قال الدكتور محمود حمدي زقزوق وزير الأوقاف الأسبق، عضو هيئة كبار العلماء، إن التراث هو ميراث الأمة الإسلامية، مؤكدًا أن من يتركه مجنون، ومن يسيء استخدامه أحمق، ومن ينميه ويحافظ عليه عاقل. وأضاف خلال ندوة بعنوان "علاقة العقل بالنقل.. نظرة جديدة"، ضمن فعاليات الدورة التدريبية لتجديد الفكر الديني بالجامع الأزهر، أن البعض يريد أن يستغني المسلمون عن تراثهم، بينما يرى آخرون أن التراث يجب الاحتفاظ به وتقديسه دون إضافة أو تطوير ليبقى حبيس المكاتب ويحرم المسلمين من الاستفادة منه، والصحيح أن نتعامل مع التراث بطريقة متوازنة من خلال تيسيره للناس. واستشهد بكلام الأديب نجيب محفوظ، قائلا:" في بداية حياته كان يرى أنه إما أن نعيش بتراثنا ونبقى متخلفين أو أن نستغنى عنه ونواكب العصر، ولا يوجد خيار ثالث بين الاثنين، ولكنه غير رأيه في أواخر حياته، حتى قال في أحد لقاءاتي به الأزهر شرف لكل مسلم". وأوضح الدكتور زقزوق، أن التراث به علم غزير، وفي نفس الوقت به جوانب سلبية، وبه أحاديث ضعيفة تم الاستشهاد بها، وقد أقر حجة الإسلام أبوحامد الغزالي أن كتابه إحياء علوم الدين كان يحوي أحاديث ضعيفة، وعلل ذلك بأنها جاءت في فضائل الأعمال فقط، وقد عكف رضي الله عنه في السنوات الثلاث الأخيرة من حياته على دراسة علم الحديث الشريف. وأضاف الدكتور زقزوق أن النبي – صلى الله عليه وسلم – هو من نبهنا لمسألة التجديد، فقد قال عليه الصلاة والسلام:" إن الله يبعث على رأس كل سنة من يجدد لها دينها"، وهذا حديث صحيح لم يشكك فيه أحد على الإطلاق، وقد تنبه أئمة المسلمين إلى هذا التوجيه المحمدي وعملوا به، فعندما انتقل الإمام الشافعي من بغداد إلى مصر بدأ يغير في فتواه ويجدد مذهبه. وأكد وزير الأوقاف الأسبق، أن التجديد هو سنة كونية فكل شيء في الوجود يتجدد حتى خلايا الإنسان؛ لأن التجديد هو ما يضمن استمرارية الحياة؛ لذلك فإن من أراد أن يخدم التراث الإسلامي من العلماء فعليه أن ييسره للناس ويبسطه لهم، مع عدم الاستغناء عن أصول التراث الإسلامي، فالكتب المؤلفة هي اجتهادات قابلة للنقد، مضيفًا أنه من سماحة الإسلام وتشجيعه على الاجتهاد أن جعل لمن أجتهد فأخطأ أجر؛ لأن الإسلام يريد من المسلمين اقتحام ميدان الاجتهاد لمن يمتلك أدواته بدون خوف.