ب9 آلاف مواطن.. مستقبل وطن يبدأ أولى مؤتمراته للشيوخ بكفر الزيات    تنسيق الدبلومات الفنية 2025.. درجات القبول المتوقعة للمعهد الفني للتمريض والصحي وخطوات التسجيل    عيار 21 يسجل أقل مستوياته.. أسعار الذهب والسبائك اليوم الأحد 20 يوليو محليًا وعالميًا    لمواجهة الإعصار "ويفا".. الصين تصدر إنذارًا باللون الأصفر    المبعوث الأمريكي يلتقي قائد «قسد» لاستعادة الهدوء في السويداء    صفارات الإنذار تدوي في غلاف غزة    موعد نتيجة الثانوية العامة 2025 برقم الجلوس علمي وأدبي (الرابط الرسمي فور تفعيله)    أحمد شاكر عن فيديو تقليده لترامب: تحدٍ فني جديد وتجربة غير مألوفة (فيديو)    موعد بداية شهر صفر 1447ه.. وأفضل الأدعية المستحبة لاستقباله    دعاء الفجر | اللهم إني أسألك موجبات رحمتك وعزائم مغفرتك    العلاقات المصرية الإفريقية.. رؤية استراتيجية متجددة    سعر طن الحديد والأسمنت اليوم في مصر بعد هبوط كبير تجاوز ال1300 جنيه    اليوم محاكمة 12 متهمًا في قضية «رشوة وزارة الري»    تراجع جاذبية ودائع «المركزى» يعيد رسم توجهات السيولة بالبنوك    «دماغه متسوحة.. وطير عربيتين ب 50 مليون».. مجدي عبدالغني يشن هجومًا ناريًا على أحمد فتوح    «اتباع بأقل من مطالب الأهلي».. خالد الغندور يكشف مفاجأة عن صفقة وسام أبوعلي    لويس دياز يبلغ ليفربول برغبته في الانتقال إلى بايرن ميونيخ    سوريا أكبر من الشرع!    مفتي الجمهورية ينعي الأمير الوليد بن خالد بن طلال بن عبدالعزيز آل سعود    نائب أوكراني يكشف عن خطط غربية سرية ضد روسيا    إصابة عشرات الفلسطينيين في هجوم للمستوطنين وقوات الاحتلال على قرية المغير    روسيا.. الدفاع الجوي يحبط 5 هجمات بطائرات مسيّرة على موسكو    الكونغو الديمقراطية و«إم 23» توقعان اتفاقًا لوقف إطلاق النار    علاء مبارك يرد على ساويرس: عمر سليمان «كان رجل بمعنى الكلمة»    تباين أداء قطاعات البورصة المصرية.. الموارد الأساسية تتصدر الصاعدين والاتصالات تتراجع    موقف ميسي، تشكيل إنتر ميامي أمام نيويورك ريد بولز في الدوري الأمريكي    ماركا: بعد تجديد كورتوا.. موقف لونين من الرحيل عن ريال مدريد    نجم الزمالك السابق: عبدالله السعيد يستطيع السيطرة على غرفة الملابس    «احترم النادي وجماهير».. رسالة نارية من نجم الزمالك السابق ل فتوح    الملاك والمستأجرون وجها لوجه في انتظار قانون الإيجار القديم    هيئة الطرق والكباري ترد على شائعة توقف العمل بكوبري الميمون ببني سويف    مصرع 3 أطفال غرقا داخل حوض مياه بمزرعة بصحراوى البحيرة    حالة الطقس اليوم الأحد في مصر.. «الأرصاد» تحذر من الشبورة وأمطار خفيفة على هذه المناطق    "روحهم كانت في بعض".. وفاة شخص أثناء محاولته اللحاق بجنازة والدته ببني سويف    زلزال بقوة 5.2 درجة يضرب شمال إيران    ضبط 3 وقائع في أقل من 48 ساعة.. الداخلية تتحرك سريعًا لحماية الشارع    "عنبر الموت".. شهادات مروعة ..إضراب جماعي ل 30قيادة إخوانية وسنوات من العزل والتنكيل    بعد الفيديو الفاضح، "المدير الخاين" يستقيل من منصبه    حنان ماضى تعيد للجمهور الحنين لحقبة التسعينيات بحفل «صيف الأوبر» (صور و تفاصيل)    درس في الابتعاد عن النميمة.. حظ برج الدلو اليوم 20 يوليو    جولة تفقدية لرئيس جامعة القناة على شئون التعليم والطلاب    وزارة العمل تعلن عن 90 وظيفة براتب 8 آلاف جنيه | تفاصيل    تجنبها ضروري للوقاية من الألم.. أكثر الأطعمة ضرراً لمرضى القولون العصبي    هل يؤثر إضافة السكر الطبيعي على كوكاكولا؟ رد رسمي على تصريحات ترامب    شائعة بين المراهقين وتسبب تلف في الكلى.. أخطر أضرار مشروبات الطاقة    بعد فضيحة الحفل الموسيقي.. استقالة المدير التنفيذي لشركة أسترونومر الأمريكية    حدث بالفن | رقص هيدي كرم وزينة في الساحل وتعليق أنغام على أزمتها الصحية    ب"فستان جريء".. أحدث جلسة تصوير ل جوري بكر والجمهور يغازلها    أخبار × 24 ساعة.. احتساب الدرجات الأعلى للطالب فى التحسين بنظام البكالوريا    قرار عاجل من "القومي للطفولة" بشأن طفل العسلية في المحلة    محمد ربيعة: عقليتى تغيرت بعد انضمامى لمنتخب مصر.. وهذا سبب تسميتى ب"ربيعة"    قافلة بيطرية من جامعة المنوفية تفحص 4000 رأس ماشية بقرية مليج    أستاذ علوم سياسية: الاحتلال الإسرائيلي يمارس تغول عسكري منذ عامين    غلق 6 مطاعم فى رأس البر بعد ضبط أطعمة منتهية الصلاحية    «قولي وداعًا للقشرة».. حلول طبيعية وطبية تمنحك فروة صحية    بلغة الإشارة.. الجامع الأزهر يوضح أسباب الهجرة النبوية    أمين الفتوى: الرضاعة تجعل الشخص أخًا لأبناء المرضعة وليس خالًا لهم    هل يجوز للمرأة أن تدفع زكاتها إلى زوجها الفقير؟.. محمد علي يوضح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رشيد محمد رشيد تعمد إخفاء 31 مليون دولار فى بنك «HSBC سويسرا الخاص»
نشر في الوطن يوم 09 - 02 - 2015

فى اليوم التاسع من اندلاع الشرارة الأولى لثورة الخامس والعشرين من يناير 2011، وفى محاولة مستميتة من الرئيس الأسبق محمد حسنى مبارك لتهدئة الأوضاع، أصدر النائب العام الأسبق عبدالمجيد محمود قراراً بمنع وزراء الداخلية والإسكان والسياحة وأمين التنظيم فى الحزب الوطنى أحمد عز، إلى جانب وزير التجارة والصناعة رشيد محمد رشيد، من السفر، وتجميد أرصدتهم فى البنوك للاشتباه فى تورطهم فى جرائم اعتداء على المال العام، ومن بين المسئولين الخمسة الكبار الذين اعتُبروا ركائز نظام مبارك وتم القبض عليهم، وحده رشيد محمد رشيد استطاع الهرب إلى دولة الإمارات، مؤكداً فى تصريح تليفزيونى أنه اعتذر عن تولى منصب وزارى فى الحكومة الجديدة برئاسة أحمد شفيق، وأن خروجه تم بعلم ومساعدة السلطات المصرية.
جهات التحقيق التى تولت تعقب أموال الوزير الأسبق وتضخم ثروته، أدانته فى ثلاث قضايا للكسب غير المشروع، وبلغ مجموع الأحكام ضده 25 عاماً من السجن المشدد، غير أنه، وبحسب ما جاء فى أوراق القضايا، لم تتمكن جهات التحقيق من الوصول إلى أرصدته البنكية فى الخارج، نظراً للسرية التى تمنحها هذه البنوك لعملائها.
