سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
*أستاذ الجامعة.. عاش ب 6 جنيهات فى الستينات.. ولا تكفيه 6 آلاف فى 2012 «الراوى»: لست مسرفاً ولا أملك سيارة أو شقة تمليك لسنا أسرة «أكولة» ومعظم حياتنا فى البيت.. ومع ذلك راتبى لا يوفر حياة مستقرة
الغلاء الفاحش لم يعد يدع لأحد فرصة التفاخر بمرتبه، أو حتى محاولات الادعاء أن الأمور «مستورة» و«كله على ما يرام»، يتحدث الجميع بحرقة عن مبلغ ألف ومائتى جنيه كحد أدنى للأجور، لكن ما لا يعلمونه أن مبلغ 6 آلاف جنيه لم يعد يكفى احتياجات أسرة لا يتعدى عدد أفرادها 3، أسرة تجد نفسها بعد الوفاء بالالتزامات الشهرية الثابتة، أمام أزمة تتعلق بالمصروف اليومى الخاص بالطعام، وقد أصبح الأمر يتطلب فى بعض الشهور الاستدانة من ال«فيزا كارت» ليصبح رصيد الأسرة الصغيرة مدينا، وليس دائنا. الدكتور صلاح الراوى، الأستاذ فى معهد الفنون الشعبية، وأمين صندوق اتحاد كتاب مصر، يتجاوز دخله 6 آلاف جنيه، لكن أغراضا كانت تعد بسيطة فيما مضى أصبحت تشكل خطرا على ميزانية منزله، كيلو جوافة، كيلو طماطم، تين أو مانجو، أطعمة أصبحت من قبيل الرفاهية، ربة الأسرة، مدام رانيا أصبحت تتحسس طريقها أثناء ذهابها إلى السوق، فالأسعار لم تعد طبيعية بالمرة، ويوما بعد يوم تفاجأ السيدة الشابة بمزيد من الأرقام المرعبة. يتذكر الأستاذ الجامعى حين كان عاملا بسيطا فى بناء السد العالى عام 1960، بمرتب 6 جنيهات، بلغت حدها الأقصى عام 1970، فأصبح الراتب 37 جنيها، ساعدته على الادخار والأكل والسكن والتعليم، حصل على الثانوية، وأكمل أعوامه الجامعية بما تيسر من هذه المدخرات أما اليوم فى العام 2012، أصبح راتبه يتخطى 6 آلاف جنيه، لكنه لا يكفى لشىء، «بقيت أخرج من بعض الشهور رصيدى فى البنك بالسالب، عايشين على أكاذيب، ميزانية الدولة سرية، ونظامها الاقتصادى مقلوب محدش فاهم ماشى إزاى، البلد فوضى والبيوت ماشية على نفس الفوضى». «لست مسرفا ولا أملك سيارة أو شقة تمليك، أسكن فى شقة إيجار جديد لظروف شخصية، ولى ابن يدرس فى الجامعة، أما بنتاى الاثنتان فقد تزوجتا منذ زمن، أحتاج كأستاذ جامعة إلى شراء كتب وأدوية ورعاية صحية، وبعض الإنفاق على الجانب الإلكترونى، برامج وإنترنت، لسنا أسرة أكولة، أو مغرمين بالأطعمة، معظم حياتنا فى البيت، مع ذلك راتبى لا يقيم لى حياة مستقرة، وكثيرا ما أفكر فى ذلك الذى ينفق على 5 أولاد أو 6 ويتقاضى 500 جنيه مثلا، كيف يدبر شئون حياته؟». «الطماطم بخمسة جنيه، والمانجة ب 10 جنيه، أنا صدقت الرئيس لما قال المانجة ب 3 جنيه لكن اتخضيت من سعرها بصراحة، ماجبتهاش» كانت الزوجة عائدة لتوها من السوق حين قالت: «أنا بنزل سوق شعبى، المفروض إنه من أرخص الأسواق، لكن بقيت أشوف حاجات غريبة، الطماطم محدش بيقف عندها، رغم إنى نزلت متأخر، يعنى آخر السوق، والأسعار أقل، منطقة السمك والفراخ منطقة محظورة بالنسبة للناس، البديل بقى السمك المجمد بكميات مكناش نسمعها زى الربع والنص». تتذكر أوقاتا ليست بعيدة، وتقول: «قبل عيد الأضحى كنت ألاقى العربيات معبية لحمة وخارجة من السوبر ماركت، المشهد دا اختفى، أعرف واحدة صاحبة أملاك أسرتها ضخمة وكانت دايما بتجيب أكل بكميات كبيرة، بقت تروح الأرياف تشترى أشولة البصل والأساسيات وترجع عشان توفر كام جنيه». يبدو أن الكارثة لم تمس الآخرين وحسب، فرانيا ورغم صغر عدد أفراد أسرتها لا تلبث أن تشعر بالأزمة شيئا فشيئا كل يوم، تقول: «النهارده دفعت 60 جنيه فى كيلو تفاح و2 كيلو جوافة، وكمثرى، وتين، وباتنين جنيه فلفل أسود، وامبارح كنت فى السوبر ماركت، جبت حاجات للبيت اشتريت سكر ولوازم أساسية دفعت 150 جنيه فى حاجات بسيطة، ولو حبيت أجيب ربع كيلو جبنة رومى من عند البقال اللى تحتى هادفع عشرين جنيه، كل حاجة عمالة تغلى». أصبحت الزوجة الثلاثينية تتحسس موضع المال فى بعض الأشهر فتفاجأ أنه نفد، تحرص على ألا تواجه مصيرا مشابها للأسر التى تراها كل يوم فى السوق، تقول: بقى عادى إن ييجى شهر أتفاجئ إن مفيش فلوس، بتحصل رغم إن عددنا تلات أفراد بس، مش بنطبخ كل يوم، ولا بنروح لدكاترة أو مطاعم، لما حد يجيله برد، بياخد أدوية مضادة وخلاص، أقل زيارة للدكتور هاتكلف 500 جنيه، كمان فيه حاجات استغنيت عنها، غيرت نوع الكلينكس، من كام يوم حاولت أجيب عيش من الفرن البلدى لكن لاقيت شكله وحجمه غريب، لا يمكن بنى آدم طبيعى ياكل منه أقل من 4 أرغفة، لأن الرغيف كله (لقمة)».