«ممنوع الاستقطاب».. هذه هى اللافتة التى حاول وضعها على سماء الحياة السياسية فى مصر منذ انطلاق ثورة 25 يناير، سعياً للحفاظ على المشهد الميدانى خلال 18 يوماً توحدت خلالها صفوف المصريين.. «دعونا من الحديث عن إسلاميين وليبراليين، يجب أن ينتهى هذا الصراع والتعصب، فكلنا مصريون وإن اختلفت أفكارنا» هكذا يقول دائماً. الدكتور عبدالمنعم أبوالفتوح، الذى يقترب من عامه ال62 وينتمى لأسرة جاءت إلى القاهرة من قرية «قصر بغداد» بمحافظة الغربية، وكان ترتيبه الثالث بين ستة إخوة كلهم ذكور، بدأ رحلته السياسية كأحد القيادات الطلابية للدعوة الإسلامية فى السبعينات، ثم انتقل إلى الإخوان المسلمين، ولعب دوراً كبيراً فى إعادة إحياء الجماعة حتى بدا «المؤسس الثانى» لها، واستمر لثلاثة عقود ويزيد أحد الأسماء المهمة داخل البيت الإخوانى حتى جاءت ساعة الصفر وانفجر طوفان الثورة، لتظهر الخلافات التى كانت حبيسة الصندوق الحديدى للإخوان.. «الفصل بين الدعَوى والسياسى»، «تقنين الأوضاع»، «الدفع بالجماعة سياسيا خطيئة»، كلمات «أبوالفتوح» الأخيرة التى لم يرضَ عنها قادة «الحرس القديم»، حتى أعلن الرجل ترشحه للانتخابات الرئاسية، ليقع تحت مقصلة الإخوان، بداعى خروجه على قرار مجلس شورى الجماعة بعدم الدفع بمرشح للرئاسة، ليتم الدفع بمرشحين فيما بعد! «سبارتاكوس الجماعة» أصبح معلقاً على مشانق إخوانه، لأنه لم يقل نعم.. المجد لمن قال لا: من قال «لا» فى وجه من قالوا «نعم» من علّم الإنسان تمزيق العدم من قال «لا».. فلم يمت وظلّ روحا أبديّة الألم! «أبوالفتوح» واصل طريقه منفرداً بصحبة الشباب، وخاض معركة انتخابية عنيفة، مودعاً السباق الرئاسى بعد حصوله على المركز الرابع فى الجولة الأولى من الانتخابات. الخسارة لم تنه معركة «الحصان الجريح»، ولكن زادته قوة، ليعلن استمراره فوق المسرح السياسى بتأسيسه حزب «مصر القوية»، رافعاً على باب حزبه الوليد اللافتة نفسها: «ممنوع الاستقطاب». «سنظل أوفياء لأهداف الثورة، ودماء الشهداء، وضد التعصب».. كلمات الأمين العام لاتحاد الأطباء العرب التى حاول فيها تلخيص رؤية حزبه الذى بدأ برنامجه بمبدأ «تنمية الإنسان»، مضيفاً: «حزبنا وسطىٌّ معتدلٌ لن ينزلق إلى صراع مفتعل لا يخص إلا النخبة وبعيد عن عموم المصريين». أبوالفتوح لم يكتف بحزب «مصر القوية» فحسب، لكنه دشن قبله جمعية «مصر المحروسة»، ليجسد رؤيته التى رددها مراراً داخل جماعة الإخوان المسلمين، جمعية وحزبا، لكن المحافظين لم يعجبهم طرح رائد التجديد الذى وجد فى ميدان التحرير منذ اليوم الأول للثورة، وكانت جماعته لم تأخذ قراراً بالمشاركة بعد. أكد أبوالفتوح أن حزبه الوليد، الذى يتمنى أن يقوده أحد الشباب حسبما قال، يرحب بالتنسيق مع كل الأحزاب والقوى السياسية، طالما التزمت بمبادئ وأهداف 25 يناير، مردداً أذان الثورة: «عيش/ حرية/ عدالة اجتماعية»، ومن خلفه ردد الشباب: «ثوار أحرار هنكمل المشوار».