الحصول على معلومات عن الأرصدة التى يتم إخفاؤها فى بنوك سويسرا درب من المستحيل، غير أنه وبالتعاون مع صحيفة «لوموند» الفرنسية، والاتحاد الدولى للصحافة الاستقصائية بالولايات المتحدة، تمكنت «الوطن» بعد 6 أشهر من التقصى من تتبع ثروة قدرها 31 مليون دولار، نجح رشيد محمد رشيد فى إخفائها فى 10 حسابات سرية فى بنك HSBC سويسرا الخاص، ومن خلال ما توصل إليه التحقيق، لم يكن رشيد هو العميل المصرى الوحيد الذى سعى لإخفاء ثرواته فى البنك السويسرى، القائمة الطويلة ضمت الشقيقين محمد لطفى منصور وزير النقل الأسبق ورجل الأعمال ياسين منصور، الذين قدرت مجلة «فوربس» ثروتهما مجتمعين فى 2011 بما يعادل 4.8 مليار دولار، إلى جانب حسين سالم وأولاده ومحمود يحيى الجمال وابنته خديجة زوجة جمال مبارك، غير أن حسابات هؤلاء الأشخاص تم إغلاقها فى وقت غير معلوم ولم يتضح حجم الأموال التى وُجدت فيها.
«بنك HSBC سويسرا الخاص»
الخطوة الأولى التى اعتمد عليها رشيد فى إخفاء أمواله كانت البنوك السويسرية، وليس أفضل من بنك HSBC الذى أقر بوجود ثغرات فى سياساته ساعدت بعض عملائه فى التهرب من الضرائب وغسيل أموالهم. الوثائق البنكية تقول الآتى: فى سبتمبر 2003 قام رشيد محمد رشيد حسين راشد، المولود فى الإسكندرية عام 1955، ويعمل رئيساً لشركة يونيليفر الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وتركيا، مصرى الجنسية ويحمل جواز سفر رقم 908072، بفتح 10 حسابات بنكية، تمتعت جميعها بسرية تامة، تحت اسم شركة «Lexington Investments ltd» بوصفها «مالك مستفيد»، ووصلت قيمة الأموال التى دخلت هذه الحسابات حتى عام 2007، أى بعد ثلاث سنوات من حمله الحقيبة الوزارية، ما قيمته 31 مليوناً و70 ألف دولار أمريكى، وهو ما يعادل 182 مليون جنيه بسعر صرف الدولار آنذاك، و240 مليون جنيه بسعر الصرف الحالى، وبالرجوع إلى تقرير مجلس الوزراء حول إجمالى الرواتب والحوافز التى تلقاها الوزير الأسبق طوال 6 سنوات شغل خلالها المنصب الوزارى خلال الفترة من يوليو 2004 وحتى نهاية يناير 2011، تبين أنها بلغت مليوناً وثمانمائة ألف جنيه.
الخطوة الثانية هى إدارة هذه الأموال، المعلومات المتوفرة فى الحساب الخاص بشركة «Lexington» تُحدد ثلاث شركات لها صفة قانونية لإدارة أموال الشركة والتصرف فيها، إلى جانب رشيد محمد رشيد بوصفه «مالك ذو سلطات إدارة غير محدودة»، الشركات الثلاث هى «برينان المحدودة»، «بوكانان المحدودة»، «تايلر المحدودة». استخدمت هذه الشركات عنواناً واحداً فى مدينة زيوريخ باعتباره مقراً لها، وبالتقصى حول منشأ هذه الشركات، تبين أنها مسجلة فى جزر كايمان منذ أكثر من عشرين عاماً، وأنها منبثقة عن شركة تسمى «سيتى تراست كايمان المحدودة»، كما تبين أن العنوان الذى تستخدمه الشركات الثلاث فى زيوريخ يخص شركة اسمها «سيتى تراست سويسرا المحدودة».
هذه التقنية فى استخدام علاقات متداخلة وغير واضحة بين عدد من الشركات والبنوك فى دول مختلفة، هو أسلوب متبع فى عمليات غسيل الأموال، وهو ما يجعل تتبعها والكشف عن هوية المالك الأصلى أمراً بالغ التعقيد، البحث عن تفسير هذه العلاقة لم يتكشف إلا فى سجلات لجنة الأوراق المالية والبورصات الأمريكية، والتى أكدت أن الشركات الخمس (برينان المحدودة، بوكانان المحدودة، تايلر المحدودة، سيتى تراست كايمان، سيتى تراست سويسرا) جميعها تتبع «سيتى جروب» الأمريكية.
