوار شحنة أمل هائلة ونوعاً من رد الاعتبار، وهذه نتيجة عظيمة.
■ ما أبرز الأشياء التى شعرت أن الناس مختلفون معك فيها؟
- هناك ناس انتقدتنى لأنى ركزت على قضايا الحريات، أعلى من تركيزى على قضيتى الرئيسية وهى قضية الفقراء والعدالة الاجتماعية، وهذا الكلام أستقبله باحترام شديد، وجرى انتقادى لأنى لم أطرح بدائل فى قضايا بعينها، وأنا مرحّب بهذا، وسبب ذلك أن الحوار لم يكن داخلاً فى تفاصيل حول حل قضايا الزراعة والتشغيل مثلاً، ولدىَّ مشاريع إجابات فى قضايا كتلك، وأؤيد بالطبع أن كل حوار يقدم بدائل. أيضاً جرى انتقادى فى أن أعلنت تقديرى فيما يتعلق بسؤال «هل الشباب ينزلوا 25 يناير ولّا لأ»، وكان رأى ناس كتير إنى ما أقولش رأيى، وقلت إننى لم أدعُ، واعتبروا ذلك موقفاً منى، وطلبت من الشباب الداعين للنزول أن يسألوا أنفسهم بعض الأسئلة، أهمها من وجهة نظرى: فى أى حركة جماهيرية، وما هو موقف الشعب، هل هيرحبوا ولّا لأ؟
■ هل ترى أن الناس لديها قبول أم لا؟
- مع تقديرى لكل واحد يبدى رأياً فى هذه المسألة، لكن فكرة التظاهر فى الأجواء الموجودة حالياً، لا أظن أنها ستلقى قبولاً، واللى عايزين يدعوا للتظاهر، إذا كانوا مطمئنين وعندهم تقدير إن الجماهير تطلب هذا التظاهر أو ترحب به أو حتى تقبله بحياد، يبقوا هُمّا مُحقين، ولو اتقبض على أى حد فيهم هدافع عنه، سواء كنت متفقاً معه أو لا، لأن هذا حق لأى مصرى ما دام ملتزماً بالسلمية، لكن ما أرجوه أن يحسب بعقل بارد وليس فقط بقلب حامٍ الإجابة عن سؤال جوهرى: إذا نزلنا الشارع دلوقتى الناس هتدعيلنا ولّا هتدعى علينا، هتحدفنا بالورد ولّا تحدفنا بالطوب، مش لازم تشارك معانا أو ما تشاركش.. إذا كانت الإجابة «نعم» فالتظاهر صحيح.
■ كرجل شارع.. ما تقديرك للمشهد المرتقب فى 25 يناير؟
- رأيى أنه هناك تضخيماً قد يكون متعمداً من أجهزة أمنية، للحديث عن 25 يناير، وأعتقد أن ربط هذا اليوم الذى يعتبر أعظم ما أنجزنا كمصريين بشهادة الدنيا كلها، من تحرك شعبى، بأن يكون مدعاة للقلق والخوف ورعب الناس فى البيوت، هو نوع من أنواع رغبة قوى معادية لهذه الثورة فى أن تجعل من هذا العيد الوطنى العظيم، بدلاً من استعادة الفخر وتواصل روح عظيمة بنّاءة أظهرتها مصر بكفاءة فى الميدان، روح وحدة وتنوع وأمل، وقوة شعبية وثقة فى النفس والمستقبل، هذه القوى المعادية توجد محاولة لإسباغ صورة مفتعلة على 25 يناير، وهى الخوف، وأظن أن هذا مبالغ فيه، وتسببه قوى مضادة، لأهداف وغايات 25 يناير.
■ تتوقع نزول الإخوان للشارع فى هذا اليوم؟
- رأيى أن قدرة الإخوان على الحشد تقل باطراد، منذ 30 يونيو، حين وقفوا بصلف ضد إرادة الشعب المصرى الذى خرج بالملايين، وضعوا أنفسهم فى موضع حرمهم من أهم مصدر لقوة أى جماعة سياسية، وهو الحاضنة الشعبية والقبول والرأى العام المتعاطف، وما زالوا فى هذا الحرمان. والشىء الوحيد الذى يخدم الإخوان هو الأداء والاختيارات الخاطئة للسلطة، ونحن فى هذا الأمر لم نقدم حاجة خطيرة تغير أياً من موازين القوى فى 25 يناير، شباب الثورة عمره ما كان مرتبطاً بالإخوان، والمحسوبون على معسكر الثورة فيهم من يرى النزول ومن لا يرى النزول، وكل طرف لديه وجاهة فيما يستند إليه، وفى كل الأحوال مفيش حاجة هتغير موازين البلد، لا موازين القوة ولا السلطة، لأنه لا يغير موازين القوى لا جماعة إخوانية ولا أصوات ثورية.. اللى بيغير الشعب، وهو الآن غير راضٍ من وجهة نظرى، لكن عدم رضاه لا يترجمه إلى أنه عايز يغيّر، لأسباب عديدة، منها إنه مش عايز «يشمّت» الإخوان، وخوفه على الدولة ودرجة تماسكها، وعدم ثقته فى وجود بديل، ومنها -وهو الأهم- أن هذا الشعب نزل مرتين فى طوفان جماهيرى، فى 25 يناير و30 يونيو، ودفع ثمناً غالياً بدم الشهداء، ولما دفع الثمن لم يتسلم البضاعة، وهى العيش والحرية والعدالة الاجتماعية، لا أخذ عدالة وحرية بعد 25 يناير، ولا أخد عدالة وحرية بعد 30 يونيو، والشعب ذكى وصاحب خبرة تاريخية، ولازم يسأل نفسه، افرض إنى نزلت فى 25 يناير المقبل ودفعت ثمناً، ما الذى يضمن لى أننى سأحصل على ما لم أحصل عليه فى المرتين السابقتين، دون أن يرى بديلاً جاداً موثوقاً فيه وقوياً من قوى مدنية ديمقراطية، عايزة فعلاً عيش وحرية وعدالة اجتماعية، قبل أن ينضج هذا البديل فى وضعه التنظيمى واكتسابه ثقة الناس، لا أعتقد أن الشعب المصرى سيكون بوعيه الجمعى مهيأً لذلك.
