يصطف بعربته ذات الهيكل والإطار المعدني والواجهة الزجاجية بمحاذاة "التكاتك" وعربات النصف نقل أمام أحد المقاهي الشعبية بمنطقة "أرض اللواء"، فجعلها "باترينة عرض" بداخلها أواني طهي كبيرة وممتلئة عن آخرها ب"الأرز والعدس والصلصة والتقلية"، تتراص بجوارها علب بلاستيكية وأطباق فارغة تنتظر زبون يأتي ليستمتع بأكلة شعبية، لينافس "كيمو" بعربته محلات "الكشري"، التي تعج بها المنطقة المزدحمة بأرجل المارة وعجلات السيارات. يقف "أحمد أمين"، الشاب الثلاثيني النحيل، على العربة، يحضر طبق "كشري" لأحد زبائنه بحركات بهلوانية، بعدها يقدمه ويبدأ في وصلة حكي عن تفاصيل يوم من الشقى، "أنا شغال في الشغلانة يجي من 20 سنة، بصحى من 6 الصبح، أجهز الرز والعدس والمكرونة وأسويها في المخزن، بعدها بجهز العربية وأجرها على هنا قبل الضهر، وابتدي أجهز الترابيزات، وأفضل مستني رزقي، في أيام يكون فيها شغل كتير، وأيام تانية بتبقى الدنيا مريحة، وكله حسب تساهيل ربنا، أفضل شغال لحد بعد العشا، وممكن أقبلها بشوية، ويمكن بعدها، حسب حركة الزباين". يحتاج "كيمو" لتجهيز بضاعته 200 جنيه يوميًا، حتى يستطيع الوقوف بالعربة ومنافسة المحلات، "بجيب البضاعة من تاجر الجملة كل أسبوع، بجهز العربية بكميات 6 كيلو رز، و10 كيلو مكرونة و2 كيلو عدس، وحمص وشعرية وصلصة، الحاجات دي بتكلفني في اليوم 200 جنيه، ومكسبي في اليوم 30- 40 جنيه"، مؤكدًا أن الغلاء يهدد "الكشري" من النزول على عرش أكلات الغلابة، "الحاجة غليت، الرز كنت بجيبه ب3 جنيه بقا عامل 4 و5 جنيه، والمكرونة كنت بجيبها ب3 جنيه بقت عاملة 4 جنيه ونص، والعدس كنت بجيبه ب7 جنيه بقا ب10 جنيه، والشعرية كنت بجيبها ب3.5 عاملة 5 جنيه، والقوطة كنت بجيب عداية القوطة ب30 جنيه، دلوقت عاملة بتاع 50 جنيه". "الأول كنت ببيع طبق الكشري ب3 جنيه، دلوقت بقيت أبيعه ب6 جنيه، ولو رخصوا سعر البضاعة أكيد هنرخص"، أمنية "كيمو" في شراء سلع بأسعار زهيدة، حتى يظل "الكشري" هو أكلة الغلابة والناس البسيطة، متابعًا حديثه: "حتى لو الناس قررت تعمل الكشري في البيت، هيكون مكلف أكتر، أنا بشتري الحاجة جملة، لكن لو أسرة 6 أشخاص مثلًا، عملته في البيت هيكلفها أقل حاجة 50-60 جنيه". يبدي صاحب عربية "الكشري" خوفه مما وصل إليه حول فرض ضريبة على الفول والطعمية، "حطيت إيدي على قلبي ساعتها، وقلت يا رب ما تتفرض على الكشري، لأنهم لو فرضوا ضريبة عليه، هيبقى سعر الطبق رسمي 10 جنيه"، متمنيًا أن تشرف الحكومة بنفسها على الأسعار والتجار، و"يا حبذا بقا لو يضيفوا العدس والرز والمكرونة لعربيات الكشري على بطاقة التموين، ساعتها الأسعار هتتظبط، والناس الغلابة هتاكل".