استقبل الرئيس عبدالفتاح السيسي، اليوم، بروكوبيس بافلوبولوس، رئيس جمهورية اليونان، في زيارته الأولى إلى مصر بعد توليه رئاسة البلاد. وصرح السفير علاء يوسف، المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية، بأنه عقب إتمام مراسم الاستقبال الرسمي وعزف السلامين الوطنيين للبلدين واستعراض حرس الشرف، عقد الرئيسان جلسة مباحثات ثنائية، تلاها اجتماع موسع بحضور وفدي البلدين. وأضاف المتحدث الرسمي، أن الرئيس رحب بالرئيس اليوناني مقدمًا له التهنئة على توليه رئاسة اليونان، مشيدًا بالعلاقات التاريخية القوية والمتميزة التي تجمع بين البلدين عبر 40 قرنًا، والتي يتعين تعزيزها وتنميتها في كل المجالات، فضلاً عن إعطائها دفعة قوية لمواجهة التحديات المختلفة. وذكر الرئيس، أن تدشين علاقات قوية مع اليونان يعد بُعدًا ثابتًا في السياسة الخارجية المصرية. من جانبه، أعرب الرئيس اليوناني عن سعادته بالتواجد في مصر والالتقاء بالرئيس لعقد مباحثات مهمة بالنسبة لكلا البلدين، مشيرًا إلى العديد من الفرص السانحة لتعزيز العلاقات بينهما، ومنوها بالدور الرائد الذي تقوم به مصر في منطقتي الشرق الأوسط والمتوسط. وفي هذا الصدد، أشار إلى أهمية تفعيل التعاون بين البلدين في الأطر الإقليمية والدولية للتغلب على المشكلات التي تواجهها المنطقة، وأضاف أنه يمكن استثمار العلاقات المتميزة التي تجمع بين بلاده وكل من مصر وقبرص لدفع التعاون بشكل وثيق مع بعضها البعض ومع دول المتوسط الأخرى، بما يساهم في تشكيل سياسة خارجية وأمنية متماسكة للاتحاد الأوروبي إزاء دول جنوب المتوسط، وتعزيز البُعد المتوسطي في سياسة الجوار الأوروبية. كما أعرب الرئيس اليوناني عن تطلع بلاده لتعزيز تعاونها مع مصر في مجال مكافحة الإرهاب، الذي تتعين مواجهته للحيلولة دون انتشاره، معربًا عن إدانة بلاده واستيائها الشديد جراء حادث اغتيال المواطنين المصريين الأبرياء في ليبيا. وفي هذا الصدد، أشار الرئيس إلى أن التحولات التي تشهدها المنطقة تعد خطيرة للغاية وتتطلب تضافر جهود المجتمع الدولي لمواجهتها وفي مقدمتها الإرهاب الذي لا يتعين أن تقتصر مواجهته على الجوانب الأمنية فقط ولكن تمتد لتشمل الأبعاد التنموية والتعاون في المجالين الاقتصادي والاجتماعي. وأعرب الرئيس عن تقدير مصر لتفهم اليونان والدول الأوروبية الصديقة لمصر لحقائق الأوضاع فيها، مُقدرًا المواقف اليونانية إزاء مصر في الاتحاد الأوروبي وكذا في الأطر المتوسطية والمحافل الدولية. وعقب الرئيس اليوناني بأهمية توافر مزيدٍ من التفهم داخل الاتحاد الأوروبي لطبيعة التحديات التي تنفرد بمواجهتها منطقة جنوب المتوسط، وكذا لحاجة دول الجوار الجنوبي إلى إطار زمني يتناسب مع التغلب على هذه التحديات ومواصلة مرحلة التحول الديمقراطي. وعلى الصعيد الثنائي، أشار الرئيس إلى ما تزخر به مصر من فرص واعدة يوفرها موقعها الجغرافي المتميز حيث تمثل بوابة لإفريقيا، ومعبرًا نحو دول الخليج العربي، فضلًا عن ترحيب مصر باستقبال المزيد من الاستثمارات اليونانية في ضوء العلاقات المتميزة بين البلدين، كما أشار إلى أهمية ترفيع مستوى اللجنة المشتركة بين البلدين التي عقدت دورتها الثامنة العام الماضي لاسيما في ضوء اتفاق الجانبين على استمرار التشاور والتنسيق في كل المجالات، مشيرًا إلى أن افتتاح مشروع قناة السويس الجديدة وتنمية منطقة القناة سيكون من شأنه تيسير حركة الملاحة الدولية وسيوفر إمكانيات كبيرة للاستثمار، ووجه الدعوة للرئيس اليوناني للمشاركة في حفل افتتاح القناة. وأشار الرئيس اليوناني إلى أن بلاده تسعى لتعزيز وزيادة استثماراتها في مصر أخذًا في الاعتبار أن اليونان تعد رابع