■ هل هذا البديل يمكن أن يتوافر قريباً؟
- البديل ده مش مرتبط بزمن، إنما بشروط، وجزء منها أن البديل الوطنى الديمقراطى لا بد أن يمتلك رؤية وهى موجودة، ولا بد أن يقدم سياسات بديلة، وهى موجودة، لكن لازم تنضج، ولازم الشارع اللى أنا بخاطبه يحس إن لو أنا عايز أبقى بديل أعرف أحل مشكلات الناس وهذا ما أسميه أن القوى الوطنية مطالبة بأن تنتج وتضخ للمجتمع سياسات بديلة قابلة للتطبيق تقدم حلولاً ممكنة لمشكلات مصر فى كل مستوياتها، وهذا الشرط ليس موجوداً، لكن حتى لو موجود فإنه غير كافٍ وحده، فهناك شرط التنظيم، وهو ما أسميه الفريضة الغائبة التى عجزت القوى الشعبية وطلائعها الثورية عن تحقيقها، فى يوم 11 فبراير أُكره مبارك على ترك موقعه، ولو أن القوى التى كانت موجودة فى الميدان كان لديها الحد الأدنى من التنظيم، وتمتلك جبهة وطنية منظمة أو تمتلك تنظيماً منظماً أو شبكة علاقات منظمة، كان من الممكن أن تطرح بدائل توفر على مصر 4 سنوات من توالى الانتقال، لكن افتقاد التنظيم جعل الجماهير قوة ساحقة لا تُرَد عندما تحضر بالملايين، لكن عندما تعود هذه الجماهير لبيوتها، المعبرون عنهم من الطلائع أو النخب، لم يتمكنوا من مواصلة طريق الثورة، لأسباب فى جوهرها أنهم افتقدوا شرط التنظيم، وهو تعبير عن جسم يحمل آمال الجماهير ويخلص لها، عشان كده الثورة اتسرقت، واتسرقت ممن عندهم تنظيم، وكان الإخوان هم الأكثر تنظيماً، فدخلوا فى تفاوض مع المجلس العسكرى، ولما تبقى قوة غلاّبة لكن مش عارف تكلم مين من القوة الغلاّبة دى، فتلاقى جزء من هذه القوة منظم، فبالتأكيد فى آليات الصراع من يملك قدرة على أن يوحّد صوته وإرادته وحركته يكون مهيأً لحصد النتائج.
■ هل ما زال حمدين صباحى يفكر فى أن يكون بديلاً للسلطة القائمة؟
- لا، أنا أفكر فى بديل وطنى وثورى للسياسات الحالية، وهذا البديل ينضج، طب افرض إن السلطة وفرت العدالة الاجتماعية والديمقراطية وحقوق الإنسان، هذا أقرب وأسهل وأحسن حالاً، ويبقى إحنا وفرنا على هذا البلد تكلفة صراع وتنافس ضرورى لتحقيق هذه السياسات، ولو الحكومة ما خدتش بهذه التصورات يبقى تشكلت قوة ضغط جادة تجعل السلطة تفكر فى أنها إذا ما أخدتش بهذه السياسات هتخسر ناس، مش تخسر حزب أو جماعة أو أصحاب وجهات نظر، الرهان كله على الناس، الناس عايزة تعيش كويس، وأنا بقدم الحلول والناس بتقول «لا الحل ده أفضل من اللى بتقدمه السلطة»، فالناس هى اللى هتحكم، أريد للناس أن يكونوا طرفاً مباشراً فى الاختيار وتحديد المستقبل والسياسة اللى تفيدهم، هنا عايزين ننقل الصراع من أسماء أشخاص أو أحزاب إلى أن يكون على رؤى وتصورات وسياسات وبرامج عمل.