ثمة خطوة إضافية لجأ إليها «رشيد» لإخفاء أية معلومات تقود إلى هذه الأموال، حيث اختار أن يتم إيداع كل مراسلاته المالية فى مقر «سيتى بنك إن إيه» بلندن، وهو أحد البنوك التى تتبع «سيتى جروب»، كما منح شركتى «بوكانان المحدودة» و«برينان المحدودة» حق التصرف فى أموال شركته «ليكسنجتون»، لفترة غير معلومة، بوصفهما «ملاك مستفيدين»، ليتضح بذلك أن رشيد محمد رشيد أوكل مهمة إدارة أمواله فى بنك HSBC سويسرا الخاص بشكل كامل إلى شركة «سيتى جروب» بما تتضمنه من بنوك وشركات فى بريطانيا وسويسرا وجزر كايمان.
لم تكن هذه هى السابقة الأولى للبنك السويسرى، السلطات البلجيكية قامت بمقاضاة بنك HSBC سويسرا فى نوفمبر 2014 بعدما أثبتت التحقيقات تورطه فى مساعدة عدد من الأثرياء وتجار الماس فى إخفاء ثرواتهم وتهربهم من سداد الضرائب وغسيل أموالهم فى سويسرا من خلال شركات دون أى أنشطة اقتصادية فى بنما وجزر العذراء البريطانية.
أما «سيتى جروب» فتملك تاريخاً طويلاً فى عمليات تبييض الأموال، التنقيب خلفها كشف عن دليل جديد فى قصة أموال رشيد المهربة، لجنة التحقيقات الدائمة فى مجلس الشيوخ الأمريكى كشفت فى تقرير أصدرته عام 1999 عن تورط «سيتى جروب» متمثلة فى شركة «سيتى تراست كايمان»، فى عملية تبييض وتهريب 100 مليون دولار يملكها «راؤول ساليناز» شقيق الرئيس المكسيكى «كارلوس ساليناز» ما بين عامى 1991 و1994 إلى سويسرا وإنجلترا من خلال بنوك وشركات تملكها «سيتى جروب». المفاجأة التى كشف عنها التقرير أن شركة «سيتى تراست كايمان» تنبثق عنها 6 شركات فرعية، 3 منها تورطت فى تبييض أموال ساليناز، أما الشركات الثلاث الأخرى، فهى التى اعتمد عليها رشيد فى إدارة أمواله بسويسرا.
ليس هذا فحسب، البحث فى تسريبات مراسلات شركة «ستراتفور» التى نشرها موقع ويكيليكس ووصفها بأنها تقدم خدمات استخباراتية وتقوم بعمليات تبييض أموال، كشف عن رسالة بريد إلكترونى فى مارس 2011 تحمل رقم (2876589) مرسلة من إحدى شركات «سيتى جروب» الموجودة فى سويسرا، وتظهر استفساراً مبهماً من نائب رئيس الشركة وتدعى «سيتى للخدمات الأمنية» تقول: «قمنا بشراء رخص جديدة، كيف يمكننى إجراء عملية تحويل من حساب جارٍ إلى آخر، وتعيين موظف جديد».
بعد عرض ما توصل إليه التحقيق على «HSBC سويسرا» و«سيتى جروب» رفض ممثلا البنكين التعليق على نتائج التحقيق أو الإجابة عن الأسئلة التى أرسلت إليهما بخصوص مساعدة وتسهيل مهمة الوزير السابق رشيد محمد رشيد فى إدارة وإخفاء أموال مجهولة المصدر، وعدم إخطار السلطات المصرية التى تعقبت الأموال المنهوبة فى عهد نظام مبارك عن امتلاك رشيد أرصدة فى بنك HSBC سويسرا.
فى البداية قام البنك السويسرى الذى يقع مقره الرئيس فى لندن، ويملك فروعاً فى 74 دولة، بإرسال خطاب شديد اللهجة يحذر فيه من نشر أية معلومات تحصلت عليها الصحيفة، وبعد عدة أيام، أرسل البنك خطاباً أقل حدة، يعترف فيه بوجود ثغرات فى المنظومة البنكية لديه، وأن وحدة الخدمات البنكية تعرضت لتغييرات جذرية فى السنوات الأخيرة خاصة فرع البنك فى سويسرا، وأشار الخطاب «قام البنك بإجراء عدة مبادرات مصممة لمنع خدماته التى تستخدم فى التهرب من الضرائب وغسيل الأموال، ونتيجة لهذه التغييرات، خفض البنك السويسرى عملاءه فى سويسرا بنسبة 70٪ منذ عام 2007».
وتابع البنك: «من المتوقع أن تقوم البنوك الآن بمساعدة السلطات الضريبية فى ملاحقة المتهربين من دفعها بدلاً من تسهيل التهرب منها، فى أى صورة لا تتوافق مع الامتثال الضريبى».
