حضر الرئيس عبدالفتاح السيسي، صباح اليوم احتفالات عيد الشرطة، وكان في استقباله المهندس إبراهيم محلب رئيس مجلس الوزراء، واللواء محمد إبراهيم وزير الداخلية، وحضر الاحتفال لفيف من الوزراء وكبار رجال الدولة والشخصيات الدينية والعامة. وصرح السفير علاء يوسف، المتحدث الرسمي باِسم رئاسة الجمهورية، بأن الرئيس وضع إكليلا من الزهور على النصب التذكاري لشهداء الشرطة، فور وصوله إلى مقر أكاديمية الشرطة، ثم عقد اجتماعا مع بعض قيادات وزارة الداخلية. وعقب الاستماع إلى كلمة اللواء محمد إبراهيم وزير الداخلية، سلم الرئيس أوسمة لأسر 41 شهيدا من شهداء الشرطة، ثم ألقى كلمة وحوله مجموعة من أبناء شهداء الشرطة الأبرار. كان نص الكلمة التي ألقاها السيسي كالتالي: "نحتفل اليوم بعيد من أعيادنا الوطنية المجيدة، يوم تتجسد فيه أسمى معاني العطاء، وتتجلى فيه الروح الوطنية المخلصة لرجال من أبناء مصر الأوفياء، عهدنا فيهم عبر تاريخ مصر الطويل، أن يكونوا دائما في طليعة المدافعين عن أمن وسلامة الوطن، رجال آمنوا برسالتهم وتفانوا في العطاء لوطنهم، ودافعوا وذادوا عنه بأرواحهم، وضربوا أروع الأمثلة في التضحية والفداء. احتفالنا اليوم بعيد الشرطة، هو مناسبة نستدعي فيها من ذاكرة الوطن، أياما خالدة لرجال الشرطة المصرية، الذين خاضوا أشرف المعارك من أجل أن يأمن كل مصري على حاضره ومستقبله، حيث تمر علينا اليوم الذكرى الثالثة والستون، لبطولات رجال الشرطة في الإسماعيلية، وصمودهم وبسالتهم في مواجهة قوات الاحتلال، دفاعا عن كرامة الوطن وكبريائه. سيبقى هذا اليوم في تاريخ مصر وذاكرة أبنائها، رمزا لتمسك شعبنا بعزته وسيادته على أرضه، ودليلا على وطنية أبنائه من رجال الشرطة. وسيظل التاريخ يحفظ لرجال الشرطة، دورهم في إرساء قواعد الأمن والأمان على أرض مصر، والحفاظ على حقوق الإنسان المصري، ومواجهة كل المحاولات الدخيلة للإخلال بنظام مجتمعنا والمساس بقيمه الأصيلة، كما سيسجل التاريخ ما خاضه جهاز الشرطة ورجاله الشرفاء، بمعاونة مختلف الأجهزة المصرية، من معارك باسلة في مواجهة الإرهاب، الذي تواجهه مصر، وتتحمل مسؤوليتها في مكافحة هذه الظاهرة البغيضة. حذرت مصر العالم من عواقب الإرهاب، وكانت في طليعة من تصدوا لمحاصرته وتجفيف منابعه، ولم تكتف بذلك، بل نادت بأن يقف المجتمع الدولي في مواجهة هذا الخطر الكامن، الذي صار يهدد كل طموحات شعوب العالم، وتطلعاتها لتحقيق الأمن والسلام والاستقرار والتنمية. نبهنا من المخاطر التي تواجه الدولة، ومصر الآن تدفع ثمن استقرار المنطقة العربية، مصر ستنتصر. تفاقم الإرهاب في الأعوام القليلة الماضية، وصار يمثل ظاهرة عالمية، تبث مخاطرها وتنشر الدعاوي المغلوطة لتكفير المجتمعات، وتستهدف ترويع الآمنين والإخلال بالسلام الاجتماعي. ما تشهده سيناء من عمليات عسكرية وأمنية، تستهدف إقرار الأمن والنظام، يُعد عملا من أعمال السيادة، وحقًا من حقوق الدولة المصرية، وهو الحق المكفول لكل الدول في السيطرة على أراضيها وتأمين حدودها. الموقف في سيناء تغير كثيرا، ومواجهة الإرهاب ستمتد لفترة، مع حرصنا على عدم وقوع ضحايا من المواطنين الأبرياء، كما ينبغي محاربة الفكر البغيض الذي يقف وراء الإرهاب، وسقوط الضحايا الأبرياء، وهناك 208 شخصا قتلوا، كانوا رفعوا السلاح في مواجهات مع الدولة، وتم القبض على 955 شخصا، وإطلاق سراح نحو نصفهم في إطار احترام دولة القانون. تثبيت دعائم الدولة المصرية وتعزيز أمنها القومي، وما يرتبط به من تعظيم لقدراتنا الاقتصادية وتعزيز لمواقفنا السياسية، يعد الأولوية القصوى التي يتعين أن تقود إرادتنا الوطنية، وتضبط تحركاتنا السياسية نحو الطريق الصحيح، الذي يحقق طموحات وتطلعات الشعب المصري نحو السلام والتنمية، واقتناعنا راسخ بأن مصر القوية هي دائما فخر لأبنائها، وسند لأمتها. الجهود التي تبذلها الدولة، لتحقيق التنمية الاقتصادية، لا يمكن أن تؤتي ثمارها، أو تحقق الأهداف المنشودة منها، دون أن يتوافر للمجتمع مناخ مستقر وآمن، يساهم رجال الشرطة البواسل في إرساء