■ هل ندمت على مشاركتك فى الانتخابات الرئاسية الماضية التى نافست فيها المشير عبدالفتاح السيسى؟
- ربما كان تقديرى الشخصى ألا أخوض الانتخابات الرئاسية الأخيرة، لأن أنا رجل على وتر الشعب، وكنت حاسس إن الاتجاه الشعبى فى اللحظة دى، كان بفعل حالة صراع محتدم وتهديد بالعنف واستعلاء على إرادة الشعب اللى عمله الإخوان، بالتأكيد لم أكن أرى أن فرصى فى هذه المنافسة كما كانت فى أى انتخابات سابقة، لأنى عمرى ما دخلت انتخابات لتقضية واجب أو مش واثق فى الفوز. كان فى الانتخابات الرئاسية الأخيرة عاملان مهمان أمامى، الأول أن هناك قطاعاً معتبراً جداً من الشباب المؤمنين بهذه الثورة، كان يرى أنه لا بد أن يكون له صوت وتجسيد فى الانتخابات، وأنه لا يصح بعد ثورتين أن تعجز قوى الثورة والقوى المدنية عن تقديم مرشح، وكان ده كلام له وجاهته، وبلغ بالنسبة للبعض أن قال «إذا ما اترشحتش يبقى إحنا هنهاجر من البلد أو نبقى إرهابيين»، واحترمت هذا الرأى وقدّرته وأردت أن أنتصر لهؤلاء الشباب وألا أخذلهم، والشىء الثانى إنى كنت شايف أنه إذا جاء مدد من الله فى الانتخابات يمكن ننجح، أو على الأقل ممكن نشكل جسماً (تيار وطنى) متماسكاً مؤمناً بالثورة لديه برنامج، طرح خطابه على المصريين وسمعوه وقالوا ممكن ما نديش أصواتنا له، لكن شايفين إن الحلول دى كويسة وممكن تبقى أداة إما تأخذ بها السلطة الجديدة، أو نضغط بهذه السياسات على السلطة الجديدة لكى تحققها لصالح الشعب.
■ وهل نجحتَ فى تحقيق أى من تلك الأمنيات؟
- لا.. من وجهة نظرى النجاح فى ده كان محدود، لكننا حاولنا، وهذا هو الشرف.
■ لكن لم تندم؟
- إطلاقاً، لأن لما نيجى فى لحظة زى اللى إحنا فيها ونقول عايزين قوى وطنية تبلور نفسها وتقدم بدائل، ويكون مفيش صوت واحد فى البلد، أبسط سؤال هيُطرح عليك: أنت جاى تقول الكلام ده دلوقتى، ما كانش واحد فيكم قادر يترشح ضد السيسى؟ على الأقل نحن كفينا أنفسنا شر هذا السؤال وقدمت قوى الثورة وشبابها مرشحاً فعلاً، الناس ما اختاروهوش وده حقهم، لكن هل هم قدروا يقدموا مرشح؟ نعم، هل كان عنده برنامج؟ نعم، هل البرنامج كان أصلح لمصر؟ نحن واثقون من ذلك، وعرضنا أنفسنا على الشعب وهو الذى قرر، جملة هذه الأسباب، مع عوامل أخرى، لا بد من استدعائها كلما فكرت فى انتخابات الرئاسة، ولهذا أنا فخور أنى خضت انتخابات 2014 ولأن مصر ما كانتش صوت واحد ولا هتكون صوت واحد.
■ هل توقعت الأرقام التى خرجت بها نتيجة الانتخابات؟
- الأرقام أنا قلت رأيى فيها، هذه أرقام لا أثق فيها على الإطلاق، وقلت: أياً كانت الأرقام الحقيقية فأنا تقديرى أن السيسى كان هينجح، برؤيتى للحس الشعبى، وأنا قبلت الترشح إكراماً لخاطر شباب مؤمن بثورته ولمعنى أن مصر فيها بدائل وأن قوى الثورة والقوى المدنية تقدر تقدم مرشح..إنى أترشح، قبلت أكون مش مع التيار العام ده لمرة، خدمة له، وألا يكون رهين قبضة مرشح واحد وصوت واحد ورؤية واحدة، خصوصاً إنه ما اتقدمش برنامج من المرشح المنافس.
■ ما اللحظة التى شعرت فيها أنك أخطأت التقدير؟
- كنت أعرف سلفاً أننا مش على وتر الناس من حيث هما كانوا عاوزين ما يمكن وصفه ب«عاجبنا الحال كده حتى لو ما اتحققتش أهداف الثورة بس ننجو من مأزق مواجهة عنف الإخوان والجماعات الأخرى فى سيناء وغيرها». وشعبنا واعٍ فى الحفاظ على دولته ومطلبه الإنسانى إن إحنا نعيش فى أمان، وهذا كان عاملاً مهماً يتقدم على عوامل أخرى منها حقوق الناس وطلباتهم اللى لا نسيوها ولا تنازلوا عنها، زى العيش والحرية، لكن خطر الإرهاب يجعلهم يأجلونها نسبياً ومؤقتاً لحد ما يطمّنوا إن حق الحياة اللى مقدَّم على أى حق ممكن حمايته.. ده اللى تم. إذا كان هناك ما أعتبره خطأ، فهو أننى كان معلوماً لى مسبقاً أنى كنت فى صدام مع الرأى العام.. بس ليه أنا قبلت إنى أضع نفسى هنا؟ أولاً: أن هذا يتسق مع فريق من المصريين أنا بالغ اليقين فى إخلاصه أن من حقهم يبقى لهم صوت معبر فى الانتخابات. ثانياً: كان بيقدم بقى للناس دى فى اللحظة دى من يقول لهم نعم أنا مع مواجهة الإرهاب لكن أنا مع إنكم تعيشوا فى حياة ديمقراطية، فى عدالة اجتماعية، فى حرب مع الفساد، وإن تقديم الحرب على الإرهاب لا يعنى إلغاء ولا يعنى تأجيل أو حذف مطالب العيش والحرية والعدالة الاجتماعية من على باب أعمال الوطن، المسألة إزاى كنا نتقدم بطريقة متزنة فى مواجهة هذه التحديات، فالتجربة فى كل الأحوال بما فيها من مبررات منطقية، ونتائج سلبية وإيجابية كانت تستحق أن تُخاض.
