«قتلته فى 30 ثانية.. كان لازم أتصرف.. أنا كنت عايز أجيب أى فلوس عشان أصرف على ابنى اللى كان محجوز فى المستشفى وكان كل يوم بيصرف 200 جنيه علاج.. ماكنتش عارف أعمل إيه، شفت المجنى عليه فى الشارع اتصلت بواحد صاحبى ونزلنا، طلبت من الضحية أن يقوم بتوصيلى إلى أحد الشوارع الجانبية وأول ما ركبت التوك توك خنقته فى 30 ثانية بالشال بتاعى وسرقت التليفون بتاعه والتوك توك.. وبعتهم ب5 آلاف جنيه ورحت دفعت فلوس علاج ابنى». وبهدوء أعصاب يحسد عليه روى «محمد سعيد» مندوب شرطة مفصول منذ 7 سنوات من الخدمة بسبب سوء سلوكه وغيابه المتكرر، وهو يتذكر مشهد قتل الضحية.. وينفعل ويقول: «كنت محتاج فلوس.. أسيب ابنى يموت». يتوقف المتهم عن الحديث لمدة 5 دقائق ثم يواصل كلامه قائلاً «أنا كنت زى أمين الشرطة اللى قاعد جنبى ده.. ويشير بإصبعه إلى حارسه ويحكى قائلاً: «أنا من منطقة إمبابة، والدى كان موظف كبير وطلع على المعاش، وأنا خلصت المرحلة الإعدادية وقدمت فى معهد مندوب الشرطة والحمد لله قبلت وتخرجت عام 1997 واستمريت فى الخدمة حتى عام 2008 وبعد ذلك صدر ليا قرار بالفصل بسبب تكرار غيابى ودخولى السجن معاقبة على هذا الغياب حتى صدر لى قرار بالفصل». يواصل المتهم كلامه: «أنا كنت بحب الشرطة جداً وخدمت لمدة كبيرة فى أحد معسكرات العمليات الخاصة، والفترة دى كنت بخدم مع أحد اللواءات فى المعسكر وكان بيعاملنى زى ابنه.. هو اسمه اللواء فكرى عبدالحفيظ وكان له موقف معايا عمرى ماهنساه أبداً.. لما انتدبت للعمل فى مديرية أمن الإسماعيلية، طلبت منه أن أخدم فى مركز شرطة الزهور.. ولما سألنى آنذاك قلت له: عشان خالتى ساكنة هناك.. وأروح أنام عندها.. وفعلاً عمل اللى أنا عايزه، وخدمت فى مركز الزهور، ولكن بعد فترة والدى تعب وكان بيروح المستشفى كتير، وأنا كنت بغيب كتير عشان أروح أطمن عليه لحد ما تم فصلى بعد سجنى عدة مرات بسبب الغياب المتكرر، وكان قرار الفصل فى نهاية عام 2008». ويستكمل المتهم كلامه: «طبعاً لما لقيت نفسى فى الشارع بدأت أشتغل عشان أعرف أصرف على نفسى، واشتغلت كل الشغل، مبيض، قهوجى، سباك، كهربائى، لحد ما تعرفت على شاب خارج من السجن مسجل، وبدأت أشتغل معاه فى السرقات بالإكراه، بس كانت حاجة على بسيط، و2010 ضبطت أثناء سرقتى حقيبة من سيدة وحكم على بالسجن لمدة 8 أشهر». يبتسم المتهم ثم يواصل كلامه: «طبعاً أنا كنت متعود على السجن، بس السجن الأول كان حبس انفرادى على غيابى فى العمل، أما السجن ده لسه فاكره، عشان السجن ده مدرسة، عنبر 440 فى سجن وادى النطرون، وهناك عرفت الطريقة اللى قتلت بيها المجنى عليه يوم الأربعاء 28 يناير من الشهر، أصل دى أول مرة أموّت شخص، كل مرة كانت بتوصل الضحية لحالة فقدان الوعى فقط، أما هذه المرة قتلت الضحية». يتابع المتهم كلامه: «الطريقة هى إزاى تخنق شخص حتى يفقد الوعى بشال أو إيشارب أو حبل، وعرفتها من (فجلة) وده كان مسجل خطر اتمسك فى قضية قتل». يترك المتهم تاريخ عمله فى الشرطة ثم يتذكر تفاصيل الواقعة قائلاً «الثامنة والنصف صباح يوم الأربعاء 28 يناير الماضى.. كنت بقالى كام يوم من غير شغل، ويوسف ابنى تعب وبعدين اتحجز فى المستشفى لمدة 3 أيام وكان اليوم بيكلفنى حوالى 200 جنيه، وماكانش معايا أى فلوس الوقت ده نزلت من البيت واتصلت بواحد صاحبى، أول ما شفت المجنى عليه قولت لنفسى.. خلاص أنا هخلص عليه وأسرق التوك توك. ركبت معاه أنا وصاحبى، أول ما ركبت لفيت الشال حوالين رقبته ومات فى 30 ثانية ورميت جثته فى منطقة مجهورة واستوليت على الموبايل والتوك توك وبعتهم وأخدت الفلوس ودفعت علاج ابنى يوسف، ومفيش 5 أيام لقيت ناس كتير بتخبط على باب البيت، ولما فتحت لقيت طبنجة على راسى وقالى: أنا المقدم عصام نبيل رئيس مباحث مركز شرطة كرداسة، وضباط كتير معاه، وعرفت أنهم ضباط مباحث القسم وهم النقباء محمد فهمى ومحمد عثمان ونبيل العادلى معاونو المباحث، وتم اقتيادى للقسم، وحضر ضباط كتير من المديرية وكان على رأسهم اللواء محمود فاروق مدير الإدارة العامة للمباحث، والعميد بهاء الدين سالم مفتش المباحث، واعترفت بكل حاجة بمجرد سؤالى عن الواقعة». المتهم طويل القامة قوى البنية، نظرات عينيه حادة، تغيب عنه الابتسامة تماماً.. نسى أنه كان يعمل فى الجهاز الشرطى «مندوب شرطة بمركز شرطة الزهور بالإسماعيلية»، وأنه كان يقف لحماية المواطن ويتصدى للجريمة، أصبح هو من يرتكب تلك الجريمة، جريمة قتل محمود سمير «26 سنة» مبيض محارة، الذى كان يبحث عن «لقمة عيش» له ولأسرته. المتهم لم يندم على فعلته، لكن كل ما يشغل باله هو مصير ابنه «يوسف» الذى لم يكمل العامين، المتهم نفذ تلك الجريمة بطريق المريوطية الرئيسى لسرقة توك توك حتى يتمكن من الإنفاق على علاج ابنه الوحيد بعد أن ضاق به الحال. المتهم عاود اعترافه بالجريمة عقب اقتياده إلى مقر نيابة حوادث شمال الجيزة وخضع للتحقيقات، واعترف فى التحقيقات التى باشرها محمد مكى مدير نيابة الحوادث، وبعد ذلك أصدرت النيابة قراراً بحبسه. مصادر قضائية قالت إن النيابة بإشراف المستشار أحمد البقلى المحامى العام الأول لنيابات شمال الجيزة، استعجلت تقرير الطب الشرعى الخاص بالمجنى عليه تمهيداً لإحالة المتهم للمحاكمة العاجلة أمام محكمة الجنايات.