تعرف على موعد صرف المعاشات بالزيادة الجديدة    ترامب يشن هجومًا على القضاء الإسرائيلي لمحاكمته نتنياهو    تشريع جديد يُنصف العامل.. كيف يؤمن القانون الجديد حقوق العمال؟    21 طالبًا مصريًا في برنامج التدريب الصيفي بجامعة لويفيل الأمريكية    راغب علامة يكسر الرقم القياسي في "منصة النهضة" ب150 ألف متفرج بمهرجان "موازين"    الدولار ب49.85 جنيه.. سعر العملات الأجنبية اليوم الخميس 26-5-2025    وفد برلماني من لجنة الإدارة المحلية يتفقد شركة الإسكندرية لتوزيع الكهرباء    نشرة التوك شو| حقيقة "الطرد الإجباري" في قانون الإيجار القديم.. والحكومة تحسم الجدل بشأن تخفيف الأحمال    محافظ المنيا يشهد احتفال الأوقاف بالعام الهجري الجديد - صور    بينهم إصابات خطيرة.. 3 شهداء و7 مصابين برصاص الاحتلال في الضفة الغربية    نتنياهو يُصدر أمرًا بالتدخل عسكريًا لمنع نجاح عشائر غزة في تأمين المساعدات    5 أيام حمائم.. كيف انتهت حرب إيران وإسرائيل ب"شكرًا لحسن تعاونكم معنا"؟    "صن داونز الأعلى".. كم حصدت الأندية الأفريقية من بطولة كأس العالم للأندية؟    بعد إعلان رحيله.. ماذا قدم حمزة المثلوثي مع الزمالك خلال 5 سنوات؟    الأسرة كلها فارقت الحياة.. أب يلحق بزوجته وطفلتيه إثر حادث أليم بالمنيا- صور    مها الصغير تتهم أحمد السقا بالتعدي عليها داخل كمبوند في أكتوبر    إصابة 10 أشخاص في حادث على طريق 36 الحربي بالإسماعيلية    تعرف على قرار النيابة العامة بعد سقوط "مسئول حكومي" من الطابق السادس    إحالة أوراق 4 متهمين للمفتي لقتلهم تاجر بغرض السرقة    أحمد حسام ميدو في قسم شرطة النزهة.. ما القصة؟    محمد رمضان: "رفضت عرض في الدراما من أسبوع ب 200 مليون جنيه"    التشكيل الرسمي لقمة الإنتر ضد ريفر بليت فى كأس العالم للأندية    مؤتمر إنزاجي: سنحاول استغلال الفرص أمام باتشوكا.. وهذا موقف ميتروفيتش    يورو تحت 21 عاما - من أجل اللقب الرابع.. ألمانيا تضرب موعدا مع إنجلترا في النهائي    رويترز: الدفاع الجوي الروسي يدمر طائرتين مسيرتين كانتا في طريقهما إلى موسكو    شديد الحرارة وتصل 41 درجة.. تحذير بشأن حالة الطقس اليوم الخميس    «نقل الكهرباء» توقع عقدًا جديدًا لإنشاء خط هوائي مزدوج الدائرة    إليسا تهنئ نادر عبدالله بعد تكريمه من «ساسيم»: «مبروك من نص قلبي»    بمناسبة العام الهجري الجديد.. دروس وعبر من الهجرة النبوية    تمريض حاضر وطبيب غائب.. رئيس الوحدة المحلية لنجع حمادي يفاجئ وحدة الحلفاية الصحية بزيارة ليلية (صور)    قافلة طبية لعلاج المواطنين بقرية السمطا في قنا.. وندوات إرشاية لتحذير المواطنين من خطر الإدمان    مينا مسعود يزور مستشفى 57357 لدعم الأطفال مرضى السرطان (صور)    إدارة الغذاء والدواء الأمريكية تُلزم بإضافة تحذير عن خطر نادر للقلب بسبب لقاحات كورونا    صحة مطروح تنظم احتفالية كبرى بمناسبة اليوم العالمي للتبرع بالدم    رئيس كهرباء البحيرة يوجه بتأمين التغذية الكهربائية للقرى السياحية بمنطقة الضبعة    الزمالك يستقر على قائمته الأولى قبل إرسالها لاتحاد الكرة    وزير الرياضة يهنئ أبطال السلاح بعد التتويج ب 6 ميداليات أفريقية    مصطفى نجم: الزمالك على الطريق الصحيح    