الشعب الآن غير راضٍ لكنه لا يترجم عدم رضاه لأنه مش عايز «يشمّت» الإخوان.. وخائف على الدولة ولا يثق فى وجود بديل.. وتقديرى أن الجمهور العام فى مصر يريد إصلاحات حقيقية لكنه لا يرحب بالتظاهر.. وأرجو أن نجيب عن هذا السؤال ب«عقل بارد» وليس ب«قلب حامٍ»: لو نزلنا إلى الشارع حالياً.. الناس ستستقبلنا بالورود.. أم تحدفنا بالطوب؟
■ هل فكرت أن تنسحب من الانتخابات؟
- نعم فكرت أنسحب عندما تم مد التصويت ليوم ثالث، والأخذ بهذا الرأى ساعتها كانت له مبرراته، لكنى لم أستطع تحمّله، لأنه كاد يؤدى لإراقة دماء بريئة، يعنى لو كنت انسحبت لأسباب بالغة الوضوح والمنطقية كان طبيعى الشباب اللى كان رأيهم أنسحب ينزلوا الميادين يعبروا عن احتجاجهم وشفت إن الإخوان هيستغلوا اللحظة دى، وكان ممكن يحصل صدام، وأنا أعتبر أن التنافس السياسى مهما كانت حدته إذا وصل للتضحية بأرواح بريئة يفتقد أساسه الأخلاقى. كان ممكن أنسحب وبالنسبة للبعض ده مبرر وبالمنطق مد اليوم الثالث غير مبرر لكنى تحملت أن أتسق مع ما أسميه أخلاقيات العمل السياسى اللى أنا مؤمن بها، والشباب انزعجوا منى جداً وبعضهم غاضب منى حتى الآن وينتقدنى بضراوة، لكنه معذور، لكن بعد وقت رأى أن القرار كان فيه شىء من الحكمة.. وبشكل عام عندى أخطاء كثيرة فى التجربة بس مفيش عندى حاجات تدعونى للندم.
■ وهل ستخوض الانتخابات المقبلة؟
- أنا مش مهيأ نفسياً أخوض أى انتخابات، لا رئاسة جمهورية ولا جمعية خيرية وحاطط نفسى فى موضع إنى منتمٍ لفكرة أكبر منى، والفكرة دى نضجت وأينعت وعملت أعظم وأروع ما يمكن أن أفخر به اللى هى 25 يناير و30 يونيو وخروج جماهير بالملايين تطلب حقها، عايز أكمل ده كمواطن، فيه حاجتين علشان الثورة تكمل، لازم آليات ديمقراطية، عندها تتوافر شروط ممارسة سياسية فى بلد يحكمه القانون.
■ هل ترى الآليات غير موجودة؟
- غير موجودة، لكن عندى أمل نوجدها، ونخلق مجتمعاً ديمقراطياً قادراً على تحقيق أهدافه، والحقيقة أن هذا هو هدف الثورة، لأن الثورة مش حالة فوران دائم وإنما حالة هدد وبناء، هدّينا رأس نظامين، لكنهما موجودان بسياستهما إلى الآن. من 6 شهور ربما بمناسبة ذكرى ثورة 23 يوليو قلت فى لقاء إن الناس لما طلعت فى 25 يناير عندها حلم نبيل، ولما اختُطف طلعت فى 30 يونيو وصوّبت ذلك، والناس كانت تأمل أن الرئيس المنتخب ييجى عشان يؤسس جمهورية جديدة بسياسات جديدة تعبر عن الأهداف اللى ناس طلبتها فى 25 يناير و30 يونيو، ولهذا كنت أفضل، وما زلت، أن يكون عبدالفتاح السيسى الرئيس الأول فى الجمهورية الثالثة، فإحنا أسسنا الجمهورية الأولى بعد 23 يوليو، والثانية ربما بعد 15 مايو، وبعد ثورة 25 يناير و30 يونيو، هذا البلد يحتاج لسياسات جديدة، ورؤى تتسق مع الثورة، وقدرة على الإنجاز الوطنى، والمؤسف أنه حتى الآن يبدو أنه الرئيس الرابع فى الجمهورية الثانية، لأن نفس السياسات فى قضية العدالة الاجتماعية والحريات هى نفس السياسات. والجمهورية الثالثة ينبغى أن تأخذ الأفضل من كل تاريخنا وألا تكون نسخة من الأولى ولا التانية، وتقدر تاخد من الأولى معانى العدالة الاجتماعية والانتصار للفقراء والتحرر الوطنى واستقلال الإرادة الوطنية، وتاخد من التانية الحريات لكن لا تكون ديكورية إضافة إلى قيم التعدد واحترام حقوق الإنسان، وتاخد من العالم من حولنا، فنحن شعب فى قلب أمته العربية والعالم وفى عصر مفتوح، تسرى الأفكار فيه فى لحظات. الناس لما طلعوا فى 25 قالوا «عيش حرية عدالة اجتماعية»، ولما طلعوا فى 30 قالوا دولة مدنية ديمقراطية حديثة، اللى جه بعد دول جاى بسببهم. أسس بقى الجمهورية الثالثة أيها الرئيس المنتخب.
