تشتد العاصفة التي تحمل فى هباتها حبيبات ترابية ناعمة، وتخفى من ورائها أشعة الشمس، وزرقة السماء، وتكسو الأجواء باللون الأصفر القاتم، وعلى الأرض يهرول المارة للإختباء من أذى ذرات التراب التي تصيب الأنوف والعيون، وأبصارهم شاخصة نحو السماء في انتظار سقوط الأمطار التي قد تثبت الأتربة الهائجة في الهواء وعلى الأرض، وبينما يسارع الجميع الى ركوب السيارات أو الإحتماء فى المنازل التى لم تنجو من هجوم الأتربة، يسير عامل النظافة الخمسينى فى نهر الشارع متحديا الطقس السيىء، لمواصلة الأعمال المطلوبة منه، يجمع الأكياس والقمامة، ويضعها فى أجولة مثبتة على عربة حديديه يدفعها من أمامة بكل عزم وقوة. العواصف الترابية لا تتسبب فى استنشاق الرجل للأتربة التى قد تصيبه بالتهابات فى الجيوب الأنفية فحسب، بل تؤثر على عمله، وتنقل الأكياس والأوراق من مكانها أولا بأول بلا رحمة، فلا تفرق بين المساحات التى قام بتنظيفها، والأخرى التى لم يصبها الدور، ويظل هكذا فى صراع طويل مع الرياح والأتربة حتى انتهاء وقت عمله فى المساء.