فكرت فى الاستعانة بعبارات من موال أدهم الشرقاوى. مركزاً على «الحادثة اللى جرت» لأن ما سمعته من وجدى الحكيم يتعدى وصف الهول الأعظم ويتطلب منا التوقف أمامه لأن وراءه ما وراءه. وتفتح الباب على مصر الأخرى التى تتعايش مع مقدماتها الخطيرة وكأنها من الأمور العادية. مع أن بريخت قال: «إن مآسى الأوطان تبدأ عندما ينظر أهل الوطن إلى الأمور الخطيرة على أنها من الأمور العادية». وجدى الحكيم كتلة إنسانية من الحكايات التى تلخص تاريخ الفرح المصرى والغناء المصرى والموسيقى المصرية فى قرننا العشرين. يذكرنى بتدفق الحكايات من سعد الدين وهبة -يرحمه الله رحمة واسعة- ما أن تقابل وجدى الحكيم حتى يبدأ الحكى كأنه يكمل حكاية سابقة كنا قد توقفنا عند لحظة معينة فيها. قال: إنه فوجئ منذ أيام بدخول مجموعة من الشباب الملتحين. قالوا إنهم لجنة شعبية فى المنطقة يتابعون الأحوال. سألهم: وهل عندى ما يستوجب المتابعة؟ من باب الإيضاح أنه يمتلك استوديو للتسجيلات الصوتية والمرئية فى الهرم. وأن المكان مرخص منذ سنوات ويمارس عمله. قال شاب: إن اسم الاستوديو الحكيم. قال لهم وجدى: إنه اسمى. قال الشاب الثانى: إنه أحد أسماء الله الحسنى. ولا يجب إطلاقه على إنسان ولا مكان أو مؤسسة. وسنعطيك مهلة للتنفيذ. قال وجدى: وما هو العمل لمن يطلق أسماء السلام والرحمن والرحيم على مؤسسات.. وهل يمكن أن تسمى وزارة بالعدل، والعدل أحد أسماء الله الحسنى؟ لم تكن أسماء الله الحسنى هى الهدف الوحيد من الجولة. إذ قال له شاب: ثم إننا نريد أن نطلع على المواد التى يتم تسجيلها. ومن باب التفاصح قال الشاب: لا تنس أن عبدالحليم حافظ غنى: قدم أحمق الخطى. وأن من تسمونها كوكب الشرق أم كلثوم غنت: هل رأى الحب سكارى مثلنا؟ قال وجدى الحكيم: إن المثالين اللذين قدمتموهما من تاريخ الغناء العربى ومن الأعمال المهمة والعظيمة فيه. سألهما وجدى الحكيم السؤال الرئيسى كان لا بد أن يبدأ به الحوار كله: هل معكم أوراق رسمية تعطيكم الحق فيما تقومون به؟ وأين هى؟ قالوا له ببساطة: إن الدعوة إلى الله سبحانه وتعالى لا تتطلب أى أوراق. كيف نحصل من عدد -أياً كان- على إذن أن يطبق شرع الله، أليس فى كلامك تناقض يا هذا؟! صورة طبق الأصل لما سمعه وجدى الحكيم وما قاله. وكنت أتصور أن يذهب إلى الشرطة أو النيابة لعمل إجراء ضد هؤلاء. ويجب على أركان الدولة المصرية أن تفيق. حتى من باب التخوف من أن ثمة كياناً يهدد سلطة الدولة المصرية فى عقر دارها. وينال من بقايا دور مصر الذى قادت به الوطن العربى والأمة الإسلامية فى ستينات القرن الماضى. ألا وهو: الفن الجميل.