إجازة رأس السنة الهجرية للموظفين والمدارس في مصر رسميًا (الموعد والتفاصيل)    مصدرحكومي: صعود النفط إلى 77 دولارًا يهدد بموجة غلاء جديدة.. ومصر تستعد بخطط استيراد طارئة بعد انقطاع الغاز الإسرائيلي    ماكرون: لم نشارك فى الضربات الإسرائيلية على إيران    الرئيس الروسي يجري محادثات هاتفية مع نظيره الإيراني ورئيس الوزراء الإسرائيلي    «تايمز أوف إسرائيل»: نتنياهو ورئيس الأركان حذرا الرأي العام الإسرائيلي من «أيام معقدة وصعبة تنتظر إسرائيل»    أبرزهم نجم باريس سان جيرمان.. وجوه جديدة من 22 دولة تزين كأس العالم للأندية 2025    «لو طلبوا كنا هنوافق».. بيراميدز يكشف مفاجأة بشأن انتقال إبراهيم عادل إلى الأهلي    جدول امتحانات الثانوية العامة 2025 لجميع الشعب علمي وأدبي (جديد وقديم)    غرفة عمليات مركزية بالدقهلية للتعامل مع حريق بمنطقة خالية داخل مركز إرسال بطره    «هيبتا 2» و«بنات الباشا».. أفلام روايات تُحدث طفرة ب دور العرض قريباً (تقرير)    أول صور من حفل زفاف شقيقة الفنانة مايان السيد    مسؤول إسرائيلى: هجوم إيرانى وشيك على وسط إسرائيل    منافس جديد لصلاح.. تفاصيل عقد فيرتز مع ليفربول    نائب رئيس جامعة القاهرة يتفقد امتحانات الفرقة الأولى بطب قصر العيني (صور)    الأحد.. قصور الثقافة تطلق برنامج مصر جميلة المجاني لاكتشاف المواهب بأسوان    رسالة ماجستير فى كينيا تناقش مفهوم الخطايا عند المسلمين والمسيحيين.. بعض الخطايا لا نتغاضى عن الاعتراف بها.. ويحب على الجميع مواجهتها    حقيقة تقرير أيمن الرمادي عن المستبعدين في الزمالك    تفاصيل مران الأهلي.. وفاة نجم المصري.. كابوس يقلق فيفا.. الزمالك يفاوض نجم الأردن| نشرة الرياضة ½ اليوم    عاجل.. سماع دوي عدة انفجارات ضخمة غربي طهران    مانشستر سيتي يخفض أسعار تذاكر مبارياته في الموسم الجديد    هل زيارة المريض واجبة أم مستحبة؟.. عالم أزهرى يجيب "فيديو"    دفعة جديدة من أطباء الجامعات تصل العريش.. عمليات وكشف مجاني ضمن بروتوكول التعاون الطبي    علامات إذا ظهرت على طفلك يجب الانتباه لها    حالة الطقس في محافظة الفيوم غدا السبت 13-6-2025    وداع قاسٍ من الربيع.. إنذار جوي بشأن حالة الطقس الأسبوع المقبل ب القاهرة والمحافظات    "حلال فيك" ل تامر حسني تتخطي ال 7 مليون مشاهدة فى أقل من أسبوع    للوقاية من ضربات الشمس..توزيع أكثر من 5 آلاف مظلة على الحجاج بالمدينة    يوفنتوس يجدد عقد مدربه إيجور تيودور حتى 2027    ميناء الإسكندرية يستقبل أولى رحلات "WAN HAI" وسفينة "MAERSK HONG KONG" في إنجاز مزدوج    رحلة تعريفية لوفد من المدونين والمؤثرين الأمريكان بالمقصد المصري    وزيرة التخطيط تبحث مع سفير بريطانيا تنويع آليات التمويل للقطاع الخاص    بعد استهداف "نطنز" الإيرانية.. بيان عاجل لهيئة الرقابة النووية المصرية    هجوم إسرائيلي يستهدف "مطار مهرآباد" في طهران    4 أبراج تهتم بمظهرها.. هل أنت منهم؟    