إلى هنا، ومن خلال كل ما سبق يتبين أن ثمة أموالاً امتلكها الذراع الاقتصادية القوية فى نظام مبارك المهندس رشيد محمد رشيد فى البنوك السويسرية، استطعنا فقط الكشف عن جزء منها قدره 31 مليون دولار، ولكن يبقى سؤال: هل هذه أموال جناها من استثمارات حقيقية بحكم كونه رجل أعمال بارزاً حتى قبل التحاقه بالحكومة، أم أنها «أموال قذرة» غير معلومة المصدر تم التحصل عليها بطرق غير مشروعة؟
الإجابة عن هذا السؤال وجدناها فى إقرارين للذمة المالية، قدمهما رشيد فى عامى 2004 و2010 وفقاً لقانون الكسب غير المشروع رقم 62 لسنة 1975، الذى يلزم العاملين بالدولة بتقديم إقرار للذمة المالية فى غضون شهرين من توليهم مهام منصبهم، ثم يقدم الإقرار التالى بعد انقضاء 5 أعوام من الإقرار الأول.
وبمراجعة هذين الإقرارين، تبين أن رشيد محمد رشيد، تعمد فيهما إخفاء امتلاكه أرصدة فى بنك HSBC بسويسرا، كما تعمد عدم الإفصاح عن ملكيته لشركة ليكسنجتون التى كشف عنها التحقيق، وهو ما يعنى أن الوزير الأسبق كان يخشى من محاسبة الجهات الرقابية له على هذه الأموال وسؤاله عن مصدرها.
ثروة رشيد التى ذكرها تمثلت فى امتلاكه أسهماً فى 24 شركة و4 بنوك جميعها داخل مصر، وإيداعات بنكية وودائع فى 4 بنوك، علاوة على 7 قطع أراضٍ زراعية، و8 شقق سكنية وفيلتين و17 حصة عقارية إلى جانب 3 سيارات ومجوهرات ملك زوجته قيمتها 750 ألف جنيه.
إلا أنه وبعد صدور قرار التحفظ على أمواله فى أعقاب ثورة 25 يناير، قدمت هيئة الرقابة الإدارية تقريراً «سرياً» إلى إدارة الكسب غير المشروع، ممهوراً بتوقيع محمد فريد التهامى رئيس هيئة الرقابة آنذاك، والذى تولى بعد ذلك رئاسة المخابرات العامة، رصدت فيه امتلاك رشيد وذويه العديد من الممتلكات بخلاف المثبتة بإقرارات الذمة المالية، تضمنت أسهماً فى 12 شركة داخل مصر، علاوة على امتلاكه أسهماً فى 10 شركات أخرى لم تتضح نسب مساهمته فى رأسمالها وأرصدة وودائع فى 5 بنوك.
واتهمت الرقابة الإدارية «رشيد» باستغلال سلطات وظيفته ونفوذه لنفسه وذويه وتعمد إخفاء الممتلكات التى انتقلت إلى حيازته أثناء توليه مهام منصبه.
ووفقاً للمادة الثانية من قانون الكسب غير المشروع فإن هذه الأموال جاءت بشكل غير قانونى وتستوجب المساءلة.
لم تكن عملية غسيل الأموال التى كشف عنها هذا التحقيق هى الأولى من نوعها، فى يناير 2013، تلقت وحدة مكافحة غسيل الأموال، التابعة لوزارة العدل المصرية، رسالة من وحدة التحريات المالية بجزر كايمان، إحدى أشهر محطات غسيل الأموال فى العالم، بخصوص تعاملات مالية تتعلق بالوزير الأسبق.
الرسالة الواردة من جزر كايمان تفيد أن رشيد محمد رشيد قام فى يناير 2008 بتأسيس صندوق ائتمانى باسم شركة «Sanabria Trust» والتى قامت السلطات السويسرية بحظرها فى فبراير 2011 لاشتباه قيامها بعمليات غسيل أموال، وبحسب الرسالة أيضاً فإن حسابات «Sanabria» محتفظ بها فى لندن طرف «سيتى بنك إن إيه». علاوة على ذلك، فقد تم الكشف عن وجود صندوق ائتمانى آخر أسسه والد المهندس رشيد والمتوفى فى مارس 1995، ويستفيد منه رشيد، وتم الاحتفاظ باستثماراته لدى «سيتى بنك إن إيه»، وHSBC سويسرا.
