يخلع البالطو الأبيض. يعلقه على الباب، حتى لا يتسخ. يجلس بالساعات فى غرفة العمل. يمنع الجميع من الدخول. درجة الحرارة تشتد عليه، يتعب، لكنه يومياً ينتهى فى العاشرة مساء مهما اشتد التعب. يحرص على أن تكون معداته نظيفة دائماً، هكذا تعلم من والده. هو ليس طبيباً ولا صيدلانياً، وإنما بائع فطير بشارع «العشماوى». ينام بعد تجهيز الفطائر، ويستيقظ فى الخامسة فجراً، ليقف فى المكان الذى اعتاد الوقوف فيه. تعلم عم «حسين منصور محمد»، المهنة من والده، ووالده تعلمها من جده. الجد والأب والحفيد باعوا فطائر بالعسل والبسبوسة والسكر، فى نفس المكان، والثلاثة حرصوا على ارتداء بالطو أبيض كشرط للقيام بالمهمة. يبدأ «حسين» يومه بأكل فطيرة: «أمال إيه، لازم أول حاجة أعملها أغير ريقى الصبح بفطيرة، وكمان عيالى اتعودوا ياكلوا فطير كل يوم الصبح.. ده طباخ السم بيدوقه». معظم سكان شارع «العشماوى» والعاملين فيه، يأكلون فطائر «عم حسين»: «أنا مارضيتش أغلِّى الفطيرة أكتر من 2 جنيه، عشان الرجل ماتتقطعش من عندى.. الناس مش ناقصة زيادة فى الأسعار».