سادت حالة من القلق، اليوم، أوساط المستثمرين الأتراك، بعد دخول البلاد مرحلة سياسية جديدة من عدم الاستقرار عقب الانتخابات التشريعية، حيث خسرت الأسهم أكثر من 6%، وتراجعت الليرة إلى مستويات منخفضة قياسية جديدة مقابل الدولار. وسارع البنك المركزي التركي، إلى التدخل حيال هذا الانهيار، معلنًا خفض نسب الفوائد على الودائع القصيرة الأمد بالعملات الأجنبية لمدة أسبوع، اعتبارا من الغد. وسجلت بورصة اسطنبول هبوطا بنسبة 6.20% بينما خسرت العملة التركية 4% من قيمتها أمام الدولار لتسجل 2.76 ليرة للدولار، ورغم فوزه بمعظم الأصوات، إلا أن حزب العدالة والتنمية بزعامة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، تعرض لنكسة كبيرة في الانتخابات التشريعية أمس، وخسر الغالبية المطلقة التي يتمتع بها منذ 13 عاما في البرلمان، ما يقوض أماله بتعزيز سلطته الأحادية في البلاد. وأدى ذلك إلى حالة من عدم الاستقرار السياسي، ما يفتح الباب أمام عدة احتمالات، بينها إجراء انتخابات مبكرة وتشكيل حكومة أقلية، كما قوضت هذه النتيجة، تطلعات أردوغان في وضع دستور جديد، يحول البلاد من النظام البرلماني إلى النظام الرئاسي. وقال أوزجور ألتوج، من مكتب شركة "بي جي سي" المالية في اسطنبول: "نتيجة الانتخابات تسود حالة من الاضطراب السياسة التركية، وإلى حين تشكيل حكومة جديدة ستتواصل حالة عدم الاستقرار". وقال البنك المركزي التركي، إنه قرر خفض الفوائد على الودائع بالعملات الأجنبية من 4% إلى 3.5% للودائع بالدولار، ومن 2% إلى 1.5% لليورو. وأوضح أن القرار يأتي "نتيجة للتطورات العالمية والمحلية الأخيرة" في إشارة واضحة إلى الوضع الداخلي، وقال ألتوج، إن هذه الخطوة هي أول تحرك يقوم به البنك لمواجهة انخفاض قيمة الليرة، إلا أن تأثيره على قيمة العملة التركية كان محدودا حتى الآن. وفي رسالة إلى العملاء، قال دينيز جيجيك من بنك فينانسبنك، إن "نتيجة الانتخابات تمهد الطريق لمناقشات ومفاوضات سياسية مطولة، يمكن أن تستمر عدة أسابيع، وبالتالي فإن الأسواق ستركز على تكشف التطورات بشأن تشكيل حكومة مستقرة خلال الأسابيع المقبلة". كان حزب العدالة والتنمية، حصل على الإشادة في السنوات الأولى لحكمه، بسبب دفعه تركيا إلى تحقيق مستويات جديدة من النمو والازدهار، بفضل تطبيقه سياسات إصلاحية. ويفاخر الحزب بإنجازاته، وبينها ضمان الاستقرار المالي والسياسي في البلاد، بعد توليه السلطة عقب الأزمة المالية (2000-2001)، التي أوشكت أن تدفع البلاد إلى الانهيار الاقتصادي، إلا أن الانتخابات جاءت على خلفية المخاوف المتزايدة بشأن الاقتصاد التركي، الذي شهد انخفاضا في النمو إلى ما دون نسبة 3% في 2014، وارتفاع التضخم ونسبة البطالة. وشهدت الأسواق اضطرابات في وقت سابق من العام الحالي، بسبب ميل أردوغان نحو السياسات الاقتصادية الشعبوية، ومواجهته مع البنك المركزي بشأن معدلات الفائدة. وقال وليام جاكسون الخبير الاقتصادي في شركة "كابيتال أيكونوميكس"، في لندن: إن حالة عدم الاستقرار تأتي لتضيف إلى الخليط البشع من المشاكل الاقتصادية التي تواجهها تركيا، وبينها التضخم المستشري والعجز الكبير في الحساب الجاري، والزيادة الكبيرة في ديون القطاع الخاص، مضيفًا "ربما تكون تركيا أكثر اضطرابا بين الأسواق الناشئة الكبيرة في الوقت الحالي". أما مايكل هاريس الخبير في الأسهم في شركة "رينيسانس كابيتال"، فقال إنه رغم أن الأصول التركية ربما تكون مضطربة على المدى القصير، فإن تشكيل ائتلاف يحظى بالمصداقية يمكن أن يعود بالفائدة على تركيا. وأضاف "نعتقد أن وجود ائتلاف فعال سيسهم كثيرًا في خفض مخاطر السوق الاقتصادية على المدى المتوسط"، متابعًا "وجود ائتلاف ليس أمرًا يثير الخشية". وأثارت خطط أردوغان بتشديد قبضته على البلاد، بالانتقال إلى النظام الرئاسي مخاوف السوق.