ما أن يحل الشهر الكريم حتى يتسارع الناس فى منافسة بين بعضهم البعض لكسب الثواب وعمل الخيرات؛ فمنهم من ينشغل بقراءة القرآن والصلاة أو تقديم الصدقات، ولكن هناك أشخاص آخرون «رمضان» بالنسبة لهم عمل جديد يضاف إلى قائمة أعمالهم، هؤلاء يقضون معظم أيام السنة فى العمل التطوعى لمساعدة المحتاج وتأدية واجبهم تجاه المجتمع، «محمد» أحد هؤلاء الشباب، عاشت معه «الوطن» يوماً فى حياة متطوع وكيف يقسم وقته فى رمضان. محمد سيد إبراهيم، 20 سنة، طالب بالفرقة الثانية بكلية التجارة جامعة الأزهر، يبدأ حديثه متذكراً كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم «السَّاعِى عَلَى الأرْمَلَةِ وَالمِسْكِينِ، كَالمُجَاهِدِ فِى سَبِيلِ الله، أوِ القَائِمِ اللَّيْلَ الصَّائِمِ النَّهَارَ» ومن هنا بدأ رحلته فى العمل التطوعى فى رمضان، خاصة قسم المساعدات فى الجمعية الخيرية القريبة من منزله. يبدأ محمد نشاطه بتعبئة المواد الغذائية فى «شنط رمضانية» ويقول: «فى شغلى بانوى أكتر من نية وأنا خارج من البيت، مش نية واحدة السعى على الأرملة، وإطعام الطعام، وفك كربة المسلم، وإفطار صائم فى رمضان». يصل محمد الشهير «بماندو» إلى جمعيته ليبدأ يومه فيها فى تمام الساعة العاشرة، وينتهى اليوم حسب انتهائه من أنشطته سواء فى التعبئة أو الإفطار على الطريق أو عمله فى لجنة الدعاية والإعلان بقسم المساعدات بالجمعية. فى مكان بجوار الجمعية التابع لها «محمد» تصطف عدة طاولات صغيرة، وعلى كل طاولة ميزان رقمى بانتظار المتطوعين الذين يقومون بتعبئة الأرز والعدس والمكرونة والسكر لتخرج بعدها للمحتاجين، يقف «محمد» أمام إحدى الطاولات بعد نقل جوال أرز لتعبئته فى أكياس، وأثناء قيام محمد بعمله يقول «بدأت العمل التطوعى من أيام الثانوى، كنت أنا وصحابى نوزع تمر فى الشارع وقت الفطار ويوم وقفة العيد كنا ننضف الجامع القريب من بيتنا عشان صلاة العيد، أما شغلى فى الجمعية فبدأته بعد ما خلصت ثانوية عامة والتزمت بيه لغاية ما بقيت متطوع مسئول واخترت لجنة الدعاية والإعلان فى قسم المساعدات». ما أن ينتهى «محمد» من تعبئة الأرز، حتى يبدأ فى المرحلة الجديدة لترتيب أكياس الأرز على الأرض واحداً بجانب الآخر حتى يتكون مربع كبير هو المساحة التى يجب أن تشغلها كميات الأرز لتشغل بجوارها المساحة المخصصة للمكرونة وبعدها العدس والسكر وأكياس البلح. ينجح «ماندو» وفريقه فى ترتيب أكياس الأرز بجوار بعضها البعض، ثم ينهض ليؤم رفاقه لصلاة الظهر، ينهى صلاته متذكراً: «قبل كده كان فيه حاجات غلط بعملها وبتجاهلها، أما دلوقتى فأنا بحاول أصلح من نفسى ومن أخطائى، كمان الصلاة بقيت باصلى الوقت فى وقته لأننا اتعودنا لو حد قال يلا نقوم نصلى فكلنا هنقوم، إحنا بنشجع بعض»، وعن الأنشطة التى شارك فيها داخل الجمعية منذ أن التحق بها فى العام الماضى يضيف: «شاركنا فى إطعام صائم والخدمات الطبية ومعارض الكساء، والبحث الاجتماعى للأسر الفقيرة، بس أكتر حاجة استهوتنى بعد المساعدات كانت الخدمات الطبية ودايماً كنت باحس إنى مسئول قدام ربنا والجمعية عن الناس الفقرا». قسط صغير من الراحة يقضيه «محمد» فى الحديث والضحك مع رفاقه كفيل بشحن طاقته استعداداً للمهمة الأخيرة، وهى توزيع المواد الغذائية على مدار الشهر وليس فى أوله فقط، وبعدها ينهى عمله فى التعبئة ليستعد لدوره فى لجنة الدعاية والإعلان والمقابلات التى يقضيها مع المتطوعين ليعرف آراءهم عن اليوم وإيجابياته وسلبياته، ويقول «خلال عملى التطوعى اتعلمت إزاى أتواصل مع الناس وإزاى أساعدهم واتعلمت الحرص والتخطيط لحياتى ومستقبلى».