استقبل الرئيس عبد الفتاح السيسي، اليوم الخميس، بروكوبيس بافلوبولوس رئيس جمهورية اليونان، في زيارته الأولى إلى مصر، بعد توليه رئاسة البلاد. وصرح السفير علاء يوسف المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية، بأنه عقب إتمام مراسم الاستقبال الرسمي، وعزف السلامين الوطنيين للبلدين، واستعراض حرس الشرف، عقد الرئيسان جلسة مباحثات ثنائية، تلاها اجتماع موسع بحضور وفدي البلدين. وأضاف المتحدث الرسمي، أن الرئيس رحب بالرئيس اليوناني، مقدما له التهنئة على توليه رئاسة اليونان، مشيدا بالعلاقات التاريخية القوية والمتميزة التي تجمع البلدين عبر أربعين قرنا، والتي يتعين تعزيزها وتنميتها في جميع المجالات، فضلا عن إعطائها دفعة قوية، لمواجهة التحديات المختلفة. وذكر الرئيس، أن تدشين علاقات قوية مع اليونان يعد بُعدا ثابتا في السياسة الخارجية المصرية. من جانبه، أعرب الرئيس اليوناني، عن سعادته بالوجود في مصر، والالتقاء بالرئيس، لعقد مباحثات مهمة بالنسبة لكلا البلدين، مشيرا إلى العديد من الفرص السانحة لتعزيز العلاقات بينهما، ومنوها إلى الدور الرائد الذي تقوم به مصر في منطقتي الشرق الأوسط والمتوسط. وفي هذا الصدد، أشار إلى أهمية تفعيل التعاون بين البلدين في الأطر الإقليمية والدولية، للتغلب على المشكلات التي تواجهها المنطقة، مضيفا، أنه يمكن استثمار العلاقات المتميزة التي تجمع بين بلاده وكل من مصر وقبرص، لدفع التعاون بشكل وثيق مع بعضها بعضا، ومع دول المتوسط الأخرى، بما يسهم في تشكيل سياسة خارجية وأمنية متماسكة للاتحاد الأوروبي إزاء دول جنوب المتوسط، وتعزيز البُعد المتوسطي في سياسة الجوار الأوروبية. كما أعرب الرئيس اليوناني، عن تطلع بلاده لتعزيز تعاونها مع مصر في مجال مكافحة الإرهاب، الذي تتعين مواجهته للحيلولة دون انتشاره، معبرا عن إدانة بلاده واستيائها الشديد جراء حادث اغتيال المواطنين المصريين الأبرياء في ليبيا. وفي هذا الصدد، أشار الرئيس إلى أن التحولات التي تشهدها المنطقة تعد خطيرة للغاية، وتتطلب تضافر جهود المجتمع الدولي لمواجهتها، وفي مقدمتها الإرهاب الذي لا يتعين أن تقتصر مواجهته على الجوانب الأمنية فقط، ولكن تمتد لتشمل الأبعاد التنموية والتعاون في المجالين الاقتصادي والاجتماعي. وأعرب الرئيس، عن تقدير مصر لتفهم اليونان والدول الأوروبية الصديقة لمصر حقائق الأوضاع فيها، مُقدرا المواقف اليونانية إزاء مصر في الاتحاد الأوروبي، وكذا في الأطر المتوسطية والمحافل الدولية. وعقب الرئيس اليوناني بأهمية توافر مزيد من التفهم داخل الاتحاد الأوروبي لطبيعة التحديات التي تنفرد بمواجهتها منطقة جنوب المتوسط، وكذا حاجة دول الجوار الجنوبي إلى إطار زمني يتناسب مع التغلب على هذه التحديات، ومواصلة مرحلة التحول الديمقراطي. وعلى الصعيد الثنائي، أشار الرئيس، إلى ما تزخر به مصر من فرص واعدة يوفرها موقعها الجغرافي المتميز، حيث تمثل بوابة لإفريقيا، ومعبرا نحو دول الخليج العربي، فضلا عن ترحيب مصر باستقبال المزيد من الاستثمارات اليونانية في ضوء العلاقات المتميزة بين البلدين. كما أشار الرئيس إلى أهمية ترفيع مستوى اللجنة المشتركة بين البلدين، التي عقدت دورتها الثامنة العام الماضي، لا سيما في ضوء اتفاق الجانبين على استمرار التشاور والتنسيق في جميع المجالات، منوهاً إلى أن افتتاح مشروع قناة السويس الجديدة، وتنمية منطقة القناة، سيكون من شأنه تيسير حركة الملاحة الدولية، وسيوفر إمكانات كبيرة للاستثمار، ووجه الدعوة للرئيس اليوناني للمشاركة في حفل افتتاح القناة. وأشار الرئيس اليوناني، إلى أن بلاده تسعى لتعزيز وزيادة استثماراتها في مصر، أخذا في الاعتبار أن