عندما أضاءت أول شعلة للتغيير فى تونس الشقيقة كانت نبراساً للكثير من الشعوب الواقعة تحت سيطرة أنظمة قمعية مستبدة. فهبّ الشباب المصرى والقوى السياسية التى كانت تقاوم الفساد والاستبداد وحكم الفرد الواحد والتفاوت الطبقى واستغلال ثروات البلاد لصالحها دون التفكير لمجرد التفكير فى المواطن المصرى مما تسبب فى تدهور حياة المواطن وساعد فى الاستجابة السريعة للتغيير. وهذا سهّل على المتربصين بالوطن تحقيق مخططهم وبث سمومهم، وكانت أحلامهم تزداد بعد وقوع العراق، وكانت ضمن ثلاثة بلدان تمثل قوة لا يستهان بها فى المنطقة العربية، ثم ما حدث فى سوريا والسودان وليبيا واليمن، وكانت العقبة أمامهم مصر والمصريين. عند سيطرتهم على ثورة 25 يناير واستخدامهم لبعض مؤسسات المجتمع المدنى منهم من كان لا يعلم المخطط لإسقاط الدولة المصرية، ومنهم كان عنده علم بهذا المخطط، ووجدنا العديد من الائتلافات والاتحادات والحركات والمبادرات، وأصبح لدينا آلاف النشطاء السياسيين والحقوقيين يتكلمون عن حقوق الإنسان، ومن وجهة نظر واحدة، ليعطوا مجالاً للتدخل الأمريكانى (حماة الحرية والديمقراطية) كما يدعون. حتى انقض التيار اليمينى المتشدد، الممثل فى الإخوان المتأسلمين، على الحكم، وهذا لمعرفتهم بعاطفة الشعب المصرى تجاه الدين سواء الإسلامى أو المسيحى، وأخذ الإخوان يتاجرون بالدين لضياع الهوية المصرية ويكتمل المخطط لتفتيت الشرق الأوسط وتصدير الإرهاب حتى نزداد فى التخلف وندور فى دائرة الانقسامات ونصبح فريسة لأحلام وطموحات الغرب فى الاستيلاء على ثروات الأمة العربية، ومن جهة أخرى لتحقيق حلم رجوع الخلافة، ومن هنا نقع فريسة سهلة لإيران وتركيا والأمريكان واستخدام أصغر دولة فى جسد الأمة للنخر فى عظامها. وفى الحقيقة كل من يقرأ هذا الكلام لا يجد فيه جديداً، ولكنى أقوله الآن للتذكرة قبل انعقاد اجتماع القمة العربية فى شرم الشيخ يومى فى 27 و28 مارس؛ لأن الخطر الآن بعد تقسيم السودان وبعد الحرب الأهلية فى سوريا وتدمير العراق وما يحدث فى ليبيا واليمن والمماطلة لأكثر من ستين عاماً نعتمد فيها على المبادرات والحلول الدولية لحل المشكلة الفلسطينية ولن تحل إلى الأبد بكل هذه الازدواجية والانحياز الواضح لإسرائيل. فلن يسترد الحقوق الضائعة إلا أصحابها، والآن الأمر أصبح خطراً سوف يطول الجميع ولن ينجو منه أحد، فعلينا أن نسعى سريعاً إلى التوحد بعمل قوة دفاع عربى مشترك. والأكثر من ذلك لا بد من عمل اتحاد عربى فاعل ليشمل توحيد جميع النواحى الاقتصادية والعسكرية والتجارية والثقافية، ولا بد أن ندرك تماماً أن مصيرنا واحد، ولا بد من الحفاظ على وحدتنا حتى لا ينال المتربصون منا هدفهم فى تفتيتنا وفرقتنا. «وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا».