أثناء حضور الرئيس عبدالفتاح السيسى احتفالات المولد النبوى الشريف، خاطب فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب وعلماء الأمة بالكامل قائلاً: «أنتم مسئولون أمام الله عن تجديد الخطاب الدينى وتصحيح صورة الإسلام، وهذه مسئوليتكم التى أحاججكم بها أمام الله»، مؤكداً أن الدولة لن تألو جهداً فى مساندة الأئمة والدعاة، وفى توفير المناخ المناسب لأدائهم الدور المأمول منهم، مشدداً على ضرورة ضبط منظومة القيم الأخلاقية للحد من الفوضى ومظاهر الانفلات المتفشية فى المجتمع، مؤكداً أن الظواهر الإرهابية سببها الفهم الخاطئ لصحيح الدين وتعاليم الرسول الكريم. وأشار إلى الحاجة الماسة إلى التأسى بأخلاق النبى فى المرحلة الحالية من بناء الدولة. موضحاً أن مشكلة الإرهاب ليست فى الدين الإسلامى، وإنما فى «التفكير» الذى يعطى صفات مقدسة قائمة على التقليد والنقل؛ فلا يجرى إدراك عالم نعيش فيه، ولا يحدث فهم لطبيعة توازنات القوى الدائرة فى العالم بين المسلمين وأصحاب العقائد الأخرى، وتكون النتيجة فى النهاية عدواناً على الدين نفسه، الذى يبدو مصدراً للقتل والذبح والتدمير. وأكد الرئيس على تجديد الخطاب الدينى تجديداً واعياً ومسئولاً بما يتواكب مع مستجدات العصر، وذلك بتصويب المفاهيم وعرض حقائق الأمور من خلال منهج يتخذ من كتاب الله وسُنة نبيه منهاجاً أساسياً، مع حفظ قيم الإسلام وثوابته، ويقضى على الاستقطاب الطائفى والمذهبى، ويعالج مشكلة التطرف، والفهم المغلوط أو المنقوص للإسلام. ووجه «السيسى» التهنئة إلى جميع المصريين، مسلمين ومسيحيين، بمناسبة ذكرى المولد النبوى الشريف والعام الميلادى الجديد، معرباً عن أمله فى أن يكون عاماً سعيداً على المواطنين جميعاً، وأن يحمل لهم الخير والسلام والاستقرار. ومنذ تولى سيادته رئاسة مصر، ومع كل خطوة يخطوها (وهى سريعة) جادة محسوبة على أسس علمية تحمل لنا الأمل والشعور بالأمان والاطمئنان وأننا فى يد أمينة مخلصة.. ولكن.. أين أنتم من كل هذا؟! وهنا، لا أخاطب ال90 مليون مصرى.. بل أخاطب كل من نال قسطاً معقولاً من التعليم أياً كان موقعه، مسئولاً فى الدولة، حكومة أو مؤسسة أو هيئة عامة أو خاصة، علماء، مفكرين، شيوخاً، مهندسين، أطباء، كتاباً، معلمين، إعلاميين، كافة فئات المجتمع الذين تعلموا ولم يعلموا..!! وحديث النبى، عليه الصلاة والسلام: «ليس منى إلا عالم أو متعلم».. وأشدد على الإعلاميين (إلا قلة منهم).. كل هؤلاء مسئولون مسئولية كاملة عن حالة البلبلة والحالة العامة التى وصل إليها هذا الشعب الطيب.. ولكن لا تنتظروا حتى تتحقق نظرية «اللى حضر العفريت يصرفه»..!! يا سادة: أمامنا تحديات ليست هينة تحتاج منا جميعاً، وليس الرئيس عبدالفتاح السيسى وحده.. الإيمان بالله، والإخلاص للوطن، وبالعلم.. وبدون العلم، وتوحد وتعاون الجميع.. فلن يغير الله ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم. ولن نذهب بعيداً.. وعلى مرمى البصر.. بل جزء منا.. إنها دولة الإمارات العربية المتحدة.. أتعلمون سر نجاح التجربة الإماراتية؟ إنها الرؤية.. كيف استطاعت دولة الإمارات العربية المتحدة فى فترة وجيزة منذ نشأتها على يد المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، وإخوانه من حكام الإمارات، وتواصل الأبناء، وشعب الإمارات الوفى.. فى تحقيق النموذج للدولة المدنية الحديثة بمرجعية إسلامية وسطية. كيف حسمت الإمارات قضية الصراع بين مدرستى العقل والنقل، وتتغلب على الذات، لتصبح رائدة لمدرسة العقل والاجتهاد، ويتلاشى أصحاب منهج النقل والجهاد الوهمى؟ فى حين ما زالت أغلب الدول العربية والإسلامية، وأعرقها تعيش الصراع ولم تحسم قضاياها بعد. كيف تغلبت الإمارات على الفقر والأمية، وحولت الصحراء إلى دولة عصرية لها مكانتها، تتبوأ المراكز المتقدمة فى شتى القطاعات.. وفق ما أظهرته تقارير التنافسية العالمية مؤخراً، لتصبح قبلة الباحثين من جميع أنحاء العالم عن التميز والإبداع والابتكار؟ كيف أصبحت الريادة خياراً استراتيجياً لدولة الإمارات العربية المتحدة؟ فى رأيى: إنها القيادة. يقول المغفور له الحكيم الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان: القيادة.. الاستعانة بالله فى الدين والدنيا والإخلاص للأمة والوطن.. فقد كان مفتاح شخصيته (رحمه الله): «اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِى خَلَقَ»، «لقَدْ كَانَ لَكُمْ فِى رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ».. إبان مشيخة الشيخ محمد السيد طنطاوى للأزهر الشريف شكلت لجنة من علماء الأزهر وغيرهم، برئاسة الدكتور أحمد عمر هاشم لتنقية كتب التراث الإسلامى، بما فيها صحيحا البخارى ومسلم، من الأحاديث التى وضعت دساً على السنة والتى تمثل قنابل وألغاماً أدت إلى ظهور هذه الجماعات الظلامية التى شوهت الإسلام وأظهرته أمام العالم بهذا الشكل الهمجى الذى لا يمت إلى الإسلام بأى صلة، الإسلام الذى نزل على سيدنا ونبينا محمد، صلى الله عليه وسلم، متمماً لمكارم الأخلاق.. فيا علماء الأمة أعيدوا لنا إسلامنا الصافى الذى اختُطف من قبَل حلفاء الشيطان.. أعيدوا لنا ديننا بنبعه الصافى تحت الراية البيضاء «وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِين». ولا يفوتنى أن أهمس فى أذن فضيلة الإمام الأكبر: من يتصدى لتنقية الموروث الدينى من أحاديث مدسوسة أو مفاهيم مغلوطة أن يتسلح بالعلم وحلو الكلام وسعة الصدر. لأنه عندما تصدى بعض كبار علماء الأزهر لمحاورة بعض من ينادون بهذه التنقية للتراث الدينى.. انتفخت منهم الأوداج، وورمت فيهم الأنا..!! وانصب هجومهم على شخص السائل ولم يتعرضوا لأقواله.. وقد ترك هذا أثره السيئ على من شهدوا وسمعوا. فنرجو يا فضيلة الإمام أن تتخيروا من العلماء من يحسنون الحوار حتى يكونوا قدوة. وها أنا أدعو لحوار مفتوح بين علماء الأمة والإعلاميين داخل الأزهر الشريف أو وزارة الأوقاف أو المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، حسبما ترونه فضيلتكم.. وألا تكون هذه الحوارات معلنة إلا بعد الوصول إلى توحد واتفاق على ما يُطرح على العامة، وما يُناقش داخل مجالس العلماء، وذلك منعاً للبلبلة، فرصيدكم فضيلة الإمام لدينا ما زال كبيراً. «اللهم إنى قد بلغت اللهم فاشهد».