اليونان تعد رابع أكبر الدول الأوروبية المستثمرة في مصر، باستثمارات تبلغ أربعة مليارات يورو، إلى جانب 180 شركة يونانية عاملة في مصر. وأضاف، أن بلاده تتطلع، أيضا، لتعزيز التعاون في مجالات العلوم والتكنولوجيا والتبادل الثقافي، معربا عن عميق شكره وتقديره للرئيس، لما تلقاه الجالية اليونانية المقيمة في مصر من رعاية واهتمام بالغين. ونوه الرئيس إلى مستحقات العاملين المصريين التأمينية لدى الحكومة اليونانية، مشيرا إلى أهمية صرفها لهم في أقرب فرصة ممكنة، وهو الأمر الذي أشار الرئيس اليوناني إلى أنه سيتابعه مع الوزارات اليونانية المعنية عقب عودته إلى بلاده. كما شهد اللقاء اتفاقا حول استمرار التشاور بين الجانبين بشأن ترسيم الحدود البحرية، حيث أشاد الرئيس اليوناني بموقف مصر في هذا الصدد، موضحا أنه يختلف عن مواقف دول أخرى تسعى إلى وضع العراقيل وإثارة المشكلات. وإقليميا، توافقت الرؤى حول ضرورة تقديم كامل الدعم والمساندة للحكومة الليبية والبرلمان المنتخب والجيش الوطني، ووقف تمويل الإرهاب ودعم القوى المتطرفة في ليبيا. وأشار الرئيس إلى أن عملية "الناتو" غير المكتملة في ليبيا تركت البلاد عرضة لتفشي أعمال الإرهاب والفوضى، ومن ثم فإن هناك حاجة ماسة لتعزيز التعاون في مجال مكافحة الإرهاب بمنطقة المتوسط. كما توافقت رؤى البلدين حول أهمية إيجاد أفق سياسي للأزمة السورية، بما يحافظ على السلامة الإقليمية للدولة السورية، ويعيد للشعب السوري أمنه واستقراره، مع التحذير من مغبة ترك الأوضاع في سوريا دون تسوية، لما سيكون لذلك من تداعيات سلبية على منطقتي الشرق الأوسط والمتوسط. وأكد الرئيس أن القضية الفلسطينية ستظل القضية المحورية في المنطقة، منوها إلى أن تسويتها ستسهم في تغيير الواقع الإقليمي إلى حد كبير، منوها إلى أهمية تقديم ضمانات للجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، بما ييسر استئناف المفاوضات وصولا إلى حل الدولتين. وفي هذا الصدد، أشار الرئيس اليوناني، إلى موقف بلاده الثابت إزاء القضية الفلسطينية، وتأييدها لحل عادل لها على أساس حل الدولتين. وفي إطار العلاقات المصرية–الأوروبية، نوَّه الرئيس اليوناني إلى اهتمام بلاده بتطوير سياسة الجوار الجنوبي، التي تعد بُعدا أساسيا في سياسة الجوار الأوروبي، والتي يتعين أن تشهد طفرة في عدد من مجالات التعاون، ومن بينها مواجهة التحديات الأمنية، الطاقة، وموضوعات الهجرة. وقد شهد اللقاء تأكيد أهمية مراعاة الأبعاد الاقتصادية في سياسة الجوار الجنوبي، لا سيما في ضوء التحديات التي تواجهها تلك الدول. كما أشار الرئيس اليوناني إلى القمة الطارئة التي سيعقدها اليوم الاتحاد الأوروبي بشأن موضوع الهجرة غير الشرعية، مشيرا إلى أهمية تحقيق قدر أكبر من التعاون بين دول شمال وجنوب المتوسط، وكذا تطبيق سياسة الهجرة، التي أقرها الاتحاد الأوروبي في عام 2008 بشكل كامل. وفي هذا الصدد، أكد الرئيس أهمية ربط الهجرة بتحقيق التنمية في دول جنوب المتوسط والدول المصدرة للهجرة، بما يسهم في القضاء على الأسباب الاقتصادية التي تدفع المهاجرين إلى الهجرة غير الشرعية، والتي تودي بحياتهم في النهاية، على غرار حادث غرق المهاجرين الأفارقة قبالة السواحل الليبية أخيرا، والذي أعرب الرئيس عن خالص أسفه لوقوعه، مشددا على أن المجتمع الدولي يجب أن يعمل على الحيلولة دون تكراره. وأضاف الرئيس أن مصر تستضيف نحو خمسة ملايين لاجئ، وتتطلع لمعاونة المجتمع الدولي لها، لتوفير احتياجاتهم المعيشية والصحية والتعليمية. وذكر الرئيس اليوناني أن الاتحاد الأوروبي والمجتمع الدولي عليهما مسئولية تقديم المساعدات اللازمة، لحل مشكلات اللاجئين في الدول المستضيفة لهم.