أكبر الدول الأوروبية المستثمرة في مصر باستثمارات تبلغ أربعة مليارات يورو، كما أن لديها 180 شركة يونانية عاملة في مصر. وأضاف أن بلاده تتطلع أيضًا لتعزيز التعاون في مجالات العلوم والتكنولوجيا والتبادل الثقافي. وأعرب الرئيس اليوناني عن عميق شكره وتقديره للرئيس لما تلقاه الجالية اليونانية المقيمة في مصر من رعاية واهتمام بالغ. ونوه الرئيس إلى مستحقات العاملين المصريين التأمينية لدى الحكومة اليونانية، مشيرًا إلى أهمية صرفها لهم في أقرب فرصة ممكنة، وهو الأمر الذي أشار الرئيس اليوناني إلى أنه سيتابعه مع الوزارات اليونانية المعنية عقب عودته إلى بلاده. وشهد اللقاء اتفاقًا حول استمرار التشاور بين الجانبين بشأن ترسيم الحدود البحرية، حيث أشاد الرئيس اليوناني بموقف مصر في هذا الصدد، موضحًا أنه يختلف عن مواقف دول أخرى تسعى إلى وضع العراقيل وإثارة المشكلات. وإقليميًا، توافقت الرؤى حول ضرورة تقديم كامل الدعم والمساندة للحكومة الليبية والبرلمان المنتخب والجيش الوطني، ووقف تمويل الإرهاب ودعم القوى المتطرفة في ليبيا، حيث أشار السيد الرئيس إلى أن عملية "ناتو" غير المكتملة في ليبيا تركت البلاد عرضة لتفشي أعمال الإرهاب والفوضى، ومن ثم فإن هناك حاجة ماسة لتعزيز التعاون في مجال مكافحة الإرهاب في منطقة المتوسط. كما توافقت رؤى البلدين حول أهمية إيجاد أفق سياسي للأزمة السورية بما يحافظ على السلامة الإقليمية للدولة السورية ويعيد للشعب السوري أمنه واستقراره، مع التحذير من مغبة ترك الأوضاع في سوريا دون تسوية لما سيكون لذلك من تداعيات سلبية على منطقتيّ الشرق الأوسط والمتوسط. وأكد الرئيس، أن القضية الفلسطينية ستظل القضية المحورية في المنطقة، لافتًا إلى أن تسويتها ستساهم في تغيير الواقع الإقليمي إلى حد كبير. كما نوّه إلى أهمية تقديم ضمانات للجانبين الفلسطيني والإسرائيلي بما ييسر استئناف المفاوضات وصولا إلى حل الدولتين. وفي هذا الصدد، أشار الرئيس اليوناني إلى موقف بلاده الثابت إزاء القضية الفلسطينية وتأييدها لحل عادل لها على أساس حل الدولتين. وفي إطار العلاقات المصرية – الأوروبية، نوَّه الرئيس اليوناني إلى اهتمام بلاده بتطوير سياسة الجوار الجنوبي التي تعد بُعدًا أساسيًا في سياسة الجوار الأوروبي، والتي يتعين أن تشهد طفرة في عدد من مجالات التعاون من بينها مواجهة التحديات الأمنية والطاقة وموضوعات الهجرة. وشهد اللقاء تأكيدًا على أهمية مراعاة الأبعاد الاقتصادية في سياسة الجوار الجنوبي، لاسيما في ضوء التحديات التي تواجهها تلك الدول. وأشار الرئيس اليوناني، إلى القمة الطارئة التي يعقدها اليوم الاتحاد الأوروبي بشأن موضوع الهجرة غير الشرعية، لافتًا إلى أهمية تحقيق قدرٍ أكبر من التعاون بين دول شمال وجنوب المتوسط، وكذا تطبيق سياسة الهجرة التي أقرها الاتحاد الأوروبي في عام 2008 بشكل كامل. وفي هذا الصدد، أكد الرئيس أهمية ربط الهجرة بتحقيق التنمية في دول جنوب المتوسط والدول المصدرة للهجرة بما يساهم في القضاء على الأسباب الاقتصادية التي تدفع المهاجرين إلى الهجرة غير الشرعية والتي تودي بحياتهم في النهاية على غرار حادث غرق المهاجرين الأفارقة قبالة السواحل الليبية مؤخراً، والذي أعرب الرئيس عن خالص أسفه لوقوعه، مشددًا على أن المجتمع الدولي يجب أن يعمل على الحيلولة دون تكراره. وأضاف الرئيس، أن مصر تستضيف حوالي 5 ملايين لاجئ وتتطلع لمعاونة المجتمع الدولي لها لتوفير احتياجاتهم المعيشية والصحية والتعليمية. وذكر الرئيس اليوناني أن الاتحاد الأوروبي والمجتمع الدولي عليهما مسئولية لتقديم المساعدات اللازمة لحل مشكلات اللاجئين في الدول المستضيفة لهم.