ذات مرة دار نقاش عن الفرص، تلك التي باتت محدودة تماما.. وتصارع انقراضا كصراع النزع الأخير، ثم كان السؤال التالي البديهي جدًا، كما السبب والنتيجة. ماذا لو أن كل هذا لم يحدث؟.. ماذا لو سرنا إلى جوار ألمانيا مثلا.. تلك الدولة التي كان عدد سكانها في عام 1950 لا يتجاوز ال18 مليونا، في حين كانت القوة البشرية في مصر آنذاك تتخطى ذلك بقليل لنحو 20 مليونًا. ثم تتقلب الأيام ويمر الزمن وتتخطى مصر حاجز ال100 مليون نسمة، فيما تعاني ألمانيا من نقص بعدد السكان عند أقل من 85 مليونا. منذ ذلك الحين مرت السنوات تلو الأخرى.. الفرص تتقلص والشوارع تزداد ازدحاما وأسرار البيوت بات يعرفها الجيران وجيرانهم، ليزداد السؤال إلحاحًا: ماذا لو أن كل ذلك لم يحدث؟.. سؤال تبدو إجابته معلومة بالضرورة، لكن لا أحد يلتفت. كأنّ الإجابة لا تخصه هو بشخصه بل تخص آخرين لا نعلمهم. على مدار أكثر من 50 عاما فشلت تقريبا كل حملات تنظيم الأسرة.. والدليل واضح جدا يكفي أن تنظر إلى العداد الموجود أعلى مبنى الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء، والذي يشير إلى أن عدد السكان الآن 106-542-318، هذا العدد سيتزايد بمرور الدقائق والثواني وحتى اللحظات بمعدل 16 مولودًا في الثانية الواحدة.. لكن فجأة حدث أمر! كانت مفاجأة بالنسبة للكثير أن يعلن جهاز الإحصاء تسجيل أقل معدل للنمو السكاني خلال 50 عاما إذ انخفض من 2.6% في عام 2017، إلى 1.4% في 2023، إذن إجابة السؤال وجدت أخيرا من يسمع وينفذ.. يبدو الأمر كذلك، لكن النبأ غير السار أن ذلك ليس كافيًا أيضًا. على غرار السؤال السابق معلوم الإجابة، يطفو أمام عدد ليس بقليل حقيقة أخرى وهي أن عقارب الساعة لا تعود للوراء أبدًا.. تلك البديهية تذكرتها حينما حدثني والد صديق أنه لو عاد به الزمن لما أنجب 5 أبناء، كان سيكتفي باثنين أو ربما ثلاثة على الأكثر ليمنحهم فرصة أكبر في التعليم وقدر كاف من الاهتمام والمال.