سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
طائرات إسرائيلية تستهدف عدداً من مقرات الصحفيين وسط غزة.. والمتحدث باسم وزارة الداخلية الفلسطينية: جريمة حرب جديدة بتر ساق مصور صحفى بقناة «القدس».. و«الغصين» ل «الوطن»: نقوم بالتحقيق مع عملاء إسرائيليين تم القبض عليهم
«أخلوا المبنى فوراً، على كل الصحفيين النزول حالاً»، هكذا قال لنا مراسل وكالة الأنباء الفرنسية، طالباً منا إخلاء مواقعنا ببرج «الشروق» الواقع فى شارع الرمال وسط مدينة غزة، قائلاً: «أبلغونا أنهم سيقصفون المبنى الآن». يضم المبنى عشرات الصحفيين بداخله، بالإضافة إلى آلات التصوير ومعدات البث، وكل ما يتطلب العمل الصحفى، وعندما كانت إحدى المراسلات الأجنبيات تقوم بعمل تقرير مباشر، تلقى مكتب القناة تحذيراً من الجيش الإسرائيلى. هرول الجميع للنزول على درجات السلم من كافة الطوابق، بعضهم ركض يحمل كاميرته الخاصة، والبعض الآخر حمل بعض أجهزة القناة، فيما تعاون الجميع لحمل معدات البث الثقيلة. «الشروق» وهو المبنى المكون من 10 طوابق، كان قد قُصف فى وقت متأخر من ليلة أمس الأول، تناثرت أجزاء الزجاج وبعض جدران المبنى، فى كافة الأنحاء، لكننا لم نكن موجودين فيه، وصباحاً توجهنا إليه لنواصل عملنا الصحفى، ففوجئنا بأن الجيش الإسرائيلى سيستهدفه مجدداً. لحظات كان الجميع يترقب لحظة إطلاق صاروخ التدمير الإسرائيلى على مقرات عملهم، نزل من بقى من سكان المبنى بعد تحذيرهم من قِبل الصحفيين، يركضون فى الشوارع المجاورة للاحتماء، طالت مدة الانتظار قليلاً، بدأ التوتر يسيطر على الأجواء، والكل كان يسمع بين حين وآخر أصوات تحليق طائرات «إف 16» التابعة للجيش الإسرائيلى فى السماء. وبعد أكثر من 15 دقيقة، وبعد أن هدأ الجميع، قُصف موقع ما فى شارع مجاور، ثم سُمع دوى انفجار قريب، تم تحديده بأنه صاروخ أطلقته إحدى البوارج البحرية على ساحل القطاع، ولم يُقصف مبنى الصحفيين. استهدف القصف الإسرائيلى، ليلة أمس الأول، كذلك مبنى «الشوا والحصرى»، بشارع الرمال وسط غزة، كان هو الآخر يضم عشرات الصحفيين والمصورين التابعين لعدد كبير من القنوات التليفزيونية ووكالات الأنباء، الأمر الذى أحدث إصابات متفاوتة فى صفوفهم. الصاروخ الذى أطلقته طائرة استطلاع إسرائيلية، على مبنى «الشوا والحصرى»، تفجر مباشرة فى مقر قناة «القدس» المعروفة بانتمائها لحركة المقاومة الإسلامية «حماس»، مما أدى إلى انهيار سقف الطابق، فأصيب عدد كبير من الصحفيين، بينهم مصور تم نقله مباشرة إلى مستشفى الشفاء، حيث اضطر الأطباء إلى بتر ساقه اليمنى. توقف البث المباشر للقنوات التليفزيونية التى كانت تعتلى سطح المبنى فى الطابق الثالث عشر لنقل الأحداث، وهرعت طواقمها للنزول على الدرج الذى تناثرت الدماء عليه فى كل مكان، بينما تواصل القصف بجوار المبنى طوال الليل. يقول «محمد عمران» مراسل قناة «بلادى» العراقية التى اتخذت من المبنى مقراً لها، أنه عاش ليلة من الرعب فى المبنى، فقد تم قصفه دون تحذير مسبق، قائلاً: «كنا نقوم ببث مباشر فوق سطح المبنى، فى الطابق 13، كنا نثبت كاميرا التليفزيون على السطح، ونراسل القناة مباشرة لمتابعة الأحداث». وأضاف: «فجأة دون سابق إنذار، سمعنا دوى انفجار شديد، واهتز المبنى كأنه زلزال ضربه، هرعنا جميعاً للنزول، فعلمنا أن صاروخاً إسرائيلياً استهدف المبنى مباشرة، ثم تناثرت الشظايا من كل مكان فى ثوانٍ معدودة». يأتى استهداف الصحفيين فى هذا التوقيت منذ اشتعال الأحداث قبل 3 أيام، عقب إذاعة القنوات، للبيان الذى سجلته كتائب عز الدين القسام، الذى أحدث صدى واسعاً فى وسائل الإعلام الإسرائيلية، قالت فيه: «إن جيش الاحتلال هو من بدأ بترويع سكان الأراضى المحتلة لأغراض انتخابية». ومنذ صباح أمس، كانت قد انتشرت كافة القنوات أسفل المبنى، كانت الكاميرات تنقل الأحداث أولاً بأول، منددة باستهداف الصحفيين والإعلاميين، بينما وصل إلى الموقع «إيهاب الغصين»، المتحدث باسم وزارة الداخلية فى حكومة حماس «المُقالة»، وهو أحد المدرجين على قوائم المطلوبين لدى إسرائيل. أدان «الغضين» ما حدث من استهداف للإعلام، واصفاً إياه بأنه «جريمة حرب» جديدة تضاف إلى سجل جرائم جيش الاحتلال الإسرائيلى، وشدد على أن الصحفيين يقومون بواجبهم لنقل الأحداث كما يرصدونها على أرض الواقع ولا يحق لإسرائيل استهدافهم. وقال «الغصين» ل«الوطن»: إن الحكومة الفلسطينية فى قطاع غزة تكثف إجراءاتها وتحرياتها لإلقاء القبض على من وصفهم ب«الخونة والعملاء» المتعاونين مع جيش الاحتلال الإسرائيلى، مشيراً إلى أنه تم القبض على أحدهم بالفعل قبل يومين ويجرى التحقيق معه. وأضاف أن وزارته تكثف تحرياتها فى الوقت الحالى على الرغم من صعوبة الأوضاع لتفكيك شبكات العملاء، مؤكداً أنه تم كشف عدد من هذه الشبكات بالفعل خلال الأيام الماضية بينما تتواصل الجهود لتعقب آخرين. وحول دور أفراد المقاومة فى القبض على هؤلاء الجواسيس، أكد أنه لا علم لديه عما تقوم به المقاومة، قائلاً: إن وزارة الداخلية تجرى تحقيقات حالياً مع عدد من رجال المقاومة الذين تم اتهامهم بقتل أو اغتيال أحد هؤلاء العملاء. وأشار إلى أن وزارة الداخلية وحكومة غزة تقوم بواجباتها لحماية القطاع وفقاً للقانون، وتابع: «القانون يمنحنا سلطة التحقيق مع العملاء وليس قتلهم دون وجود أدلة، وبالتالى فإننا حال القبض على هذه الشبكات، نقوم بالتحقيق ثم نحكم بما تمليه القوانين».