طابور ممتد ثابت لا يتحرك، يقف فيه «أبوخالد» بلودر وخلفه الأعداد تزيد والسيارات تتكدس، تمر ساعة تلو الأخرى لا شىء يتغير سوى أن «أبوخالد» يقترب من مراده، فها هو على عتبة «تفويلة السولار» التى ينتظرها طوال 8 ساعات كاملة، مجرد خطوات تفصله عن عامل البنزينة، لكى يجتازها يجب أن يدفع 10 جنيهات، وحين حاول الاعتراض، فوجئ بتهديد مباشر من العامل «ادفع 10 جنيهات تفول مش هتدفع امشى». لم يعترض «أبوخالد» يوماً على زيادة أسعار السولار أو المواد البترولية، لكنه يعترض على نقصان المتوافر منها فى السوق، واضطراره وعدد من السائقين إلى الرضوخ للسوق السوداء أو الإتاوة الإجبارية التى يفرضها عليهم عمال المحطات، وتحديداً الكائنة فى التجمع الخامس، لكنه هذه المرة رفض دفع الإتاوة التى فرضها العامل «مش دافع أكتر من تمن التفويلة»، مقرراً البقاء فى مكانه دون الرجوع «فضلت واقف فى مكانى وناس كتير زيى مادفعوش، لأننا ناس غلابة ومعظمنا شغالين على اللودرات دى ومفيش حد مننا صاحبها، نجيب ال10 جنيه الزيادة منين، ولو دفعناها المرة دى فى كل مرة هتبقى عادة ومحدش عارف الأزمة هتفضل لحد إمتى». لم يجد الرجل البسيط حلاً غير الانسحاب، بعد أن رفض عامل المحطة الرجوع عن استغلاله للأزمة «مفيش رحمة، بقينا ندور على مسئول واحد فى البنزينة ملقناش عشان نتكلم معاه، وفيه ناس وقفوا جنبى واتخانقوا مع عمال المحطة وهما كل اللى عليهم يقولوا إن السولار غالى وعشان كده زودوا تمن التفويلة 10 جنيهات بدل ما يزودوا على كل لتر سولار 20 قرش، فمشيت ومافوِّلتش، هنلاقيها من زيادة الحكومة ولا استغلال المحطات، ولا من الأزمة اللى رجعنا نقف فيها بالساعات تانى؟!».