عقدت إدارة نادي قضاة مجلس الدولة مؤتمرا صحفيا، طالبت فيه الدكتور محمد مرسي رئيس الجمهورية بسحب الإعلان الدستوري الذي أصدره بالأمس، وسحب جميع قراراته التي وصفوها ب"المنعدمة"، و"احترام القضاء"، وأن يولي الأحكام القضائية الواجبة النفاذ عنايتها وعناية مستشاريه، تنفيذا لوعده وعهده الذي قال فيه "أطيعوني ما أعطت الله فيكم وأعينوني أن أتقي الله فيكم". وقال نادي قضاة مجلس الدولة، في بيانه الذي تلاه المستشار حمدي ياسين عكاشة رئيس النادي، :إن الله قد أنعم على رئيس الجمهورية بنعمة الرجوع إلى الحق في قراراته السابقة، بعودة مجلس الشعب المنحل وتعيين المستشار عبد المجيد محمود سفيرا لمصر لدى الفاتيكان، لكنه بإصداره إعلانا دستوريا جديدا بالأمس فقد خرق أحكام الدستور، وتجرأ على تعطيل المحاكم القضائية عن ممارسة اختصاصتها، وإلغاء أحكام قضائية والتقرير بانقضاء دعاوى أخرى منظورة أمام القضاء، وتحصين قرارات الرئيس من كل طعن أو نقد أو اعتراض". وأكد أعضاء مجلس إدارة النادي أن هذا الإعلان الدستوري الجديد "احتوى على عديد من المخالفات الدستورية، منها: انتهاك القواعد الدستورية والقانونية، وغصب السلطة التأسيسية وإضافتها لمجموع سلطات الرئيس التنفيذية والتشريعية، كما أن الرئيس لا يملك إصدار إعلان دستوري جديد إذ بعد صدور الإعلان الدستوري الذي نشأ على أساسه حق الرئيس في السلطة التنفيذية فقد تم إسناد السلطة التأسيسية للجمعية التي تعد دستور البلاد الجديد، ومن ثم لم يعد لرئيس الجمهورية أية سلطة تأسيسية". وذكر المجلس في بيانه أوجه العوار التي شابت كل مادة من مواد الإعلان الدستوري الجديد وبطلان ما تضمنه القرار في إعادة التحقيقات والمحاكمات في جرائم القتل والشروع في قتل المتظاهرين "لمساسة بحجية الأحكام القضائية التي تعلو على النظام العام، وتعرضه لقضايا منظورة أمام المحاكم وكان من الأفضل على الدولة تقديم ما لديها من أدلة ومستندات إلى محاكم الطعن وخاصة ما لدى لجنة تقصي الحقائق ومحاسبة متلفي الأدلة عما اقترفته أيديهم. وبطلان وانعدام ما تضمنته المادة الثانية من تحصين الإعلانات الدستورية والقرارات السابقة الصادرة عن رئيس الجمهورية منذ توليه السلطة في 30 يونيو 2012 وحتى نفاذ الدستور وانتخاب مجلس شعب جديد، واعتبارها نهائية ونافذة بذاتها وغير قابلة للطعن بأي طريق وأمام أي جهة، وعدم جواز التعرض لقرارات الرئيس بوقف التنفيذ أو الإلغاء، وانقضاء جميع الدعاوى المتعلقة بها والمنظورة أمام أي جهة قضائية وذلك لصدورها بالمخالفة لكل من الإعلان الدستوري ومشروع الدستور الجديد الذي تعده الجمعية التاسيسية، والمؤكدين على عدم جواز تحصين أي من القرارات الإدارية من الطعن عليها أمام القضاء وهو أمر لم يحدث مطلقا في أي من بلاد العالم. وبطلان المادة الثالثة من القرار المنعدم فيما تضمنه من تعديل على أسلوب وإجراءات تعيين النائب العام، وما احتواه من عزل للنائب العام الحالي الذي سبق للرئيس أن بارك في استمراره وتمنى له التوفيق في عمله، وما تلاه من تعيين نائب عام جديد لما تضمنه من عيب انحراف بالسلطة، فقد كان القرارا مبيتا والبحث