أنا مع الدولة فى مقاومة الإرهاب.. لكننى ضد الإسراف فى أحكام الإعدام.. ولن أتحاور مع «أبوالفتوح».. و قدرة الإخوان على الحشد تقل باطراد منذ 30 يونيو.. والشىء الوحيد الذى يخدمهم هو الاختيارات الخاطئة للسلطة.. والسياسات البديلة «فريضة غائبة»
■ إعادة توزيع الثروة يعنى التأميم؟
- لأ، مصر مش محتاجة تأميم بالمناسبة، مصر محتاجة خطة قايمة على أساس إن البلد دى «دولة غنية وشعب فقير».
■ لكن هل يستطيع «السيسى» والحكومة فعل ذلك فى سنة ونصف السنة؟
- لأ.. بس يلحق يقول إن ده طريقه.. فى أسبوع ونص. ولما يقول فى أسبوع ونص أو شهر ونص بحد أقصى إن ده طريقى، أنا أمشى معاه، نوصله بعد 5 سنين، بعد 10، بعد 20، بحسب الأحوال، لكن أزمة مصر الآن أنها تفتقد الطريق وأزمة السلطة أنها بلا رؤية. وما تقدرش هذه السلطة تطلع تقدم خطاب يقنع المصريين إن ده طريقى، أنا عاوز رؤية تحدد لى الطريق، وبعدين هقطع الطريق فى سنة ولا 2 ولا 3 وهقابل كام مطب وهيعوقنى إيه، كل ده وارد.
■ كيف ترى المشروعات القومية: قناة السويس والطرق والمليون ونصف المليون فدان؟
- طبعاً فيه إيجابيات وسلبيات. أنا من المنتصرين لمشروع توسيع مجرى قناة السويس، واعتبرته مشروعاً أولاً فيه رمزية هائلة مصر كانت محتاجاها، وله علاقة بأغنية من زمن «عبدالناصر» الجميل «من أموالنا بإيد عمالنا» الشعب دفع الفلوس والمصريين أنجزوا توسيع المجرى، هذا المشروع الجوهر فيه هو هذا المعنى، أما عائده الاقتصادى فرأيى أنه ليس توسيع المجرى، إنما المنطقة الاقتصادية، وأن تُقام منطقة اقتصادية كاملة على امتداد المجرى. هذا المشروع قدمته فى برنامجى، لتنمية القناة كمنطقة اقتصادية تضع مصر على خريطة العالم الاقتصادية، ولهذا أيدت المشروع وما زلت أرى أنه فى لحظته كان علامة ينبغى لمصر أن تلتف حولها، رغم أنه لم تكن أمامنا دراسات جدوى كاملة له، ودعمته كفاتحة للمنطقة الاقتصادية التى تعتبر أكثر جدوى اقتصادياً وسياسياً، والشعوب تحتاج فى لحظات لأشياء تشعرها بالأمل، وكنت سعيداً بطوابير المصريين لشراء شهادات المشروع واشتريت شهادات باسم حفيدتى، وأنا من أنصار فكرة الاكتتاب، كأداة تمويلية رئيسية لأى مشروع، لكن أنا بنفس هذه الروح، أرى أننا الآن داخلين نُستدرَج إلى هوة خاسرة اسمها «العاصمة الجديدة»، وهى مطروحة باعتبارها من المشروعات الكبرى وأنا بوضوح ضد هذه المشروعات الكبرى، لعدة أسباب، وفيه حديث الآن عن مشروع ضخم فى «جبل الجلالة» أنا ضده تماماً.
