■ تعلمت من التاريخ وأحكامه أن بلادى عبر سنوات الزمن هى ضحية الجغرافيا والتاريخ. يأتى لها الهكسوس أو قبائل البربر الليبية أو العثمانيون أو الفرنسيون أو الإنجليز غازين، فتظل مصر التى تُعلمهم معنى الحضارة وشمس التنوير، ولا ترضى إلا بخروجهم جميعاً. وتتكالب عليها المؤامرات عبر السنين فتقف صامدة مستعينة بخالق تعلم مقدارها عنده، فتدحر صليبيين وتتاراً وصهاينة متأمركين. تمر عليها الأيام والليالى وهى المحروسة برعاية الله المذكورة فى كتابه عن يقين بفعل الأمر والقسم. فإن أراد اليهود طعاماً فيكون قوله: «اهبطوا مصر». وإن جاءها مستجير من خوف أو جوع أو بطش ظالم، فيكون قوله: «ادخلوها آمنين». وحينما يريد أن يقسم فيكون القسم بتينها وزيتونها وطور سينين. ولذا أيقنت منذ بدء وعيى أنها مصر.. فمن أنتم؟ ■ وأدركت بحكم المتابعة أن ما يحدث فى عالمى العربى وبلادى المصرية من نوبات إرهاب صهيونى الفكر عربى التمويل، لا علاقة له بدين أياً كان مسمّاه. فلا أيمن الدسوقى ومعاذ الكساسبة كانا مسيحيين، ولا قتلة المصريين المسيحيين فى ليبيا كانوا يدافعون عن الإسلام. إنما هى نار الفتنة وخوارج العصر الجديد، يرفعون راية الدين كوسيلة لتحقيق أهداف ما أنزل الله بها من سلطان، وجر بلادى إلى شباك فخ حرب ينصبونه لنا ليستكملوا ما بدأوه من خطط أفشلتها خطوات العسكرى المصرى؛ فهو ابن مصر.. فمن أنتم؟ ■ وتيقنت بحكم المعايشة أن علينا مجدداً وتكراراً إعادة تعريف العدو والخونة والعملاء؛ لندرك أن من بيننا من يحمل الجنسية ويتمتع بها وهو لبلادى عدو خصيم، لا يذكر لها طريقاً سار فيه، ولا سقفاً احتمى به، ولا ذكريات باسمة أو حزينة ضمته فيها. فصار يشمت فى مُصاب ألمّ بها، ويروج شائعات كاذبة عن عمد، ويقذفها بسهام نيران غلّه عن جهل، دون أن يعلم أنها لطالما لفظت الخائنين والخائبين وعديمى الضمير وتركتهم عرايا فى التاريخ، وأن يوم حسابه آتٍ لا محالة، قصُر الزمن أو طال؛ فهى مصر.. فمن أنتم؟ ■ وعشقت فى بلادى بحكم الفهم سريان المحبة بين أهلها الطيبين. لا أعلم أهذا مصرى مسيحى أم ذاك مصرى مسلم؟ يجمعنا عمق التاريخ والتشبع الأصيل بسمات طمى النيل التى منحتنا سمار لونها فى بشرتنا جميعاً لتذكرنا أننا لها ننتمى أجمعين. أتذكر كلما ضاقت الأيام مقولة المسيح بمباركة شعب مصر، وحديث المصطفى بأننا فى رباط ليوم الدين، فأعلم أن ما يسعون له من فتنة باطل، وأن رجاءهم فى خيبة وإلى زوال ولو بعد حين، وأننى أنتمى لشعب جبار تجرى فى عروقه بالفطرة معانى الأمن القومى لبلادى. فأدعو له لأنه من مصر.. فمن أنتم؟ ■ وأتابع بسخرية تصريحات مختل يمسك فى يده بسلاح ويتحدث بلكنة غربية مهدداً متوعداً إيانا بسوء المصير! فأتعجب من غباء المستعمر الجديد الذى لم يدرك أننا لا نخاف وتناسى أنه عليه إن فكر فى المساس بمصر وأمنها أن يواجه جيشاً مدعوماً بشعب وشعباً يحرسه جيش. وغاب عنه أننا لا نحارب بسلاح بل نمزق بأسناننا من يجرؤ على الإساءة لنا، وأعذرهم بعض الشىء فهم جاهلون حتى بتاريخ بلادهم ومغيبون عن حقائق الزمن. لا يعلمون أنها مصر.. فمن أنتم؟ وتبقى كلمة لأهلى.. اصبروا وصابروا ورابطوا فإن نصر الله قريب.