جار عن وسيلة، وهو ما أهدر من غير سند من القانون موافقات المجلس الأعلى للقضاء على التعيين، كما أهدر استقلال القضاء والقضاة. وانعدام ما تضمنه المادة الخامسة من النص على عدم جواز إصدار أية جهة قصائية أية أحكام بحل مجلس الشورى أو الجمعية التأسيسية لوضع مشروع دستور جديد للبلاد، لما انطوى عليه من اعتداء على السلطة القضائية متملثة في القضاء العادي وقضاء مجلس الدولة وقضاء المحكمة الدستورية العليا وسلب اختصاصها للفصل في منازعات قضائية مقامة بالفعل أمامها، ولمناهضة ما سيصدر من أحاكم من كل من المحكمة الدستورية في شأن مجلس الشورى ومحكمة القضاء الإداري والمحكمة الإدارية العليا بشأن الجمعية التأسيسية. بطلان ما تضمنه المادة السادسة، من أنه لرئيس الجمهورية إذا قام خطر يهدد ثورة 25 يناير أو حياة الأمة أو الوحدة الوطنية أو سلامة الوطن أو يعوق مؤسسات الدولة عن أداء دورها، أن يتخذ إجراءات وتدابير الواجبة لمواجهة هذا الخطر بالنحو الذي ينظمه القانون، لكونها مماثلة لنص المادة 74 من الدستور الساقط "دستور 71" الذي قامت الثورة للتخلص منه، والتي حرصت الجمعية التأسيسية على عدم وجودها ضمن مشروع الدستور الجديد. وتساءل قضاة المجلس "مما الخوف من القضاء، وكيف لحاكم أن يعرف خطأه من صوابه من غير رقابة القضاء الذي يرشده إلى الطريق القويم؟ وهل يرقى مستشار لرئيس ليكون ناصحه بإهدار مبادئ الشرعية بديلا عن قضاء يلزم بالشرعية وينير الطريق للحكام ليحكم بما أنزل الله وما قررته الدساتير والقوانين؟ وهل يكون جزاء القضاء الذي رأى عوارا في تشكيل السلطة التشريعية فتصدى له أن يلغى هذا القضاء وتستباح أحاكمه واختصاصاته؟". وطالب النادي أنه "على الرئيس مرسي أن يأخذ من التاريخ عبرة ومن الأمم المتمدينة مثلا فيما صار أثناء الحرب العالمية الثانية لدى انتصار دول المحور بقيادة ألمانيا في بداية الحرب، وهزيمة فرنسا وإنجلترا حين افتتح في بريطانيا مطار حربي للعمليات العسكرية بجوار إحدى المحاكم فكانت الطائرات تحدث أصوات مزعجة للقاضي الذي يعمل بهذه المحكمة، وصدر حكم بغلق المطار وعرض تنفيذ الحكم على رئيس الوزراء العام "تشرشل" الذي أقر قرار بغلق المطار، برغم قيام الحرب العالمية، وقال حينئذ مقولته الشهيرة: "أكرم لبريطانيا أن تهزم في حرب عالمية من أن يسجل التاريخ أنها امتنعت عن تنفيذ حكم قضائي"، ومن هنا كان النصر لبريطانيا وحلفائها. وفي نهاية البيان، "أوضح نادي قضاة مجلس الدولة أن مرسي كان قد أقسم باحترام الدستور والقانون، وهو قسم غليظ يعني بغايات القسم ونتائجه وآثاره، وسواء كان القسم لاحترام الإعلان الدستوري أو احترام الدستور الذي يطويه ظهر الغيب"، وشدد على أن "الرئيس مرسي واجب عليه أن ينصاع للقانون والدستور، ونطالبه بسحب القرار المنعدم وأن يحترم القضاء ويولي الأحكام القضائية الواجبة النفاذ عنايته وعناية من يشيرون عليه، تنفيذاً لوعده وعهده: أطيعوني ما أطعت الله فيكم وأعينوني اني اتقي الله فيكم"، واختتم البيان ب"ولا نملك في مثل هذه الظروف الدقيقة من حياة امتنا سوى الضراعة لله عز وجل أن يعين رئيس الجمهورية على الوفاء بعده".