تواجِه الأميَّةَ الدينيةَ فتاوى أشباهِ العلماءِ، ويواجه المسلمون تشويهَ الدينِ الإسلاميِّ بيدِ مَن ينتسبونَ إليه، في لحظةٍ يحاولُ فيها بعضُ الأعداء أن يُهدِّدُوا سلامَ الأوطانِ، ويطمَحُ فيها أعوانُ الشيطانِ أن يشعلوا نيرانَ الفتنةِ بين أبناءِ البلدِ الواحدِ، معتمدينَ في ذلك على الشائعاتِ والأكاذيبِ تارةً، وعلى فهمهم السقيم للدين تارةً أخرى. ونظرًا لدور الفتوى المهم في الإصلاحِ والحفاظِ على الأمنِ المجتمعي، ومواجهةِ التطرفِ، دعت دار الإفتاء المصرية أعيانِ العلماءِ من مختلفِ بلدانِ العالمِ العربي والإسلامي في محفَلٍ علميٍّ بمؤتمر"الفتوى إشكاليات الواقع وآفاق المستقبل"، لوضعَ النقاطَ على الحروفِ، ويقفوا معًا متضامنين، مترابطي الأيدي أمامَ هذه التحدياتِ التي تَنال آثارُهَا السلبيةُ كمسلمين بشكلٍ خاصٍّ، وتمتدُّ إلى غيرنا بشكلٍ عامٍّ أفرادًا وجماعاتٍ، ودولًا ومجتمعاتٍ. قال الدكتور محيي الدين عفيفي أمين عام مجمع البحوث الإسلامية، "كان حتمًا على دار الإفتاء أن تعقد مؤتمرًا تجمع فيه أهل العلم والدين الإسلامي من كل بلاد العالم، لتصحيح صورة الإسلام أمام العالم والأديان المختلفة بعد أن قام مجموعة من المتطرفين والخوارج في بعض الدول العربية وكان على رأسهم (داعش) ثم (فجر ليبيا)، وفي مصر تنظيم (بيت المقدس)، بتشوية صورته بأفعالهم التي حرمها الله ولا تنتمي إلى أي دين معتقدين في ذلك أن ما يفعلونه مباح ومنبعه منهج الشريعة الإسلامية". وأكد عفيفي، ل"الوطن"، أن المفتين الذين حضروا من شتى أنحاء العالم أبدوا رغبتهم ومشاركتهم في الفتاوي باتفاق العلماء عليها بمختلف العالم لتوحيدها والعمل بها طبقا للشريعة الإسلامية، مضيفًا أن الهدف الأساسي من المؤتمر هو تصحيح المفاهيم الخاطئة والالتزام بصدور الفتاوى وعدم قبولها من مصدرها ومن غير المتخصصين. من جانبه، قال الدكتور أحمد عمر هاشم عضو هيئة كبار العلماء، إن المؤتمرُ جاء ليتكلمَ فيه صوتُ العلمِ الرصينِ مستدلًا في ذلك بقول الله تعالى: "فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُون"، مؤكدًا على ضرورةِ تأكيدِ جهةِ المرجعيةِ واحترامِ التخصصِ، وبيانِ خطورةِ كلامِ غيرِ المتخصصين، مضيفا "وهو ما شاهدناه ونظل نشاهده تلك الأيام من سفك الدماء وإباحة القتل واستعباد النساء باسم الدين وهو ما يرجعنا لعصر الجاهلية". وأشار هاشم، ل"الوطن"، إلى أن هناك بعض الدول العربية والإسلامية تعمل وتأخذ بفتاوى دار الإفتاء منذ سنوات، ما يؤكد مكانة الدار في البلدان، مضيفًا أن التطرف كان أهم ما ناقشه المؤتمر ومواجهته هو بطل كلمات المفتين من دول العالم كما أن محاور النقاش التي تمت من بعض الباحثين. وتابع "تضمنت أيضا مواجهة ومحاربة التطرف بالفتاوى والنزول للشباب من خلال عقد الندوات والمؤتمرات، وهو ما أشار إليه شيخ الأزهر، منذ فترة لضم الشباب وعدم استغلالهم من قبل بعض الجماعات المتطرفة التي تدعي الدين وتختبئ وراءه هادفين في ذلك تحقيق مطالبهم ومطامعهم، سواء كانت من قبل أجندات خارجية أو مصالح ذاتية من شأنها تحقيق مصالحهم الشخصية".