دموع على الكوشة انتهت بتعهد.. النيابة تُخلي سبيل والدي عروسين الشرقية    «الداخلية» تكشف ملابسات فيديو لهو طفل بمنتصف أحد المحاور بالمقطم    خطيب المسجد النبوي: الرحمة صفة تختص بالله يرحم بها البر والفاجر والمؤمن والكافر    رصاص على المقهى.. تفاصيل مقتل شاب أمام المارة في القليوبية    مطار شرم الشيخ يستقبل رحلات محوّلة من الأردن بعد إغلاق مجالات جوية مجاورة    100% لثلاثة طلاب.. ننشر أسماء أوائل الإعدادية الأزهرية في أسيوط    خاص| سلوى محمد علي: انفصال بشرى فاجأني وأنهت العلاقة بشياكة    إزالة 8 حالات تعدي على الأراضي الزراعية بالشرقية    القاصد يهنئ محافظة المنوفية بعيدها القومي    الطيران المدني: المجال الجوي آمن.. ورفع درجة الاستعداد القصوى    وكيل تعليم شمال سيناء يعقد اجتماعًا موسعًا مع رؤساء لجان الثانوية العامة    خطباء المساجد بشمال سيناء يدعون للوقوف صفا واحدا خلف القيادة السياسية    إنفوجراف| إسرائيل تدمر «عقول إيران» النووية.. من هم؟    تنفيذاً لقرار مجلس الوزراء.. تحرير 137 مخالفة لمحلات لم تلتزم بقرار الغلق خلال 24 ساعة    ضبط صاحب مخبز بالمحلة الكبرى استولى على 16 جوال دقيق مدعم وباعها بالسوق السوداء    بث مباشر.. شعائر صلاة الجمعة من الجامع الأزهر    بعثة حج الجمعيات الأهلية تنظم زيارات الروضة الشريفة    كوكا: ميسي يكلم الكرة.. ولا أحب اللعب في هذا المركز    كأس العالم للأندية - الأهلي يواصل تحضيراته لمواجهة إنتر ميامي    الدولار الأمريكي يرتفع متأثرا بالضربة الإسرائيلية على إيران    رئيس الوزراء: نتابع الموقف أولا بأول وتنسيق بين البنك المركزي والمالية لزيادة مخزون السلع    أسعار اللحوم الجملي والضاني اليوم الجمعة 13-6-2025 في الأسواق ومحال الجزارة بقنا    نتيناهو: نحن في لحظة حاسمة في تاريخ إسرائيل وبدأنا عملية «شعب كالأسد» لإحباط المشروع النووي الإيراني    موعد إجازة رأس السنة الهجرية 2025.. عطلة رسمية للقطاعين العام والخاص    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.




نشر في الوطن يوم 18 - 08 - 2015

نحن لا نزال أمام الفرق والطوائف العقائدية المتنازعة منذ مقتل عثمان، ونحن لا نزال نأكل على المائدة نفسها التى أكل عليها القدماء، مائدة التنازع حول الأحق بالخلافة من الصحابة الكرام، ومائدة الحاكمية والتحكيم الحرفى، ومائدة التكفير، ومائدة كلمات الحق التى يُراد بها باطل.
نعم، نحن لا نزال نتمسك بكل «الخنادق القديمة» التى تحصنت بها الفرق المتصارعة: الخوارج، والمرجئة، والمعتزلة، والروافض، والجهمية، والقدرية، والجبرية، والمجسمة، والمعطلة، والأشاعرة، والماترِيديَّة... إلخ.
ومَنْ يتحصن بخندق لا يمكن أن يرى إلا من زاوية ضيقة ومحدودة، ولا يستطيع أن يرى العالم من «نقطة أعلى» تكشف له أجزاء من المشهد يعجز عن رؤيتها مَنْ يتحصن «تحت الأرض» فى خندق ضيق ربما يحافظ به على سلامة جسده لكنه لا يحافظ على سلامة إدراكه ودقة رؤيته للعالم.
إن علم الكلام القديم لا يزال يحكم عقولاً تعيش جسداً فى عصرنا، لكنها تفكر خارج سياقه؛ فهى عقول مغلقة داخل منظومات الماضى: (الخوارج، الرافضة، المعتزلة... إلخ)، وإن كانت تحمل أسماء جديدة وتتقنع بأقنعة العصر. إنها تستعيد كل المعارك القديمة، معارك الطائفية، وصراع الفرق الدينية، وحروب التكفير والاستحلال. وما زالت تصدر إلى الأجيال الجديدة كل خلافات الماضى على السلطة والإمامة تحت اسم «الحاكمية»، أو غيره، معيدة كل جراح الزمن القديم التى أنهكت الأمة.
وإذا ما طرحت مسألةٌ جديدةٌ نفسها على مائدة فرقاء العصر، فإنهم سرعان ما يستعيدون فيها كل المعارك القديمة مرة أخرى، ويتخندق كل فريق فى خندق من الخنادق القديمة التى كانت تحتمى بها فرق القرون الأولى، مثل: الأشاعرة أو الصوفية أو الفرق الشيعية أو غيرها.
