لم يسبق لى كتابة أى مقالات من قبل، فكنت فى حيرة ولا أعلم عن ماذا أكتب وماذا سأقول؛ فلا أحد يسمع ولا أحد يهتم، كما أننى لا أجد ما يستحق أن أكتب عنه. لكننى أدركت وجود ثروة منسية لم يلتفت إليها أحد هى الأولى بالاهتمام، ألا وهى «الفلاح المصرى»، فقررت أن أكتب بضع كلمات خفيفة توضح معاناته لعل وعسى أن أحداً يعى مأساته، فبعد أيام قليلة نشهد الاحتفال بعيد الفلاح فبماذا نحتفل وماذا سنقدم له فى عيده؟ لا شىء، الكثير من الوعود التى اعتدنا على سماعها ونترك الساحة لنقابات الوهم والفساد «نقابات الفلاحين» يطالبون بمطالب ليس لها أى صلة بالفلاح من قريب أو من بعيد، مطالب تخدم مصالحهم فقط باسم الفلاح.. كل يوم نرى من يتحدث بلسانه ولم نجد منهم من يفعل شيئاً لصالحه أو يذهب إليه فى قريته ليرى المعاناة التى يعيشها، لا يلتفتون إلا لمصالحهم وال«شو» الإعلامى والتقرب من الحكومة لتتضخم ثرواتهم ويستولوا على هذا وذاك والحصول على مقعد فى البرلمان بمساعدة أعوانهم على حساب الفلاح الغلبان بحجة الدفاع عن حقوقه، فكلها شعارات وهمية. هل يوجد دليل واحد فقط على قيام هذه النقابات بمهامها التى عينت من أجلها؟ لم نرَ أى شىء سوى تدمير الفلاح يوماً بعد آخر. سؤالى لهم: ماذا فعلتم من أجل الأسمدة؟ تركتموها تباع فى السوق السوداء لتمتص دم الفلاح المطحون. ماذا فعلتم فى القطن؟ قام الفلاح بحرقه لعدم وجود من يقوم بتسويقه. ماذا فعلتم بالأرز؟ جعلتموه بأبخس الأثمان لصالح رجال الأعمال، لم نرَ منكم من ينتفض لنصرتة والدفاع عن أبسط حقوقه، دائماً وأبداً نرى بأعيننا فى كل لحظة معاناة حقيقية يعيشها الفلاح المصرى، من ظلم يلحق به على مر العصور يزداد يوماً بعد آخر، لا أحد يحنو عليه، لا يجد من يشفق على متطلباته البسيطة التى تكمن فى زراعة عدة قراريط أو عدد قليل من الأفدنة لتوفير حاجاته من الغذاء له ولأسرته.. جميعنا يعرف أهمية الفلاح وتأثيره على الاقتصاد المصرى، ليس ذلك فحسب بل تأثيره على حياتنا نحن فهو من يقوم بزراعة الأرز والقمح والقطن والذرة وغيرها من المحاصيل التى تعتمد عليها حياتنا لذلك يعتبر العمود الفقرى لنا جميعاً وبالرغم من ذلك دائماً ما يرى تجاهلاً من قبل كل من فى الدولة. جميعنا مكفوفون صم بكم، لا نرى دموع عينيه التى يذرفها على خديه عندما يرى محصول سهر ليالى طوالاً أمامه وباع كل ما لديه لينهض به يتم تدميره أمام عينيه بسبب بعض قيادات معدومى المسئولية مرتعشى الأيدى حيث التخبط فى القرارات واستنزاف كل ما لدى الفلاح من صبر وقوة ومال، لم يهتم به أحد على الإطلاق بل يعتبره المسئول «الحيطة المايلة» كلما يقع فى مأزق لصالح بعض المنتفعين من أصحاب البيزنس لا يجد أمامه سوى الفلاح لتحمله أكثر وأكثر إلى أن انقصم ظهره. يخرج علينا يوماً بعد يوم الكثير من التصريحات المختلفة والعارية تماماً من الصحة ويوجد من ينفى وآخر يؤكد، لا أحد يعلم أين الصواب من الخطأ، كل منا ينشغل بنفسه والفلاح لا أهمية له. قريباً سنرى انتهاء الزراعة المصرية إذا استمر الوضع كما هو عليه، لا يوجد فلاح واحد سيبقى على حفنة تراب من الأرض الزراعية.. أصبح الفلاح يلعن اليوم الذى قام بزراعة محصوله فيه بسبب قيادات لا يوجد أمامها سوى اتخاذ قرارات وهمية والشو الإعلامى والتهرب من المسئولية. أصبح الفلاح سلعة فى أيدى المسئولين يتاجر به كل من هب ودب لصالحه وصالح منصبه والبيزنس الخاص به، ليتنا جميعاً نعلم أن الثروة الحقيقية ليست المال الذى نتصارع من أجله فبدون الفلاح لا يوجد مال فهو الثروة المنسية أو التى نتناساها.. هو الكنز الذى لا يجد من ينظر إليه.