لم نكن بحاجة إلى قناة فضائية تنقل لنا الممارسات الوحشية لتنظيم «داعش» الإرهابى، لكنهم مصرون على بث الرعب فى نفوسنا بما يسمى «الجهاد الإلكترونى».. الذى يعتمد على القتل كأسرع وسيلة لنشر أفكارهم وفرض إرهابهم على العالم! إنهم محترفون فى قطع الرؤوس، بدرجة الحرفية نفسها التى ينشرون بها مشاهد الإعدام الجماعى عبر مواقع التواصل الاجتماعى، ومجلة «دابق» التابعة للتنظيم. كنت فى حالة ذهول وأنا أرى صوراً لعمليتى قتل لشخصين قال تنظيم «داعش» إنهما «شاذان جنسياً»، ثم قام برميهما من سطح بناء مرتفع.. تليها صور لعملية رجم لامرأة بتهمة «الزنا» ورجل بتهمة محاربة التنظيم. لكن الدموع التى تحجرت فى عينى سقطت وأنا أشاهد فيديو لطفل يعدم رجلين بإطلاق النار من مسدس، لأن تنظيم «داعش» أدانهما بالتجسس على التنظيم لصالح الاستخبارات الروسية. كنت أفتش عن معتقدات الطائفة «الأيزيدية»، وأبحث عن إحصاءات «منظمة العفو الدولية» حول سبى التنظيم للنساء الأيزيديات وما ترتب عليه من فتح لأسواق الرق واستعباد النساء.. فإذا بى أمام طفل تحول إلى وحش بشرى يقتل باسم الإسلام.. ويُستخدَم لتجنيد الأطفال عبر الإنترنت! «عبدالله»، الذى تعود جذوره إلى كازاخستان، هاجر من عالم الطفولة، أصبح نجماً يستخدمه تنظيم «داعش» فى شرائط يُظهر فيها أطفالاً يتدربون فى أحد معسكرات التنظيم الدموى فى سوريا. نجم من طراز «دراكيولا»، يعيش على دماء البشر، ولا يركع إلا لشيطان اسمه «أبوبكر البغدادى» اختطفه من دنيا البراءة ليعلمه تفكيك الأسلحة وتركيبها، ويدربه على خوض المعارك، ويلقنه عقيدة «الجهاد»! أحسست لوهلة أن عجلة الزمن قذفت بى إلى الماضى البعيد، وأن لغة الحديث عن انتهاكات حقوق الطفل أو ارتكاب جرائم ضد الإنسانية هى لغة لا يفهما آكلو لحوم البشر من كفار «داعش»، وأن أى خطاب يفسر عقيدة «الجهاد»، أو حتى الإسلام نفسه، هو خطاب عاجز، أخرس، فهؤلاء لا ينطبق عليهم إلا قول المولى عز وجل {صُمٌّ بُكْمٌ عُمْىٌ فَهُمْ لَا يَعْقِلُونَ}. لا يخجل تنظيم «داعش» من وصف جرائمه ضد الأقلية الأيزيدية فى العراق، بل يطرح «تفسيراً فقهياً» لسبى النساء على مجلة «دابق» فيقول: «بعد القبض على الأيزيديين تم توزيعهم وفقاً لأحكام الشريعة على مقاتلى الدولة الإسلامية الذين شاركوا فى عمليات سنجار.. فاستعباد عائلات الكفار وسبى نسائهم هو من الأسس الثابتة للشريعة الإسلامية»! فإذا كانت الطائفة الأيزيدية كافرة من وجهة نظرهم، استحلوا أرضها ونساءها وأموالها كغنائم حرب.. فكيف يفسر التنظيم سبى نساء سوريات من المسلمات السنة؟! «دولة الخلافة الإسلامية» لديها تهم جاهزة: النساء السنيات «مرتدات وعميلات للنظام».. فهنّ زوجات ضباط وضباط صف فى قوات النظام ب«الفرقة 17»، وتم سبيهن من المساكن العسكرية التابعة ل«الفرقة 17» فى محافظة الرقة، عند سيطرة التنظيم على الفرقة. حين تتحدث عن «داعش» فأنت لا تتحدث عن تنظيم إرهابى فحسب، بل عن «مشروع استثمار إرهابى»، عرف كيف يحتل الأراضى بالقوة ويسيطر على ثرواتها الطبيعية. يقول الخبير فى شئون «اقتصاد الإرهاب» الأمريكى «تشارلز بريسد» إن تنظيم «داعش» هو أغنى تنظيم إرهابى فى العالم، حيث تقدر ثروته بتريليونى دولار، أما دخله فحوالى 2٫9 مليون دولار فى السنة معظمه من بيع البترول والغاز!! فالاتجار بالنساء (الأيزيدية بألف دولار)، مجرد تسلية وإحياء لعملية اجتماعية حقيرة اسمها «العبودية».. أما التنظيم نفسه فينتشر ويتوغل ويتضخم ويقف على حدودنا. ونحن لسنا محصنين ما دام بيننا فقهاء يرون أن إنهاء العبودية أدى إلى زيادة فى «الزنا والفحشاء».. وأن «الجهاد» عبادة!!