■ لماذا ترفض هذين المشروعين؟
- رأيى فى كل المشروعات التى تسمى مشروعات كبرى أنها تفتقد بعض العناصر الرئيسية، التى تضمن نجاحها، أولاً تفتقد أن تكون جزءاً من خطة قومية للتنمية، وتبدو مشروعات متناثرة مفيش عقل واحد يقول كيف ستتكامل، وإذا تكاملت هى موجودة فى إطار أى خطة، والخطة دى بتحقق أهداف إيه؟ كما أنها تفتقد للنقاش العام والعرض على الشعب ولم تحظَ بنقاش مجتمعى أو أن يقول خبراء وجامعات ومراكز بحوث وآحاد الناس -إن أرادوا- رأيهم فيها. وتفتقد لفكرة الشفافية. العاصمة الإدارية دى مبنية ليه وهتتبنى بكام، ومين اللى هيسكن فيها وهتجيبلنا عائد أد إيه؟ يبقى إحنا شعب مغيّب، بتعمل لى عاصمة أنا مش شريك لا فى طرح فكرتها ولا فى دراسة جدواها، ولا متأكد هاستفيد منها إيه أو هتخسّرنى إيه؟
■ ما رأيك فى البرلمان الحالى وما ردك على انتقادات للقوى الوطنية أنها لا تستطيع خوض المنافسة؟
- البرلمان به عناصر محترمة وشريفة أثق أن أداءهم سيكون محترماً، لكن من نجح منهم عبر آلية الانتخابات نسبته أقل من 3%، وأرى أن تقارب النسب فى الانتخابات الرئاسية وأيضاً المعارضة داخل البرلمان هو رسالة الهدف منها أن مصر موحّدة، فهناك حقل مركزى فى البلد يريد أن يصوّر مصر أمام العالم وشعبها، أن عندها حالة ما يشبه الإجماع، وطبعاً ما أسميه قدرة مصر على التماسك هو ضرورة وسط تحديات كثيرة، لكن إخراج هذا التماسك من حيث الصورة بأنه صوت واحد، هذا به تجاوز، لأنه يشبه تأميم السياسة فى مصر، والرسالة الكلية منه هى الادعاء أن مصر طابور واحد، وما يمكن أن يكون معارضة يبقى دائماً «هامشىّ» إلى درجة الرغبة فى إزاحته عن المشهد وإخراجه تماماً.
■ لماذا لم يخض التيار الديمقراطى الانتخابات؟
- وجدنا أن المناخ السياسى هو مناخ استقطاب حاد، يبدو فيه أن كل صوت معارض ولو بوطنية رشيدة جداً.
■ ألا ترى أن هذا البرلمان به التنوع فى ظل وجود نسب الشباب والمرأة والأقباط؟
- لا، فهذا التنوع صورى. شىء محمود وإيجابى أن لدينا فى البرلمان شباباً وامرأة وأقباطاً، لكن ما نوع الخطاب الذى يقدمه هؤلاء، هذا ليس تنوعاً فى الرأى ولا تعبيراً عن جدل مصالح، فرغم شكلية البرلمان، وهو شىء مرحب به، لكن من حيث المضمون والمحتوى موضوع آخر. هذا تعدد وتكاثر لنفس النوع لكنه ليس تنوعاً حقيقياً.
لم أندم على خوض «الرئاسية» أو التحالف مع الإخوان.. ورجعت خطوة إلى الخلف لمنح الرئيس فرصة العمل دون «مناكفة».. وما زلت أتمنى أن يكون «السيسى» أول رئيس للجمهورية الثالثة.. وألا يظل «الرابع» للجمهورية الثانية.. و«السيسى» كان سينجح فى الانتخابات الرئاسية لكنى لا أثق فى الأرقام على الإطلاق.. وفكرت فى الانسحاب لكنى خشيت من نزول الشباب إلى الميادين
■ لكن كل هؤلاء نجحوا من خلال الانتخابات؟
- الانتخابات صُممت بالمناخ السياسى الذى شرحتُه والقوانين التى رفضناها، وبالتدخل الذى جرى فيها، وبالأخص «المال الفاسد» والتدخل الفج للأمن، وتم نشر شهادات عن درجة هذا التدخل، والذى أراه معيباً. ألف باء فى أى بلد يريد أن يبنى دولة ديمقراطية، أنه يفصل ويوازن بين السلطات لكننا نكتشف أن السلطة التنفيذية عبر الأجهزة الأمنية لاعب رئيسى فى صناعة العدد الأكبر لنواب قائمة «فى حب مصر»، ربما لم يتم تزوير فى الأوراق لأننا ليس لدينا وقائع، لكن هناك وقائع لتدخّل الأمن والمال السياسى.
■ هل كنت تتوقع أن تكون من بين المعيّنين؟
- بالتأكيد لم أتوقع ذلك نهائياً، ولم يرد على بالى بالأساس.
■ وإذا عُرض عليك.. هل كنت ستقبل؟
- لا.. وكنت سأشكر وأعتذر لأنه ليس مكانى، وهذا موقفى من التعيين فى كل شىء.
■ وكيف ترى قائمة المعيّنين؟
- أرى بها أسماء جيدة ولمعرفتى الشخصية ببعضهم فأنا متفائل لوجودهم فى البرلمان مثل الدكتور جمال شيحة، وأنيسة حسونة، لكن توجد أسماء بين المعيّنين تثير الدهشة، فلا يليق أن يكون من بينهم أحد يتناقض مع الدستور والاعتراف بثورة 25 يناير، هناك من بين المعيّنين كما وصفتهم «أنكر الأصوات فى تسفيه 25 يناير»، وأندهش أن رئيس الجمهورية، الملتزم بالدستور، يأتى بهم، وسؤالى: هل إذا كان هناك من يجاهر بأن 30 يونيو «انقلاب» هل الرئيس كان يمكن أن يأتى به معيناً فى البرلمان؟
■ ما رؤيتك للانحيازات الحقيقية للرئيس السيسى؟
- الرئيس السيسى حتى هذه اللحظة هو الرئيس الرابع فى الجمهورية القديمة، التى أسقطناها، وهذا ليس مسئوليته ولا تكليفه الشعبى، والأمل والعشم فى «السيسى» من الجماهير التى خرجت تفضل موقفه وموقف الجيش فى 30 يونيو، كان الرهان على المستقبل فى تغيير السياسات التى ثار الشعب عليها، وعاوزينه باختصار أن يكون الرئيس الأول فى الجمهورية الثالثة.
