قال السفير مدحت القاضى عضو جمعية أصدقاء «فرديناند ديليسبس»، إن تاريخ قناة السويس يكاد يقتصر في أذهان الغالبية العظمى من المصريين على شخصية الدبلوماسي، والمغامر الفرنسى فرديناند ديليسبس، والخديوين سعيد، وإسماعيل، الذي أقام حفل الافتتاح الأسطورى للقناة عام 1869، مضيفا أن المصريين كانوا يحاولون حفر القناة منذ أكثر من 4 آلاف سنة، وأن القناة الجديدة هي المشروع رقم 22، أى إن هناك 21 محاولة حفر أو حفراً فعلياً سابقاً على قناة السويس الجديدة لم تتم، كان أولها فى عهد الملك «سيزوستريس» الذى كان أول من شق قناة صناعية لتصل بين البحرين المتوسط والأحمر عن طريق نهر النيل عام 1874 قبل الميلاد. وأضاف خبير الوثائق وعضو الجمعية الجغرافية الملكية البريطانية في حواره ل«الوطن»، أن "هُناك العديد من الحقائق المهمة جداً، التي أتمنى أن تكون محل إدراك المواطن العادى، قبل الباحثين والمُتخصصين، أولها أن فكرة نابليون عن حفر القناة وارتباطها بنهر النيل، كانت مُفيدة فى وقت مُبكر فى تقنين وصون حقوق مصر من قِبل القوى الكبرى فى مياه النيل، وثانيها أن محمد على بقدر حرصه على إتمام حفر القناة فإنه كان يخشى من الأطماع الغربية وتهديدها لسيادة مصر، لهذا وضع شرطين أساسيين هُما أن تتحمل مصر الحفر والتمويل وأن تصير القناة مِلكاً خالصاً لمصر وأن تضمن الدول الكبرى حيادها، وعدم قبول القوى الكبرى وقتها بهذين الشرطين تسبب فى رفض محمد على فى النهاية مشروع القناة، رغم إيمانه بجدواها الاقتصادية، وثالثها أن تسابق فرنسا وبريطانيا على الانفراد بتنفيذ المشروع، من الأمور التى تُثير شغف أى باحث فى هذا المجال، وتسبب فى بروز التنافس لأول مرة بين فكرة القناة وفكرة تسيير البريد عبر الطريق البرى، ما أدى لاحقاً لبناء أول خط للسكة الحديد، فقد شهدت مصر صراعاً بين أولوية المشروع الفرنسى قناة السويس، والمشروع البريطانى (السكة الحديد)، وأخيراً فإن البحث فى أوراق ووثائق فرديناند ديليسبس، كان فى غاية الإثارة، بداية من تاريخه ونشأته وقصة اهتمامه بمشروع قناة السويس، وعلاقته بإمبراطورة فرنسا، ودور والده فى تقوية دعائم حُكم محمد على ما زال جديراً بالدراسة". وعن رفض عمر بن الخطاب مشروع القناة، قال: "وضع عمرو بن العاص الخطوط العريضة لمشروعه الخاص بإنشاء قناة جديدة، تربط بين البحرين، لكن المشروع لم يُنَفذ، لأن عمرو بن العاص خشى من طُغيان البحر الأحمر على أرض مصر، بسبب الاعتقاد السائد وقتها فى اختلاف المناسيب بين البحرين، إضافة إلى أن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب، كان يخشى من احتمال استخدام الروم للقناة فى غزو الدولة الإسلامية، واكتفى بتجديد قناة الرومان، التى تربط الفسطاط عاصمة مصر، وبحر القلزم خليج السويس عام 642م، وسُميت تلك القناة «قناة أمير المؤمنين»، وهى قناة مياه عذبة تتغذى من نهر النيل، وصالحة للملاحة، ويبلغ طولها 150 كم وعرضها 25 متراً وعمقها بين 3 إلى 4 أمتار، وكانت تُستخدم فى التجارة بين العرب ودول العالم، واستمرت صالحة للملاحة 150 عاماً، إلى أن أمر الخليفة العباسى أبوجعفر المنصور بردمها تماماً للحيلولة دون وصول الإمدادات بالمؤن والعتاد من مصر إلى أهالى مكة المُكرمة والمدينة المنورة الثائرين ضد الحُكم العباسى.