ربما يكون الآن، وبعد حادث سيناء الأخير، قد تأكد وترسخ فى أذهان الجميع فى جميع وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعى أن مصر حقاً تحارب إرهاباً دولياً، وأنها تعد خط الدفاع الأول فى مكافحة الفكر المتطرّف المنحرف عن صحيح وحقيقة الدين الإسلامى، بل كل الأديان السماوية والفطرة الإنسانية السليمة، وأننا لا خيار لنا سوى أن نخوض هذه المعركة الشرسة أياً كان حجم التضحيات أو كانت الكلفة البشرية والمادية التى سوف نلقاها جراء هذه المواجهة والمسئولية الضخمة، كما أتعجب كثيراً ممن يشككون فى هذه الحقائق وأتعجب أكثر مِمَن طالبوا يوماً بمحاربة الإرهاب من خلال تفويض الفريق عبدالفتاح السيسى -آنذاك- لمحاربة الإرهاب المحتمل، ثم سرعان ما نفد صبرهم فتعالت احتجاجاتهم على الأحداث وصراخهم فى أعقاب كل عملية إرهابية أو حادث كبير أو صغير، كما لو كانت هذه الأمور مفاجئة لهم أو أنهم تصوّروا أن محاربة الإرهاب ما هى إلا نزهة سريعاً وتنتهى دون خسائر، رغم أنها تعد بديهياً بمثابة الثمن الذى يدفعه الجميع من جراء ظاهرة تستهدف زعزعة واستقرار الْوَطَن، بَلْ العالم أجمع، ولذلك وجب على الجميع أن يدرك جيداً أن الحرب ضد الإرهاب هى مسئولية ضخمة تقع على كاهل جميع فئات المجتمع، دون استثناء، لبناء مصر التى نحلم بها جميعاً، وأن الشعب المصرى هو شعب قوى يستطيع أن يخوض مثل هذا التحدى لدعم الاستقرار والأمن بالبلاد من خلال دعم مؤسسات الدَولة والتحلى بالوطنية الحقة، لا بالشعارات الرنانة والمواقف العنترية فحسب، كما أن عليه أيضاً التحلى بضبط النفس ونبذ العنف بجميع أشكاله، انطلاقاً من حقيقة أن مصر لا تحارب عناصر إرهابية محلية فقط وإنما تواجه إرهاباً دولياً يتطلب وحدة الشعب المصرى وانطلاق من إدراك حقيقة أن مصر تواجه وتُحَارب الإرهاب، نيابة عن المنطقة العربية والإسلامية، بل إنها فى الصدارة، كما أنها إذا ما اجتازت هذا التحدى فإنه انتصار لها وللجميع، وأما إن أخفقت -لا قدر الله- فسوف ينزلق العالم العربى ومنطقة الشرق الأوسط فى آتون من الفوضى والإرهاب بلا رجعة، وربما أكثر مما نحن عليه الآن، وهذا قطعاً ما لا يتمناه أى مواطن صالح، سواء بمصر أو بالمنطقة! فليس من المقبول أن يتمادى الرأى العام ووسائل الإعلام فى مثل تلك التصريحات والتعليقات السلبية، التى تؤثر قطعاً على سير الأحداث من آن إلى آخر، دون إدراك حقيقى لخطورتها، خاصة أنه من شأنها إضعاف الحالة المعنوية لقواتنا المسلحة وأجهزتنا الأمنية وتعريضها للنقد المستمر بلا داعٍ، والذى لا يشعرها بالدعم الشعبى والوطنى، بل ربما كان العكس صحيحاً، وهو أن القوات المسلحة المصرية والشرطة المصرية يحاربان من أجل مصر نيابة عن الشعب المصرى، حفاظاً على الأرض والعرض والأرواح ومقدرات الْوَطَن، وهذه الحقيقة الواقعة رغم بديهتها، فإنها غائبة عن الكثيرين، فكفى تسبيطاً لجيشنا وشرطتنا ولهممهما! وكفى نقداً بمناسبة أو دون مناسبة، واستفيقوا يرحمكم الله قبل أن يأتى يوم لا ينفع فيه الندم، وإلى اللقاء السبت المقبل.