انتظرت ريثما انتهت المناظرة التى استمرت أكثر من 5 ساعات بين د. أسامة الأزهرى والحبيب الجفرى من جانب، والباحث إسلام بحيرى من جانب آخر، ثم سألت نفسى: ترى ماذا كان يتوقع المشاهد من تلك المناظرة؟! وهل استطاعت الخروج بإجابات قاطعة وافية شافية عن تساؤلات تشغل العقول وتحير الأفئدة، وحسمت قضايا وأفكاراً وأموراً تثير الشكوك والجدل منذ زمن بعيد؟! هل استطاعت فك الاشتباك بين ما تحويه كتب التراث وبين ما لا تقبله الفطرة الإنسانية، ويأبى قبوله العقل الواعى المستنير؟! هل أماطت اللثام عن حقيقة الأحاديث التى تتعارض مع كتاب الله وسماحة ديننا الحنيف وعظمة ورحمة وأخلاق رسولنا الكريم؟! هل أذابت الجمود وأنارت العقول، ودرأت شبهات تعارض صحيح المنقول وصريح المعقول؟! هل مهدت الطريق لحوار جاد مشترك يمكننا من طرح ومناقشة النقلية التراثية البشرية التى ظلت أحد التابوهات المقدسة، والمناطق المحرمة التى لا يسمح الاقتراب منها أو الاجتهاد فيها؟! أم كانت مباراة جدلية واستثارة وتلاعب بالألفاظ والمعلومات، ومحاولة من كل طرف تخطئة الآخر ودحض وتشويه أفكاره وإثبات التفوق عليه، وخرج أتباع كل طرف مهللين منتشين، كل منهما لديه يقين كامل بالفوز والغلبة والانتصار، واستمر الجدل حول من المنتصر ومن المهزوم، ويستمر معه أيضاً الهجوم على الطرف الآخر!! إن قضيتى ليست الدفاع عن شخص أو أفكاره، بل إننى أرفض بشكل قاطع أداء الباحث إسلام بحيرى، وأختلف مع منهجه فى الحوار والنقاش، لكننى أرفض أيضاً التسليم المطلق واحتكار الفكر، وغلق باب الاجتهاد، والتعامل مع التراث البشرى باعتباره «كهنوت» مقدساً يغيب العقل، كما أن المعضلة ليست فى إنكار ما يطرحه باحث فى برنامج تليفزيونى، وإنما فى إماطة اللثام عن المسكوت عنه فى تراثنا بعد أن تفجرت «براكين» المعلومات على شبكة الإنترنت، وهو ما بات أحد الأسباب الرئيسية للتطرف والعنف، وكذا انتشار الإلحاد بين الشباب! إن غيرتى على دينى وحبى لرسول الله صلوات الله عليه وسلم، وحرصى على الخير للأمة فى دينها ومرجعيتها ومصادرها، يجعلنى أطالب علماء الأمة بأن يفتونا ويفيدونا، فى بعض وليس كل الأحاديث المنكرة، ويقولوا لنا هل يوافقون مثلاً على حديث «الشؤم فى المرأة والدار والفرس»؟! وحديث اختصام الجنة والنار، وأن الجنة أوثرت بالضعفاء، وأما النار فينشئ لها الله عز وجل قوماً لأجل أن تمتلئ حتى يضع الحق قدمه فيها فتقول، قط.. قط أى كفى.. كفى!! وحديث الصورة، الذى يقول «إن الله عز وجل خلق الله آدم على صورته»، وأن كل من دخل الجنة على طول آدم، وأن آدم طوله ستون ذراعاً!! وهو ما يخالف العلم والطب والمنطق!! والحديث الذى أخرجه الشيخان «إذا هلك كسرى فلا كسرى بعده، وإذا هلك قيصر فلا قيصر بعده»، وقد جاء 69 قيصراً فى 800 عام بعد قيصر المعاصر للنبى، وحاشا لله أن يخطئ الرسول الذى يوحى إليه!! وكذا الحديث الذى يقول وليعوذ بالله «إن ربكم ليس بأعور»!! وحديث «لولا بنو إسرائيل لم يخنز اللحم» وهو كلام لا يقبله أى علم وضد قوانين الحياة!! وكيف تفسرون حديث البخارى (6581) أن الرسول الكريم حزن حزناً شديداً عندما فتر عنه الوحى، وغدا منه مراراً كى يتردى من رؤوس شواهق الجبال، فكلما أوفى بذروة جبل لكى يلقى منه نفسه تبدى له جبريل، فقال: يا محمد إنك رسول الله حقاً، فيسكن لذلك جأشه وتقر نفسه، فيرجع فإذا طالت عليه فترة الوحى غدا لمثل ذلك!!! لا وربى حاشا لله أن يقدم المصطفى خير الخلق وشفيع الأمة صلوات الله عليه وسلم على مثل هذا الفعل!! بالله عليكم من الذى يعتدى على الإسلام ويشوه صورة الدين؟! من ينكر تلك الأحاديث أم من يستميت فى الدفاع عن أفكار وأطروحات تخالف مبادئ ومقاصد وتعاليم ديننا الحنيف؟! ومن الأحق بالدفاع ودرء ما ينسب إليه زوراً وبهتاناً؟! الإسلام والرسول الكريم أم البخارى ومسلم وتراث الأئمة الصالحين؟! وللحديث بقية..