هيكل خشبي أبيض اللون، مزين بلوحات شرقية من ضمنها لوحة لرجل ومرأة يضحكون خلال مشاهدتهم للتلفاز، مزخرف بقصاصات من قماش رمضانية غير تقليدية، وفي الخلفية صوت موسيقى شرقية كالعود تنبع من عربة فول في إحدى شوارع مصر الجديدة. "مربوحة" مشروع عربة الفول الشرقية العصرية للشاب محمد حبيب، الذي قرر العمل فيما يحبه ويتقنه، وبالرغم من أنه خريج كلية التجارة شعبة لغة إنجليزية وابن لواء شرطة وعمل 5 سنوات في أكبر شركة خشب سويدي في الإسكندرية كمحاسب، إلا أنه سلك الطريق الذي يريده ويحلم به وهو الطبخ. وبدأ حبيب، بالقراءة والبحث في مجلات وكتب الطبخ الشهيرة، واخترع وصفات خاصة به ليقدمها لأصدقائه، أعجبهم مذاق طعامه الخاص ثم توالت الطلبات عليه بتجهيز طعام حفلات وأعياد ميلاد أصدقائه ولكن بمقابل مادي. اكتشف أن العائد المادي للطبخ أفضل بكثير من العائد المادي الذي يحصده كمحاسب، فقرر ترك المحاسبة تمامًا، بعد وفاة والده عام 2012، اتجه للبحث عن تدريب في مطابخ الفنادق الكبيرة. وواجه عوائق كثيرة، فهو خريج تجارة ليس سياحة وفنادق، إضافة إلى عدم وجود خبرة كافية في مجال الطبخ، إلا أن موهبته كانت أقوى من أي عائق، فقدم على تدريب في إحدى الفنادق المشهورة وقبلوه بعد أن اختبره شيف المطبخ مرتين ثم استمر بالتدريب في هذا الفندق لمدة 6 شهور. وبعد فترة التدريب، قرر إقامة مشروع خاص به "عربية فول مربوحة"، حاول أن يجمع بين الجو الشرقي لنوع الطعام الذي يقدمه والمكان الذي يقف فيه وهو من أرقى أحياء القاهرة، فاستعان بصديق في تصميم العربة، وهو الذي صمم الكثير من مقاهي مصر الجديدة التي تتميز بالتصميمات الشرقية، واستهدف بالأخص فئة الفتيات اللاتي لا يستطيعن الوقوف على عربة فول خاصة وقت السحور. ومنع حبيب، شرب السجائر للعاملين بالعربة، وقدم الطعام في أطباق بلاستيكية للاستعمال مرة واحدة، ويحاول بقدر الإمكان أن يحافظ على الطعام من التلوث والحشارات رغم صعوبة الأمر بسبب وقوفه في الشارع لذلك يرتدى فريق "مربوحة" قفازات المطبخ. وتميز ب4 وصفات للفول على رأسهم طبق فول يسمى "مربوحة"، وابتكر وصفة جديدة وخفيفة للجبنة المقلية، وقدم وصفة للبطاطس لا توجد سوى بالفنادق المشهورة. "لما روحت الحي علشان أخد ترخيص ضحكوا عليا"، هكذا تخاذل دور الحي في تدعيم هذا المشروع، كل ما قدمه له محافظ الحي هي النصيحة بأنه يقف في شهر رمضان وقت السحور، مشيرًا إلى أنه لن يأتي له زبائن من الحي بعد رمضان، واشترط عليه ألا يسرق كهرباء من الشارع. استقرت العربة تحت منزله وأخذ كبل كهرباء من غرفة نومه حتى لا يسرق كهرباء من الشارع كما قال له موظف الحي، لكنه سجل اسم "مربوحة" كعلامة تجارية وأسس شركة ذات مسؤولية محدودة لكي يستطيع تطوير مشروعه بعد ذلك. وبعد نجاح المشروع خلال شهر رمضان، الذي كلفه حوالي 18 ألف جنيه من تمويله الخاص، قرر فتح فرع آخر للعربة بجامعة عين شمس أمام كلية الآداب مع العام الدراسي الجديد، ويخطط لفرع آخر بجانب إحدى مقاهي منطقة ألماظة. "الأهالي مش بيهمهم المشروع ناجح ولا لأ، أمي بتفكر إنها لما تروح تخطبلي هتقولهم إيه، إابنها شغال على عربية فول؟!، لازم يكون في شغل ثابت." تعرض حبيب، للكثير من الضغوطات والمشاكل بسبب مشروعه من الجانب الأسري، فنشأته بين عائلة ميسورة الحال، تسكن بمصر الجديدة، كابنًا للواء شرطة ومعظم عائلته تعمل بمناصب جيدة، فكان من الخجل أن تراه إحدى صديقات والدته يقدم "الباستا" في فرح بإحدى الفنادق. ورغم كل ذلك لم يُحبط واستمر في تحقيق حلمه، وقرر أن يفاجئ والدته بدعوة جميع أصدقائها على السحور كنوع من اقناعها بالمشروع، ولكنها كانت المرة الأولى والأخيرة التي ذهبت له والدته لتأكل من العربة.