على الرغم من شبه انقراض المهنة، إلا من المثل الشعبى الشهير "اللى مايشوفش من الغربال يبقى أعمى"، إلا أن عم سيد صالح الشهير بعم عربى متمسك بها، لمعرفته بقيمة مهنته، التى وصفها بأنها مذكورة فى القرآن، وهو ما جعله يتمسك بها أكثر، بالإضافة إلى كونها مهنة أجداده، وتوارثتها عائلته. عم عربى الرجل الستينى، يقبع مكانه منذ 45 سنة، فى تلك البقعة من الارض، وأمام ذلك المنزل، ممسكاً بحلقات الخشب، والسلك والمسامير، يدق المسمار عبر السلك إلى الخشب، لينتج فى النهاية "منخل أو غربال". "أنا ليا 45 سنة شغال فى الشغلانة دى، وارثها عن أبويا وجدى".. يقولها بصوت مملوء بالفخر، وتابع: "محل أكل عيشى هو فسحاية أمام منزلى، وأحيانا لما بيكون الشغل فى النازل بنزل أسرح فى السوق لما بتكون فى بضاعة كتير"، ويضيف عم عربى، "الله يرحم أيام زمان كان فى ناس كتير بتشترى مننا، كنت ممكن أبيع فى اليوم 15 منخل، علشان الأرياف كانوا بيحبوا يعملوا فطير مشلتت، البيع دلوقت قليل، زبائنى هم أصحاب مقلة اللب". وعلى الرغم من ضيق الحال، إلا أن سمعة عم عربى هى كانت عنوانه فيقول "أنا كنت بجيب بضاعة كتيرة من غير ما أدفع تمنها، كان اسمى زى البرلنت الأبيض، أى حد عارف مين هو سيد صالح، علشان الشرف والأمانة هما عنوانى، وأنا كنت بشتغل على سمعتى علشان الحال على القد، وبعد لما أبيع أسدد تمنها". ويضيف عم عربى، الذى مازال يحاول تثبيت السلك على الإطار، وأصوات الدق لا تنقطع، "أنا بس كل اللى عايزه إنى أدخل بيتى لقمة حلال والحمد لله أنا معايا 7 عيال تعبت وعلمتهم وكبرتهم، من عرق جبينى، والحمد لله هما دلوقتى متوظفين فى أحسن وظايف". "الشغلانة انقرضت علشان اللى بيموت عياله مش بتكمل من بعده".. بهذه الكلمات برر لنا عم عربى سبب اختفاء المهنة فى الوقت الحالى، مضيفاً "أى شغل فى الدنيا فيه مشاكل، ده غير إنها شغلانة بتاعت بركة، وأنا كمان موصى عيالى لما أموت ماحدش يعملها تانى".
