ألغى الاتحاد الأوروبي، اليوم، تسهيلات ضريبية كبيرة كانت تقدمها بلجيكا لعشرات الشركات المتعددة الجنسيات، بما فيها شركة "إيه بي إنبيف" العملاقة لصناعة البيرة، وأمر الشركات بتسديد 700 مليون يورو (762 مليون دولار) من الضرائب غير المدفوعة. وفي خطوة جديدة لوقف التهرب الضريبي، أصدر الاتحاد الأوروبي قرارا بأن التسهيلات الممنوحة لنحو 35 شركة متعددة الجنسيات هي غير قانونية وتنتهك قوانين الاتحاد الأوروبي بشأن المساعدات الحكومية للشركات. يأتي ذلك عقب فضيحة "تسريبات لوكسمبورغ" التي كشفت تفاصيل الإعفاءات الضريبية الممنوحة لعشرات الشركات الكبرى في لوكسمبورج، أثناء تولي رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر منصب رئيس الوزراء في ذلك البلد. وصرحت مفوضة مراقبة التنافسية مارجريت فيستاجر، في مؤتمر صحفي، أن "المفوضية الأوروبية خلصت إلى أن التسهيلات الضريبية الانتقائية التي منحتها بلجيكا بموجب نظام "الأرباح الفائضة" الضريبي هي غير قانونية بموجب قواعد الاتحاد الأوروبي للمساعدات الحكومية". وأضاف أن "بلجيكا منحت مجموعة مختارة من الشركات المتعددة الجنسيات تسهيلات ضريبية تنتهك قوانين الاتحاد الأوروبي للمساعدات الحكومية. وهذا يضر بالتنافسية، حيث إنه يضع الشركات المنافسة غير متعددة الجنسيات الأصغر حجما على نفس المستوى مع الشركات المتعددة الجنسيات الكبيرة". ولم تكشف عن أسماء الشركات، إلا أن مصادر مقربة من المسألة قالت إن من بينها شركة "بي بي" النفطية العملاقة، وشركة "بي إيه إس إف" للمواد الكيميائية، وشركة "إيه بي إنبيف" المصنعة لبيرة ستيلا أرتوا، التي تقوم حاليا بشراء شركة سابميلر المنافسة بمبلغ 121 مليار دولار. وتعتبر قضية شركة "إيه بي إنبيف" حساسة بشكل خاص في بروكسل حيث تشيع مخاوف بأن تستغل الشركة عملية الشراء لترك مقرها في بروكسل والتوجه إلى مكان تكون فيه الضرائب أقل. وذكرت متحدثة باسم الشركة أنه رغم أن الشركة "تشعر بخيبة الأمل من القرار، فإننا لا نزال واثقين بأن قراراتنا الضريبية تطابق بشكل تام قوانين الاتحاد الأوروبي، وأننا التزمنا دائما بقوانين الضرائب البلجيكية والدولية". وصرح وزير المالية البلجيكي يوهان فان أوفيرتفيلدت أن القرار غير مفاجئ، وأن التسهيلات الضريبية علقت بشكل فعلي في فبراير الماضي عندما بدأ الاتحاد الأوروبي تحقيقاته. وأضاف، في بيان، "في هذه المرحلة لا نستبعد أي خيار. وينطبق ذلك أيضا على احتمال الطعن في القرار". وبدأ الاتحاد الأوروبي كذلك تحقيقات في صفقات ضريبة بين شركات ودول أخرى، ومن بينها صفقة شركة "آبل" العملاقة مع إيرلندا، وصفقة سلسلة مقاهي ستارباكس مع هولندا، وماكدونالدز مع لوكسمبورج. وفي أكتوبر قررت المفوضية أن لوكسمبورج وهولندا قدمت تسهيلات ضريبية غير عادلة لشركة فيات وستارباكس، وأمرت الشركتين بتسديد بعض الضرائب. وبحسب قوانين الاتحاد الأوروبي فإن بعض الإعفاءات الضريبية المقدمة لشركات كبرى تنتهك قوانين الاتحاد بشأن المساعدات الحكومية، حيث إنها تعتبر بمثابة دعم مالي حكومي يهدف إلى استقطاب الشركات المتعددة الجنسيات للقيام بأعمالها في دول معينة. ولا تعتبر هذه الصفقات غير قانونية، ويقول منتقدو هذه الخطوة أن الاتحاد الأوروبي يستهدف الشركات الأمريكية بشكل غير عادل، إلا أن فيستاجر قالت إنه في حالة بلجيكا فإن شركات أوروبية تدين بما بين 500 و700مليون يورو من الضرائب غير المدفوعة. ويسمح القانون البلجيكي الذي يطلق عليه "فقط في بلجيكا" للشركات بخفض الضرائب من خلال تسجيل "أرباح فائضة" ناتجة عن ميزة كونها تنتمي إلى مجموعة متعددة الجنسيات. وأكدت فيستاجر أن هذه التسهيلات الضريبية يجب أن تمنح فقط للشركات المنفردة غير الأعضاء في مجموعات، أو للمجموعات البلجيكية، رافضة تأكيدات بلجيكا بأن النظام يتجنب "الضرائب المزدوجة" في بلدين أو أكثر. وقال النشطاء الداعون إلى الضرائب العادلة إن القرار حذر جدا مثل الخطوات الأخرى التي اتخذها الاتحاد الأوروبي بعد فضيحة لوكسمبورج. وقالت توف ماريا رايدنغ، خبيرة الضرائب في الشبكة الأوروبية حول الديون والتنمية "بدلا من قوانين الضرائب غير الواضحة، والصفقات السرية بين الحكومة والشركات المتعددة الجنسيات، نحتاج الى قوانين تضمن ان يدفع الجميع حصة عادلة" من الضرائب.