حضور جماهيرى كبير.. ويل سميث لأول مرة فى مهرجان موازين بالمغرب (صور)    «كوتش جوه الملعب».. ميدو يتغنى بصفقة الأهلي الجديدة    مع إشراقات العام الهجري الجديد.. تعرف على أجمل الأدعية وأفضلها    3 أيام متتالية.. موعد إجازة ثورة 30 يونيو 2025 للقطاع العام والخاص بعد ترحيلها رسميًا    الدفاعات الإيرانية تسقط طائرة مسيّرة مجهولة قرب الحدود مع العراق    صوت بلغاريا مع أنطاكية.. البطريرك دانيال يندد بالعنف ويدعو إلى حماية المسيحيين    «الشؤون العربية والخارجية» بنقابة الصحفيين تعقد أول اجتماعاتها وتضع خطة عمل للفترة المقبلة    محافظ قنا يتفقد مشروع تطوير ميدان المحطة.. ويؤكد: نسعى لمدينة خضراء صديقة للبيئة    هذا ما يحبه الرجال..3 أشياء تفعلها النساء الجذابات بشكل منتظم    4 أبراج «عارفين كويس همّ بيعملوا إيه».. غامضون لا يحتاجون إلى نصيحة وقراراتهم غالبًا صائبة    إصابة 11 شخص من كلب ضال فى الغربية    عيار 21 الآن بعد الارتفاع الجديد.. قفزة بأسعار الذهب اليوم الخميس بالصاغة محليًا وعالميًا    مع حلول العام الهجري الجديد 1447ه.. متى يبدأ رمضان 2026 فلكيًا؟    دار الإفتاء تعلن اليوم الخميس هو أول أيام شهر المحرّم وبداية العام الهجري الجديد 1447    دعاء العام الهجري الجديد 1447ه مستجاب.. ردده الآن لزيادة الرزق وتحقيق الأمنيات    شيخ الأزهر يهنئ الرئيس السيسي والأمتين الإسلامية والعربية بالعام الهجري الجديد    إيران تفتح المجال الجوي للنصف الشرقي من البلاد للرحلات الداخلية والدولية    بلاغ رسمي ضد أحمد السقا.. طليقته تتهمه بالاعتداء عليها وسبّها أمام السكان    جمال الكشكي: سياسة مصر تدعم الاستقرار وتدعو دائما لاحترام سيادة الدول    ممر شرفي من المعتمرين استعدادا لدخول كسوة الكعبة الجديدة (فيديو)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.




نشر في الوطن يوم 21 - 11 - 2015

أعلنت فرنسا حالة الطوارئ وأغلقت حدودها مع الخارج، وطلبت من قوات الجيش أن تنزل إلى أحياء العاصمة باريس وشوارعها لحمايتها، كما طلبت من المواطنين فى العاصمة إخلاء الشوارع والبقاء فى بيوتهم، إثر موجة من جرائم العنف والإرهاب استهدفت المدينة فى 6 مواقع حيوية من خلال عدد من العمليات الانتحارية.
ورغم أن أياً من المنظمات الإرهابية لم تعلن بعد مسئوليتها عن الحادث، فإن كل الاتهامات تشير إلى «داعش»، فى ليلة رعب هى الأسوأ والأكثر دموية فى تاريخ باريس منذ الحرب العالمية الثانية، وبسبب موجة إرهاب هى الأشد خطورة منذ أحداث سبتمبر وسقوط البرجين فى مدينة نيويورك!، فهل أصبح «داعش» يملك كل هذه القدرة على توجيه ضربات متعددة ومتنوعة إلى دولة أوروبية قوية مثل فرنسا، بعد ليلة دامية أخرى فى لبنان، حيث تعرضت الضاحية الجنوبية للعاصمة بيروت لعمليتين انتحاريتين فى توقيت متتابع، وسط حى برج البراجنة الذى تسكنه أغلبية شيعية، ليسقط 43 قتيلاً عقاباً لحزب الله الذى يشارك الجيش السورى فى عملياته ضد جماعات الإرهاب!، وبعد عدة أيام لم تتجاوز أسبوعاً من سقوط الطائرة الروسية فى سماء سيناء التى راح ضحيتها 224 سائحاً روسياً كانوا فى طريق العودة إلى بلادهم بعد إجازة فى مدينة شرم الشيخ، أعلن «داعش» مسئوليته عن الحادث.