دعائمه. تعميق أسس الديمقراطية في مجتمعنا، بكل ما يعنيه من مباشرة المواطن لحقوقه السياسية، في مناخ من الحرية الكاملة، إنما يتطلب نهجا واضحا من الدولة والمواطن في الحفاظ على المناخ الديمقراطي الآمن، الذي يكفل له ممارسة جميع حقوق المواطنة، ويطالبه في ذات الوقت بأداء ما عليه من واجبات تجاه وطنه ومجتمعه، فتحقيق التوازن بين حقوق المواطنة وواجباتها، لابد أن يتم في إطار واضح ومحدد لمسؤولية الدولة والمواطن، تقوم الشرطة بدورها في الحفاظ عليه، وفقا للقانون وتحت سيادته، وبذلك يتحقق الأمن بمفهومه الشامل، الذي يولي الأولوية القصوى لحماية حرية المواطن، وتيسير مشاركته في فعاليات الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية، في مناخ يتسم باحترام المواطن وضمان أمنه. الأحداث التي شهدتها مصر، أثرت سلبا على الاقتصاد، وخسر قطاع السياحة وحده 40 مليار دولار، إن المطالبة بالحقوق لا تعني إلحاق الأذى بمصالح الوطن، والتأكيد على أهمية التكاتف الوطني، وإدراك ضرورة الحفاظ على ثوابت الدولة، والتأكيد على الحرص الكامل على حقوق الإنسان، لا يمكن القبول بأية تجاوزات، كما لا يمكن قصر حقوق الإنسان على الحق في التظاهر، وإنما هناك العديد من الحقوق الاقتصادية والاجتماعية التي يحتاجها ملايين المواطنين. التطوير الذي ننشده لمجتمعنا على كافة الأصعدة السياسية والاقتصادية والاجتماعية، يتعين أن يمتد ليشمل كافة المؤسسات والأجهزة الوطنية، ومن بينها جهاز الشرطة المصرية، وأعني هنا التطور بمفهومه الشامل، الذي يتضمن تطوير المناهج وأساليب التدريس وطرق التدريب، والعودة إلى القيم الأصيلة للمجتمع المصري، التي يتعين أن تسود العلاقة بين المواطنين ورجال الشرطة، في إطار من التقدير لدورهم وجهودهم المبذولة لحفظ الأمن، وفي سياق من الاحترام لحقوق المواطنين وحرياتهم. تحدثنا مع المجلس الأعلى للشرطة، وأكدنا أنه لا يجب أن نقل عن مستويات أجهزة الشرطة العالمية، وهذا لا ينتقص من دور جهاز الشرطة، وينبغي أن يشعر المواطنين بالتغيير الحقيقي في أداء الشرطة، مع استمرار دورها في الحفاظ على الأمن والاستقرار. أؤكد لكم أن مجتمعنا سيظل دائما، مجتمعا يقوم على المساواة في حقوق المواطنة، وتكافؤ الفرص بين الجميع، ويحترم كل الأديان، ويرفض كل أنواع التمييز، ولا يفرق بين مواطن وآخر بسبب الجنس أو الفكر أو العقيدة أو الدين، فكلنا مصريون متساوون في الحقوق وملتزمون بالواجبات. المجتمع المتطور الذي ننشده، لابد أن يحافظ على هذه القيم، وأن يجعل منها منهاجا لحياته، يؤكده في سلوك يومي متحضر، وفي إطار من تعاون وثيق بين المواطنين ورجال الشرطة. أعضاء هيئة الشرطة الكرام، لا يفوتني في مثل هذا اليوم، أن أستدعي إلى ذاكرة احتفالنا بعيد الشرطة، ذكرى شهدائها الأبرار، الذين حملوا أرواحهم على أكفهم، وجادوا بها رخيصة من أجل الوطن، أبدا لن ننساهم، فإن كانوا رحلوا عنا بأجسادهم، فإنهم سيبقون لوطنهم فخرا، وأؤكد لن ننسى أبناءهم وعائلاتهم، سيظلون إخوة لنا وأبناء يحظون بكل التقدير والرعاية والاهتمام. أتوجه بالتحية لرجال الشرطة البواسل، الذين يشاركون في بعثات حفظ السلام بالخارج، تحت راية الأممالمتحدة والاتحاد الإفريقي، دفاعا عن قيم نبيلة وإرساء لأسس السلام والاستقرار، وذلك جنبا إلى جنب مع إخوتهم من رجال القوات المسلحة، كما أوجه التحية والتقدير للعاملين المدنيين في جهاز الشرطة المصرية، فهم جنود مجهولون يساهمون بفاعلية في انتظام وحسن أداء هذا الجهاز الوطني. شعب مصر العظيم، رجال الشرطة الأوفياء، إنني على يقين من أن كل مواطن مخلص على أرض مصر، يقدر دور رجال الشرطة الشرفاء، ويعي أهمية ما يقومون به من مسؤوليات، وما يبذلونه من جهود، وما يقدمونه من تضحيات، من أجل الحفاظ على أمننا القومي واستقرار مجتمعنا، تحية لرجال الشرطة البواسل في يوم عيدهم، تحية لشهداء الشرطة الأبرار الذين قدموا أرواحهم من أجل مصر، وتحية لشعبنا العظيم الذي يدعم حُماة أمنه الساهرين للحفاظ على كرامة الوطن وسلامة أبنائه في حاضرهم ومستقبلهم.