ذهب الرئيس السيسى إلى إثيوبيا لتوقيع اتفاق (إعلان مبادئ حول سد النهضة العظيم، بين رؤساء مصر وإثيوبيا والسودان) ونص الاتفاق فى المادة الثالثة (فى حالة حدوث ضرر ذى شأن لإحدى الدول فإن الدولة المتسببة فى هذا الضرر عليها فى حالة غياب اتفاق حول هذا الفعل اتخاذ كافة الإجراءات المناسبة بالتنسيق مع الدولة المتضررة لتخفيف منع هذا الضرر، ومناقشة مسألة التعويض كلما كان ذلك مناسباً!)، ومما لاشك فيه فإننا فى حالة تهديد جدى وضرر حقيقى عن هذا السد، والأجدى هو حل الخطر القائم لا إحالته ل15 شهراً مقبلة، ثم أى حديث عن تعويض فيما يتعلق بمصدر الحياة الدائم لنا وللأجيال المقبلة؟ هل لنا الحق الآن أن نتنازل عن قطرة ماء يملكها أبناؤنا مقابل تعويض نحصِّله فى الحاضر وكأنه ملكنا نورثه؟ ثم ذهب جيشنا العظيم بقرار جمهورى للقيام بعمليات عسكرية فى اليمن. الحالتان المذكورتان اللتان تتعلقان بالحياة تمتا دون وجود مجلس نيابى منتخب يمثل الشعب، وإذا تغاضينا عن ذلك فإن القرارين أُنفذا دون مناقشتهما شعبياً باعتبار أن الشعب هو المتضرر أو المستفيد من كليهما. تأجيل انتخابات البرلمان يثير من الأسئلة والظنون ومن الإحباط والغضب الكثير، خاصة مع تواتر الحديث المؤكد من شخصيات لها ثقة وثقل كالدكتور أبوالغار والدكتور عبدالجليل مصطفى والمهندس باسم كامل وغيرهم عن الضغوط والتهديدات التى وقعت من جهات أمنية أو لها علاقة بالرئاسة على مرشحين من قوائم لكى يخرجوا من هذه القوائم أو ينضموا لقوائم أخرى تحظى بدعم هذه الجهات وإلا تعرضوا لعواقب وخيمة كما حدث لإحدى المرشحات بالإسكندرية! هذا يؤكد سعياً جدياً وواضحاً ومعلناً بلا مواربة ولا خجل من البعض لصياغة برلمان يُمنع فيه السؤال والاستجواب ومعرفة الحقيقة التى تتعلق بحياة المصريين ومستقبلهم، ما يعنى أن لهذه الجهات والجماعة مصلحة مناوئة، ولهذا يعملون من المنبع على منع المراقبة والمواجهة بهذه الضغوط التى تم كشفها، وزامنها صياغة وإخراج قوانين الانتخابات البرلمانية التى قال عنها وزير العدالة الانتقالية إنها تتم بعيداً عنه ولا يعرف عنها شيئاً بل تأتيه جاهزة، ثم إن هذه القوانين أثارت القوى السياسية وانتقدتها مراراً وتكراراً وأظهرت عوارها وفسادها وعدم دستوريتها وأبلغت بذلك السيد رئيس الجمهورية وطالبته بإعادة النظر فيها فلم يفعل. وترتكز فكرة هذه القوانين المشبوهة على إعادة إنتاج أسوأ من يمثلون الشعب، وإنجاح هؤلاء الذى يعيدون سيرة استخدام المال والعصبية العائلية أو العصبية للمدينة والقرية، وكذلك تحويل نائب البرلمان إلى نائب خدمات ومنافع خاصة، مما يقلل الأسئلة ويمنع التقصى والاستجواب وهو ما تهدف إليه هذه القوانين التى يكتبها أبناء مبارك. فلسفة هذه القوانين هى استبعاد الفقراء والسياسيين الذين لديهم آراء وأفكار تخالف وتعارض ما تطرحه الجماعة الحاكمة وتستفيد منه. إن هذه الطريقة التى تمنع الفكر السياسى الرشيد تُخلى الشارع السياسى المصرى فارغاً لجماعات الدين السياسى، مما يحفظ معين الإرهاب مروياً ونضراً، وربما كان مقصوداً ذلك بوعى أو لا وعى لتستمر القبضة الأمنية والسلطة والمنافع بمنع الديمقراطية. إن هناك سعياً مستمراً لصناعة حاكم لا يُسأل، يكشفه المسار الذى تبع 30 يونيو، ثم حالة إسهال من القوانين التى تتعارض مع الحريات والشفافية ومصالح طبقات الشعب المختلفة، وكذلك مسار صياغة قوانين الانتخابات البرلمانية أن النية ليست جادة لإقامة البرلمان. وهذا كله يمهد الأرض لهدف آخر، وكما تُظهر شذرات، هو تعديل الدستور وتقليص سلطات النواب وزيادة سلطات الرئيس.