وإذا كان فى وسع «داعش» أن يعاقب مصر وروسيا وحزب الله اللبنانى وفرنسا على مواقفهم من الأزمة السورية، فما الذى ينقصه فى أن يعلن الحرب على العالم أجمع؟!، ويوجه المزيد من ضرباته إلى أى دولة كانت، لا يأبه بردود فعل المجتمع الدولى المنقسم على نفسه، يُشهر عجزه المشين عن مواجهة الإرهاب، ويتصرّف سياسيوه على نحو انتهازى، كما فعلوا مع مصر، يغسلون أيديهم من الموقف بإجراءات جبانة هدفها إخلاء مسئولياتهم السياسية، فأوقفت معظم رحلات الطيران العالمى إلى مدينة شرم الشيخ، وألزمت مواطنيها العودة إلى بلادهم فى عملية ترحيل سريعة تعبر عن قصر نظر بالغ وسوء تقدير مشين، منح «داعش» مكافأة مجانية ضخمة بدلاً من أن يكتل المجتمع الدولى جهوده لمساندة مصر فى معركتها القاسية مع الإرهاب. ومع الأسف فإن الذين سارعوا بتوجيه اللوم إلى مصر، سواء البريطانيون أو الأمريكيون، بدعوى قصور إجراءات الأمن والرقابة فى مطار شرم الشيخ ومعظم المطارات المصرية، واستثمروا الحادث من أجل تشديد ضغوطهم الاقتصادية على مصر، التزموا الصمت تماماً حيال مسئولية الأمن الفرنسى وأجهزة المعلومات والمخابرات الأوروبية التى لم تتمكن من كشف المخطط الدموى الرهيب الذى استهدف فرنسا!، مع أن التحقيقات الأولية تؤكد أن المخطط دقيق فى تخطيطه وينم عن حرفية بالغة، استهدف أماكن بعينها وفى توقيت مطلوب، وارتكب جرائمه فى ستة أمكنة متفرقة داخل العاصمة باريس، جميعها أمكنة مهمة وحيوية. لكن المشهد الأكثر مأساوية ودموية، الذى وقع فى قاعة باتيكلان التاريخية للموسيقى التى تعود إلى القرن التاسع عشر، حيث تجمّع عدد يزيد على ألف شخص لمشاهدة عرض موسيقى لفرقة أمريكية من كاليفورنيا، وعندما حاول رجال الأمن اقتحام المكان بعد سيطرة أربعة من الإرهابيين على القاعة فجّر الأربعة أنفسهم بأحزمة ناسفة، الأمر الذى أدى إلى سقوط ما يقرب من مائة قتيل، إضافة إلى عشرات الجرحى، بينما قتل عشرات آخرون فى المواقع الأخرى التى تعرّضت لموجة الإرهاب.. ومع الأسف فإن سبعة من الأشخاص الانتحاريين الثمانية لقوا مصرعهم بعد أن نجحوا فى تفجير أحزمتهم الناسفة، أما الإرهابى الثامن فقد سقط قتيلاً فى معركة إطلاق النار مع الشرطة. والواضح أن معظم الدول الأوروبية والغربية لم تفطن، أو لم تكن تريد أن تفطن إلى خطورة «داعش» واستهدافه العالم أجمع إلا بعد موجة الإرهاب التى ضربت باريس، حيث أعلنت كل من إيطاليا وإسبانيا حالة الطوارئ، ورفعت قوات الأمن فى الولايات المتحدة حالة التأهب إلى الدرجة القصوى، خاصة فى مدينتى نيويورك ولوس أنجلوس.. وقبل موجة الإرهاب الأخيرة فى فرنسا كان الاعتقاد السائد فى معظم الدوائر الأوروبية والغربية أن «داعش» يركز أعماله الإرهابية على مصر، حيث توجد جماعة أنصار بيت المقدس فى سيناء التى أعلنت العام الماضى أنها أصبحت جزءاً من تنظيم داعش، الذى تتركز أهدافه على روسيا، خاصة أن «داعش» يضم مجموعات واسعة من الشيشان، لكنه لن يستخدم الأراضى الواسعة التى يحتلها فى العراق وسوريا كى تكون منطلقاً لعمليات إرهابية تهدد أوروبا.. وأظن أن ما حدث فى بيروت وباريس أخيراً يؤكد للغرب والأمريكيين أنهم كانوا يعيشون حلماً كاذباً!