■ هل نظام مبارك كان أقوى منه؟
- بقايا نظام مبارك مدسوسون فى أجهزة الدولة وبين أصحاب المال، وأى رئيس لا بد أن يدرك أنه أقوى من هؤلاء، وأنهم نمور من ورق، فإذا كانت لديه إرادة أنه «يولّع فيهم» فهم لا يمثلون أى تحدٍ حقيقى نهائياً، وممكن أن يقوموا بمناكفات، وأؤكد للسيسى أنه أقوى منهم، لأنه جاء من صفوف الدولة وبالتالى يعرف أجهزتها ويستطيع التعامل معها، وأنه جاء بأغلبية شعبية رغم تناقصها، لكن ما زالت له شعبية، هذا الرجل كان المفروض أن يستغل اللحظة التاريخية التى يعيشها، ويحسن إدارتها لصالح الغلابة والأهداف النبيلة اللى المفروض أنها «بديهيات»، وأنا لا أطلب من «السيسى» أكثر من شيئين، هما أن «الثورة هى اللى جابته، مش هو اللى جابها» وبالتالى يخلص لهذا ويعلنه ويبعد أعداءها بطريقة قاطعة، بدون الالتباس الموجود، والأمر الثانى تطبيق الدستور روحاً ونصاً. هذا هو الأفضل والأصلح للسيسى شخصاً ورئيساً وللسلطة وللشعب وللمجتمع. «السيسى» لم يبدأ وضع مصر على هذا الطريق حتى الآن. هذه سكة السلامة للسيسى. «مبارك» سار فى سكة الندامة، و«مرسى» فى سكة اللى يروح مايرجعش، ونريد أن يسير «السيسى» فى سكة السلامة، لأنه كلما طال عليه الوقت فى السلطة دون أن يقدم على هذا فإنه فى الحقيقة يعيد إنتاج نظام قديم، ومن يعمل بنفس المقدمات، سوف يصل لنفس النتائج.
■ كيف تقيّم تحالف «دعم مصر»؟
- هو إعادة إنتاج رخو لتجربة الحزب الوطنى، وأغلبية البرلمان ستكون أغلبية الموافقة، ودورها فى رقابة السلطة والتشريع مشكوك فى استقلاليته لأنها قالت عن نفسها إنها جاءت من أجل أن «تخدّم على السلطة»، وهم يتنافسون فى إرضاء السلطة وهذا البرلمان ليس البرلمان الذى يبنى جمهورية ثالثة بالتأكيد.
■ ما رأيك فى اختيار «دعم مصر» على عبدالعال رئيساً للمجلس وسليمان وهدان والسيد الشريف وكيلين؟
- لا أحد من هؤلاء يثير لدىّ الأمل، ولن يصنعوا برلماناً يخدم ما أريده لمصر، وهم أقرب إلى أن يحافظوا على الجمهورية القديمة بسياساتها ومصالحها ومراكز النفوذ ومراكز احتكار الثروة والسلطة القديمة، وهذا هو الخطر على مصر.
■ هل بالفعل أنت مَن طلبت حضور «لقاء الجلاء» ؟
- نعم أنا من طلبت الحضور لأن هذه اللحظة كان يجب أن يحضرها جميع قادة التيار الديمقراطى.
عمرى ما استعديت الجيش.. و«شويقة» أعاد معنى «الفدائى».. وأنا الذى طلبت حضور لقاء الرئيس بعد استشهاد جنودنا فى سيناء.. وذهبت إلى افتتاح القناة الجديدة لأن كان نفسى الناس تفرح.. ولكن تم التعامل معى بطريقة «غير لائقة»
■ وفى احتفال قناة السويس هل طلبت الحضور أيضاً؟
- لا. تلقيت دعوة، ولم أكن راضياً عن طريقة التعامل معى فى هذا الحفل، واعتبرتها «غير لائقة»، لكننى لم أركز على ذلك، إنما ركزت على معنى أن «نفسى المشروع ينجح والناس تفرح».
■ تقول إن لديك تصورات شاملة بخلاف تصورات الدولة للحرب ضد الإرهاب.. هل من بينها المصالحة مع الإخوان؟
- أريد أن تتصالح مصر بأكملها، ولست مهتماً بالمصالحة إنما أنا مهتم بالتوافق الوطنى، ولا أدعو للاصطفاف على طريقة أننا طابور فى مدرسة رياضية أو ثكنة جيش، فالإخوان كتنظيم، أرى أنه بخلاف الحكم القانونى بحظرهم مثل «الحزب الوطنى»، هما الاثنان يستحقان الحظر، أما كأفراد فيرجعون إلى قاعدة أهم وهى قاعدة المواطنة، وتحكيم القانون مع الحاكم السابق والأسبق وحزبيهما، فمن أفسد أو مارس الإرهاب أو حرّض عليه نحاكمه بالقانون، وأثناء المحاكمة نحترم آدميته بلا إهانة.
