كان يوم الخميس 29 يناير 2015 من أتعس الأيام التى شهد فيها المصريون جريمة إرهابية راح ضحيتها ثلاثين من جنود مصر، الذين وصفهم الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم بأنهم «خير أجناد الأرض» مع إصابة العشرات منهم ومن المواطنين الأبرياء. إن ذلك اليوم الحزين يجب أن يكون يوماً فاصلاً تستبدل فيه الدولة المصرية أساليب العدالة الثورية الناجزة بأسلوب العدالة البطيئة غير المتناسبة مع فداحة جرائم الإرهاب الإخوانى وجسامة الخسائر التى يسببها فى أرواح شهداء القوات المسلحة والشرطة والمصريين الشرفاء، ناهيك عن الخسائر المادية فى كل الميادين التى يطالها الإرهاب بجرائمه فى سيناء وكل أنحاء الوطن. لقد استشرى وباء الإرهاب، وتجرأ الإرهابيون على الدولة، وتعددت صور الإرهاب وطالت مرافق الدولة الحيوية من كهرباء وسكك حديدية وطرق رئيسية وخطوط الغاز وأخيراً المناطق التجارية كما حدث فى انفجار عبوة ناسفة فى ممر بهلر التجارى المتفرع من شارع طلعت حرب فى قلب القاهرة، وذلك كله فضلاً عن الهجمات الإرهابية على المواقع والكمائن العسكرية للجيش والشرطة! ولا شك أن القوات المسلحة والشرطة تخوضان حرباً ضارية ضد عناصر لا تمت للوطن بأى صلة، بل تمارس الإرهاب بكل ما أوتيت من أسلحة تزودهم بها جهات لا تحب لمصر التقدم ولا الاستقرار، ويقودهم التنظيم الدولى لإخوان الشيطان متعاوناً فى ذلك مع كل أعداء مصر فى تركيا وقطر الذين يأتمرون بتعليمات أمريكا وتوابعها فى الاتحاد الأوروبى، ومع ذلك فإن النصر على تلك العناصر الباغية الضالة سيكون حليف مصر. ولكن حتى يتحقق النصر بإذن الله، لا بد من الحسم فى مواجهة تلك العناصر الإرهابية وتوقيع أشد درجات العقاب، فضلاً عن المحاكمات السريعة والعدالة الناجزة. والحال كذلك، لا بد من إحالة كل قضايا الإرهاب إلى القضاء العسكرى شاملة القضايا المنظورة أمام القضاء العادى التى لم يتم الحكم فيها أو التى حكم قضاء النقض بإعادة المحاكمة فيها بعد قبول الطعون التى تقدم بها المتهمون، ليحاسب المتورطون فى تلك الجرائم الإرهابية وجميع المحرضين عليها والداعمين لها والممولين الذين يسخرون الملايين لتزويد الجماعات الإرهابية التكفيرية بالسلاح والمعدات والمعلومات، وينالوا العقاب الناجز والسريع، وتلك هى الوسيلة الوحيدة للقضاء على جذور الإرهاب وتجفيف منابعه. إن الأمر قد بلغ حداً لا يمكن للشعب الصابر أن يتحمل المزيد من الفواجع والآلام بعد كل جريمة إرهابية تودى بزهرة شباب هذا البلد الأمين، كما أن الناس قد ملوا إجراءات التقاضى وأساليبه البطيئة التى لا تتناسب أبداً مع حالة الحرب المعلنة من قوى الشر على مصر، ولن يحتمل المصريون بعد الآن أخبار استغلال المحامين عن الإرهابيين وإخوان الشيطان الثغرات القانونية أو الإجرائية لرد القضاة أو الحصول على أحكام النقض بإعادة محاكمة القتلة، كما حدث أخيراً فى الحكم بإعادة محاكمة المتهمين بقتل الشهيد اللواء نبيل فراج!! ولن يصبر المصريون طويلاً أمام مشاهد القتلة والمحرضين على الجرائم الإرهابية أمثال القاتل عادل حبارة ومرسى وعصابته وهم يستمتعون بحياتهم فى السجون غير عابئين بآلام أسر الشهداء ولا غضب المصريين الشرفاء، إن المحاكمات البطيئة بطئاً قاتلاً ليست أقل إيلاماً من الجرائم التى أودت بأبنائهم وأعزائهم. وثمة سؤال أتوجه به إلى وزير الداخلية كانت أرملة عقيد شرطة من شهداء موقعة كرداسة قد سألته فى مقابلة تليفزيونية وأضم صوتى إليها؛ ما مصير المئات من الإرهابيين والبلطجية الذين تستخدمهم الجماعة الإرهابية فى تسيير مظاهرات وأعمال فوضى وإحراق المنشآت العامة فى أيام الجمع ويوم الأحد 25 يناير فى المطرية وغيرها؟ لماذا لا يحالون إلى النيابة العسكرية فهم مخالفون لقانون تنظيم التظاهر ومنتمون لجماعة إرهابية محظورة ويعتدون على منشآت عامة وعسكرية، فضلاً عن ترويع الناس وقتل شهداء بالخرطوش والرصاص الحى، وكلها جرائم تصل عقوبتها إلى حد الإعدام حسب المادة 86 من قانون العقوبات، ومن ثم يحاكمون أمام القضاء العسكرى ويتم القصاص منهم فوراً. إن الأمر فى يد الرئيس الذى يملك صلاحية التشريع حتى الآن، والذى يستطيع أن يصدر قراراً جمهورياً بقانون يحدد صراحة أن كل أعمال الإرهاب والتحريض عليه ودعمه بأى وسيلة تكون من اختصاص النيابة العسكرية والقضاء العسكرى، مع النص على أن الأحكام التى تصدر فى تلك القضايا لا يجوز أن تتجاوز إجراءات الطعن عليها مدة محددة شهر واحد مثلاً أمام قضاء النقض العسكرى والحكم نهائى فيها. إننا فى حالة حرب فعلية والإرهاب يهدد حاضر مصر ومستقبلها، فلا أقل من اتخاذ إجراءات عاجلة وتمكين القضاء العسكرى من تحقيق العدالة الناجزة، لقد تعهد الرئيس فى كلمته أمام الندوة التثقيفية للقوات المسلحة وأشهَد الناس على الفريق أسامة عسكر، بأنه لن يسمح بتكرار ما حدث فى سيناء الخميس الأسود مرة أخرى، وإحدى وسائل تحقيق ذلك العهد هى تطبيق أسلوب العدالة الثورية الناجزة وإطلاق يد القضاء العسكرى فى الحكم بالعدل والقانون فى جميع قضايا الإرهاب. ونعود فى هذه المقالات للتأكيد على بطء الحكومة غير المقبول وتراخيها فى التعامل مع الإرهاب، ولا أدل على ذلك من مشروع قانون الكيانات الإرهابية الذى صرح رئيس الوزراء مؤخراً، الجمعة 6 فبراير، بأنه لا يزال قيد الدراسة!!! والأمر الذى لا يقل خطورة عن التراخى الحكومى فى التعامل مع الإرهاب، هو التراخى المثير للعجب من استمرار الحديث عن الفساد دون أى إجراءات جريئة وغير تقليدية لاجتثاث جذور الفساد الكامنة فى أعماق الجهاز الإدارى للدولة وكافة المؤسسات الحكومية، وتلك قصة طويلة نفرد لها مقال الأسبوع المقبل بإذن الله. وتحيا مصر.