ما يعنى أن رشيد محمد رشيد استخدام الآلية نفسها فى عملية تبييض 31 مليون دولار يخفيها فى سويسرا.
القضية الخاصة بصندوق «Sanabria» والتى أدين فيها رشيد وحكم عليه بالسجن 15 عاماً، كشفت عن قيامه بإجراء 16 تحويلاً بنكياً بقيمة 50 مليون دولار عن طريق «سيتى بنك» زيوريخ، فى الفترة ما بين سبتمبر 2007 ويناير 2010، وهى قيمة المبالغ التى تحصّل عليها رشيد محمد رشيد من خلال المضاربة على أسهم «شركة هيرمس»، بحسب تقارير سرية لإدارة الكسب غير المشروع، تحصلت عليها الصحيفة.
وكان رشيد محمد رشيد قد استفاد فى أكتوبر 2003 من معلومات سربت إليه بحكم كونه عضواً فى لجنة السياسات بالحزب الوطنى، تمثلت فى اعتزام المجموعة المالية هيرمس زيادة رأس مالها، قبل الإعلان عن ذلك على وجه رسمى، مما مكن الوزير الأسبق، من سرعة تدبير مصادر تمويله لحصة فى الاكتتاب بموجب قرض قيمته 40 مليون جنيه، بضمان رهن تلك الأسهم، وقبل حصوله عليها، وتمكن بموجب تلك الحيلة من الحصول على 5.9 مليون سهم تقريباً. بحسب تقرير الإدارة العامة لمباحث الأموال العامة فى فبراير 2014.
وأشار التقرير إلى أن رشيد قام باستغلال موقعه الوظيفى فى نهاية عام 2005 حال كونه وزيراً للتجارة والصناعة من الاكتتاب فى زيادة رأسمال ذات المجموعة بنفس الأسلوب المشار إليه، وحصل على قرض باسم ابنته بقيمة 100 مليون جنيه، وفى عام 2007 قام الوزير الأسبق ببيع كامل أسهمه بمبلغ 700 مليون جنيه تقريباً، والسابق شراؤها بمبلغ 178 مليون جنيه، محققاً من وراء ذلك كسباً غير مشروع بحسب التقرير قيمته 522 مليون جنيه، وأنه قام باستخدام جانب من هذه الأموال فى سداد القروض التى حصل عليها باسمه واسم ابنته، ولجأ إلى غسل الجانب المتبقى منها وقيمته 425 مليون جنيه بما يعادل 76 مليون دولار من خلال تحويلهم إلى خارج البلاد لدى المملكة المتحدة وسويسرا وقبرص، ولحسابات شركات «أوف شور» يمتلكها وأفراد أسرته بكل من (جزر العذراء وكايمان)، ومن بين تلك الشركات المذكورة فى الخارج شركة «سناباريا».
الخبير المصرفى على فايز، الذى شغل منصب مدير عام اتحاد بنوك مصر 2001-2009، قال إن تضخم ثروة رشيد فى الخارج بهذا القدر الذى لا يتناسب مع دخله باعتباره وزيراً، يعنى أنه تحصل على هذه الأموال المشبوهة بشكل غير مشروع، وأنها لو كانت نتاجاً لأعماله الاستثمارية فى مصر التى كان يملكها قبل عمله بالحكومة، لكان ذكرها فى إقرارات الذمة المالية.
وقال «فايز» إن التسريبات السويسرية عن الحسابات السرية لرجال مبارك تكشف أن التحقيقات التى أجرتها الحكومة المصرية شابها تقصير كبير وأنها لم تستعن بخبراء متخصصين فى تتبع الأموال. مؤكداً أن هذه الثروات منهوبة من الشعب وليس من حق الحكومة التسامح فيها.
يتضح فى النهاية أن رشيد محمد رشيد، قام بجنى ثروات بطرق غير مشروعة خلال 6 سنوات شغل خلالها منصب وزير التجارة والصناعة، وتعمد إخفاء هذه الأموال فى بنوك سويسرية بمساعدة مؤسسات مالية متخصصة فى غسيل الأموال ومن خلال شركات وبنوك فى جزر كايمان ولندن وزيوريخ، معتمداً على سرية المعلومات التى تكفلها البنوك السويسرية لعملائها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.