■هل يمكن أن تشارك فى حوار مع عبدالمنعم أبوالفتوح رغم عدم اعترافه بخارطة الطريق فى 3 يوليو؟
- لا، وأتمنى أن أكون فى حوار مع كل رجل وطنى، وأعتبر عبدالمنعم أبوالفتوح رجلاً محترماً جداً، ومن أجل الدخول فى هذا الحوار، لا بد أن نحترم إرادة الشعب فى 25 يناير و30 يونيو بنفس الطريقة، وأن تكون هناك «أرضية» أساسها احترام الإرادة وأهداف الثورة ومبادئ الدستور، وأقول هذا لأن مصر تحتاج إلى بناء كتلة تنهض بها وتصالح الدولة على الثورة، وتسد «الهوة العميقة» بينهما، وما يقضى على هذه الهوة أن تكون هناك رؤية لقوى الثورة للبناء وتقديم بدائل ويكون لدى السلطة بصيرة ورؤية للنهوض بالبلد، وعلى هذه الأرضية ستلتقى قوى كثيرة بعضها فى الدولة والآخر فى الشارع.
■ ألم تندم على تحالفك مع الإخوان فى 2012 من خلال حزب الكرامة؟
- لا.. لم أندم، لأننى لا أصدر أحكاماً مطلقة على أحد.
■ كيف استقبلت خبر إعدام محمد مرسى؟
- لم أسترح أبداً بهذا الإسراف فى استخدام حكم الإعدام، فالإعدام ليس هو الحل. وأرى الآن إفراطاً فى الاعتداء على حريات الناس وكرامتهم وأكل عيشهم وتهديد منازلهم، ونرغب فى عدالة اجتماعية تضمن حساباً جاداً لمن أفسدوا وأهدروا الدم أو الثروة ومن احتقروا الدين أو السلطة، وبعد ما نتحاسب ونتصالح نفتح سكة للأمام، لا يكون فيها حزب للإخوان أو الحزب الوطنى إنما احترام آدمية أعضاء الحزب الوطنى والإخوان، نعم، وحقوقهم كمواطنين وأن يكون القانون الفيصل.
■ كيف ترى دعوات تغيير الدستور؟
- هى دعوات بها من الحُمق أكثر مما فيها من الرشد، وفيها من النفاق أكثر ما فيها من المصلحة.
■ البعض يأخذ عليك انتقاداتك للجيش رغم أنك ناصرى؟
- عمرى ما انتقدت الجيش، ليس لأنه مؤلّه على النقد، لكننى لأننى أدرك أن الجيش هو المؤسسة الرئيسية فى بنية هذه الدولة، وأعرف تاريخه الوطنى وأثق فى وطنيته وأراهن عليه، ثم إننا فى صراعنا الحالى انحاز الجيش الانحياز الصحيح للشعب فى 25 يناير و30 يونيو، ويقدم تضحياته كل يوم، لكننى ضد أمرين. مبدأ أن الجيش يحمى ولا يحكم لا بد أن يُحترَم، وأى تجاوز له بأنه يُقحَم ليحكم فهذا يضر الجيش والبلد، وأريد دولة مدنية لا دينية ولا عسكرية، وهذا ما طالب به المصريون وما قطع به الدستور، ولا أريد للجيش أن يحمل فوق طاقته من إسناد مهام له إلا فى حالات الطوارئ، فإننى أريد الطوارئ استثناءً وليس قاعدة.
■ البعض ينتقد رد فعلك تجاه الأحداث الإرهابية ويعتبرك مقصراً فى إدانة الإرهاب. ما ردك؟
- أكثر شخص احتفيت به هو المجند «محمد أيمن شويقة» وهو شهيد حقيقى فدائى أعاد لمعنى الفدائى حضوره.
■ هل هناك شخص صُدمت فيه؟
- لدىّ إجابة، لكنى أفضل ألا أقولها، أنا من الناس اللى تشعر دائماً بمحبة للجميع وأرغب فى «لمس» الجراح بدلاً من رش الملح عليها.
■ ما رأيك فى حكومة المهندس شريف إسماعيل ومن قبله إبراهيم محلب؟
- إبراهيم محلب أذكر له نشاطه الجم وكان محل التقدير، وأنا أقدره لأننى أعرفه شخصياً، أما رئيس الوزراء الجديد فلا أعرفه، وأداؤه هو الذى يستوجب كل النقد الذى وجهته، فلا رؤية ولا سياسة واضحة ولا كفاءة فى الإنجاز، نحن نظلم أى مسئول تنفيذى لأن الحكومة أداة لتنفيذ إرادة اجتماعية؟



حمدين صباحى خلال حواره مع «الوطن»


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.