ولم ينجُ من هذا الفخ أحد حتى الحداثيين العرب؛ لدرجة أن بعض أصحاب المحاولات التجديدية من الحداثيين العرب استنجدوا بفرقة قديمة واعتبروها نموذج العقلانية والتحرر، أعنى «المعتزلة»، مع أن عقلانية المعتزلة هى «عقلانية العقل الجدلى» لا «العقل البرهانى»، ومع أن حرية المعتزلة هى «حرية ميتافيزيقية» فقط تناقش علاقة الإرادة الإلهية بالإرادة الإنسانية على المستوى الغيبى، وليست «حرية فكرية واجتماعية وسياسية» على أرض الواقع، وليست حرية تؤكد حق إبداء الرأى وحق الاختلاف وحق الحياة الخاصة... إلخ.
وهل يوجد دليل على ذلك أكبر من قيامهم باضطهاد خصومهم فى الرأى عندما تصدروا المشهد السياسى فى العصر العباسى فى عهود الخلفاء: المأمون، والمعتصم، والواثق؟
إن الوقائع التاريخية تؤكد أن المعتزلة استبدوا بالحياة الفكرية وخنقوا أصوات معارضيهم عندما كان منهم الوزراء والحاشية والخاصة المقربون من السلطة.
وفى عصر المأمون كان الناس أحراراً فى توجهاتهم، لكن ابتداءً من نهاية عصر المأمون عام (218ه/833 م)، أجبروا الناس والمحدثين والفقهاء والقضاة والمدرسين على رأيهم فى القول ب«خلق القرآن»، وهى قضية دخيلة على الإسلام، ولم يتطرق لها القرآن ولا السنة الصحيحة ولا الصحابة، فمقاصد الدين هى عبادة الواحد وتحقيق المصلحة وإعمار الأرض، وليست هى البحث فى: هل كلام الله قديم أم محدث؟!
ومن المعروف أن المعتزلة قالوا بخلق القرآن، بينما دافع خصومهم عن الطبيعة الأبدية القديمة للقرآن، وسعى المعتزلة لهيمنة عقيدتهم على قَصْر الخلافة سريعاً فى أوائل القرن التاسع، وكانت تقريباً أول مرة تحاول فيها السلطات السياسية فى العالم الإسلامى فرض أىّ شكل من الصرامة المذهبية على المجتمع؛ وعقدوا محاكم للتفتيش لاختبار الآراء والمذاهب.
ونتيجة هذه المحاكمات تراجع الكثيرون خوفاً من العقاب، ونزلوا على رأى المعتزلة، عدا أربعة من العلماء وأصحاب الرأى ثبتوا على رأيهم، وهم: أحمد بن حنبل (ولد 164ه/780م، ببغداد)، ومحمد بن نوح، والقواريرى، وسجادة. حيث تم سجنهم وتقييدهم بالسلاسل الحديدية، ثم تراجع صمود سجادة وبعده القواريرى تحت ضغط الاضطهاد، واستمر أحمد بن حنبل، ومحمد بن نوح. عندئذ تم أخذهما مقيدين بالحديد إلى المأمون فى مدينة طرسوس، لكن فى الطريق توفى محمد بن نوح. وظل ابن حنبل متمسكاً برأيه وحدث له ما حدث، حيث مات المأمون قبل أن يناظر «ابن حنبل»، وتولى «المعتصم» فسجن «ابن حنبل» ثمانية وعشرين شهراً لامتناعه عن القول بخلق القرآن! وأُطلق سراحه سنة 220ه. ولم يصبه شرٌّ فى زمن «الواثق بالله» بعد المعتصم. ولما توفى «الواثق»، وولى أخوه «المتوكل بن المعتصم»، وكان سُنيّاً، فأكرم الإمام «ابن حنبل» وقدَّمه، ومكث مدة لا يولى أحداً إلا بمشورته، وتوفى «أحمد» فى بغداد وهو على تقدُّمه عند «المتوكل» (241ه/855م). (انظر كتاب: المحن لمحمد بن أحمد بن تميم التميمى المغربى الأفريقى، أبوالعرب، ص 452 وما بعدها).
هذه هى حرية المعتزلة المدَّعاة. ومن ثم يناقض ذلك النفر من الحداثيين أنفسهم، وهكذا يقعون فى الفخ نفسه الذى وقع فيه التراثيون الذين استنجدوا بالفرق القديمة الأخرى من الخوارج والروافض أو غيرهما!
التراثيون يستدعون فرقاً بعينها، وبعض الحداثيين العرب يستدعون فرقاً أخرى، وهكذا نستمر مرابطين فى حرب الخنادق القديمة التى تخندقت فيها الفرق العقائدية!
أليس هذا سبباً آخر للقول بموت علم الكلام الذى لا يستطيع أن يخرج من الخنادق القديمة؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.