والآن ثمة مخاوف غربية متزايدة من أن يكون «داعش» قد استخدم خلاياه النائمة فى ارتكاب موجة الإرهاب الأخيرة، خاصة أن التحقيقات الأولية تؤكد دقة التنظيم والتخطيط، التى تثبت معايشة الجناة للواقع الفرنسى ومعرفتهم الدقيقة بالأماكن التى استهدفوها.. وأغلب الظن أن هذا التكهن يعكس حقيقة ما حدث فى باريس، لأن «داعش» نجح فى أن يمثل عنصر جذب لآلاف المقاتلين الأجانب من أصول عربية وإسلامية، هاجروا من أوطانهم، فى بريطانيا وفرنسا وأستراليا وألمانيا، يتجاوز عددهم 20 ألفاً، منحهم الرئيس التركى رجب الطيب أردوغان فرصة الوصول إلى سوريا عبر الحدود التركية، ليكونوا وقوداً للحرب على سوريا وبشار الأسد، ورغم التحذيرات الكثيرة من إمكانية أن يعود هؤلاء إلى بلادهم ليشكلوا خلايا نائمة تعمل لحساب «داعش» فى الوقت الذى يختاره، لم تفلح ضغوط الأوروبيين على تركيا فى إلزام الرئيس التركى رجب الطيب أردوغان بغلق الحدود التركية أمام هؤلاء المقاتلين القادمين من جميع أنحاء أوروبا، وثمة ما يؤكد أن هناك أكثر من 520 مقاتلاً فرنسياً هاجروا إلى سوريا، وحاربوا إلى جوار «داعش» فى سوريا والعراق لعدة سنوات، وعاد معظمهم إلى فرنسا، بما يؤكد أن موجة الإرهاب الأخيرة التى ضربت باريس ربما تكون من صنع الخلايا النائمة فى فرنسا، وهناك بعض التقديرات التى تعتقد أن العملية الأخيرة ربما تكون جهداً مشتركاً بين «داعش» و«القاعدة»، بعدما أعلن زعيم «القاعدة» أيمن الظواهرى، استعداده لإقامة تحالف مع «داعش»، يوحّد جهودهما المشتركة من أجل ضرب أعداء الإسلام من تحالف الصليبيين واليهود!
أيضاً ثمة من يعتقدون أن «داعش» اختار توقيت عملية باريس قبل يوم واحد من انعقاد الدورة الثانية لمؤتمر فيينا الذى يضم عشرين دولة ومؤسسة عالمية بهدف البحث عن إمكانية وجود تسوية سلمية للأزمة السورية، توقف هجرة السوريين إلى أوروبا عبر البلقان، حيث تتوقّع تقارير الأمم المتحدة أن ترتفع معدلات الهجرة السورية بخروج 4 ملايين سورى جُدد من البلاد إذا استمرت الحرب الأهلية السورية، وأن هدف «داعش» من هذا التوقيت هو إفشال مؤتمر فيينا، وإفساد كل محاولات التسوية السلمية التى ربما تنتهى بقرار وقف إطلاق النار ومنع إمدادات السلاح إلى كل الأطراف، وتشكيل هيئة تنفيذية عُليا تكون لها سلطات واسعة من الحكم والمعارضة، تعمل على ترتيب مرحلة انتقالية تتضمّن انتخابات برلمانية ورئاسية جديدة، لكن الإشارات المقبلة من فيينا لا تنبئ بقرب الوصول إلى توافق بين الدول المشتركة فى المؤتمر، يساعد على اتخاذ قرار يفتح الطريق أمام التسوية السلمية، بسبب إصرار غالبية حضور المؤتمر على ضرورة إسقاط حكم بشار الأسد قبل الدخول فى أى مفاوضات توحّد جهود الأطراف المعنية فى الحرب على «داعش»!،.
وأياً كانت بواعث «داعش» فى توقيتها لموجة الإرهاب التى ضربت العاصمة الفرنسية، فالأمر المؤكد أن «داعش» يتحدى العالم أجمع، ويحاول إظهار قدرته على أن يضرب فى أى مكان وفى كل مكان، يهدد باريس كما يهدد موسكو ويتوعد واشنطن بعمل إرهابى عاجل، بينما يتردد المجتمع الدولى فى توحيد جهوده من أجل هزيمة «داعش» ودحر جماعات الإرهاب، حفاظاً على أرواح الملايين، واحتراماً للقيم الإنسانية والأخلاقية، خاصة أن وحشية «داعش» أصبحت مضرب الأمثال.. وما لم يسارع المجتمع الدولى بتكتيل جهوده ويبحث الفرقاء المختلفون، موسكو وواشنطن وطهران والرياض، عن حل وسط يُنهى الأزمة السورية ويفتح الطريق لتسوية مشكلة الهجرة، فسوف تستمر عذابات الشعب السورى، ويزداد عدد ضحاياه، وربما يتم تدمير الدولة السورية، وقد يكون من الفطنة أن يسارع الغرب بإجراء التسوية السلمية الآن، لأن نجاح التسوية السلمية سوف يتوقف كثيراً على مدى تعاون الدول الإسلامية المعتدلة، وانضمامها فى جبهة واحدة إلى تحالف دولى واسع يواجه «داعش» وباقى منظمات الإرهاب، فضلاً عن المخاطر المتزايدة من احتمالات أن يستعر الصراع بين السنة والشيعة، ويتحول إلى حرب دامية تُبدّد أمن الخليج وتزيد انقسامات العالم الإسلامى، وترفع من حدة الاستقطاب فى منطقة الشرق الأوسط، لتتحول الأزمة إلى حريق مدمر يصعب حصاره وإطفاؤه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.