ارتدى ثوب الجرأة، وسار بخطوات حثيثة نحو المستشفى لإجراء الكشف الطبي تمهيدًا لترشحه للبرلمان المقبل، غضَّ الطرف عن نصائح بعض الأصدقاء التي طالبته بالتراجع، وفتح صدره للأصوات المؤيِّدة لعودة "العهد البائد"، لم يقدِّم اعتذارًا عما بدر منه في حق الشعب المصري، ولم يتراجع عن أفكاره السياسية والاقتصادية وظهر خطيبًا وواعظًا وناصحًا. أحمد عز الذي بزغ نجمه في منتصف العقد الأول من الألفية الجديدة، ساهم في تمكين رموز دولة مبارك والسيطرة على مقدرات البلاد واحتكار مواردها وبرلمانها المزوَّر في عام 2010 بشهادة الشعب والقضاء، رجل الأعمال الشهير كان يتسابق مع أقرانه من قيادات الحزب الوطني في بيع مقدرات الوطن من خلال صفقات بيع المصانع العملاقة التي بناها الرئيس جمال عبدالناصر في الستينيات تحت اسم "الخصخصة"، و"الاستثمار"، حتى تخلَّص من شركات القطاع العام. تنعَّم "عز" بلذة الحكم والتلاعب بأعضاء الحزب الوطني في جلسات مجلس الشعب التي كان يسيطر عليها بالإشارة حتى انتهت الأسطورة في 25 يناير 2011 على أيدي شباب كرهوا الظلم والفساد وأعلنوا تمردهم عليه. 4 سنوات للوراء، اشتعلت الثورة مثل البركان، وحاصرت حممها الشعبية الغاضبة أحمد عز المولود في 1959، وأجبرت "محتكر الحديد" على الاستقالة من الأمانة العامة للحزب الوطني الذي كان يرأسه رأس النظام حسنى مبارك، وتم تجميد أرصدته ومنعه من السفر مع عدد آخر من رجال أعمال مبارك ووزرائه المخلصين، وألقي القبض عليه بتهمة الاستيلاء على المال العام وتسهيل الاستيلاء عليه، واستغلال نفوذه وسلطاته في تحقيق ثروات طائلة لا تتفق مع مصادر دخله المشروعة، حيث وصفته "حركة مواطنون ضد الغلاء" ب"أنه عدو المستهلكين رقم واحد في مصر"، لتلاعبه بالمستهلكين وتحقيقه صافي أرباح سنوية من تجارة الحديد يبلغ أكثر من 5.3 مليار جنيه سنوياً. ذاق "إمبراطور الحديد"، مجبرًا، قسوة السجن ووحشته، ولازمته صفة "المتهم" قبل ذكر اسمه في نشرات الأخبار، وابتعد عن الأضواء كثيرًا قبل أن يستطيع محاميه إحراز تقدم ملموس في القضايا المحبوس على ذمتها، وبعد 43 شهرًا قضاها بين جدران السجن، خرج "عز" إلى بيته وشركاته وسدد مبلغ 10 ملايين جنيه من أصل 100 مليون قبل تخفيض المبلغ من قبل المحكمة، ليتنفس الصعداء من جديد ويعلن الترشح في انتخابات مجلس الشعب العام الجاري، ضاربًا عرض الحائط بكل الانتقادات الموجهة إليه، مستندًا إلى شعبيته الكبيرة في دائرته الانتخابية بمدينة السادات بالمنوفية. ترشح الرجل الذي كان أحد أسباب اندلاع ثورة 25 يناير، فسَّره البعض ب"وفاة ثورة 25 يناير إكلينيكيا"، خاصة بعد اكتمال مسلسل "براءات نظام مبارك" بخروج جمال وعلاء مبارك أيضًا من السجن، يصر "عز" على استفزاز شباب الثورة ومعارضيه بعزمه على الترشح، وأرسل رسالة إلى أبناء دائرته يؤكد فيها ترشحه قائلًا في ختامها: "هؤلاء الرفاق الذين يعرفون أحمد عز الأخ والابن والصديق، يعرفون الحقيقة بنسختها الأصلية.. إخوتي وأبنائي الذين تقاسموا معي العمل الجاد منذ عام 1988، نعمل كتفًا بكتف، ويدًا بيد لتأكيد قيمة هذا المجتمع الصناعي الواعد، حتى نرى ثمار ما عملنا من أجله تنمو أمامنا في صروح صناعية عملاق".