ربما فضل المجتمع والمحيطون بهم تهميشهم من الحياة والمشاركة المجتمعية بها، خاصة مع الحصار الذي تفرضه قوات الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة، إلا أن المرضى بالصم قرروا دخول مجال جديد يعتمد أساسا على مهارات التواصل في تقديم الخدمات، حيث افتتحت منظمة "أطفالنا" المجتمعية، مطعما جديدا في غزة، بتمويل من مؤسسة "دوروسس" السويسرية، لتوفير فرص عمل ووظائف جديدة للأطفال والشباب الصُم من الفلسطينيين. المطعم يعتمد بشكل أساسي على لغة الإشارات في التعامل مع الزبائن الجدد، ويعتمد في فكرته على مساعدة الفلسطينيين الذين يسعون إلى بناء مجتمع أكثر مشاركة في الواقع، فالمؤسسة صاحبة الفكرة - أطفالنا - تؤكد على أن القطاع لا يحتوي الكثير من التسهيلات والإعانات لمرضى الإعاقات المختلفة، وأنه كان لابد من ابتكار وسيلة جديدة لمساعدة هؤلاء. أما عن الزبائن ممن لا يعرفون لغة الحديث بالإشارة، فقد اكتفت المنظمة بالتأكيد على أن الزبائن لن يحتاجون لأكثر من الإشارة إلى الصنف الذي يرغبون في تناوله في قائمة المأكولات الخاصة بالمطعم، وهو ما تأمل "أطفالنا" في أن يكسر الحاجز النفسي لمرضى الصم في القطاع. طاقم عمل المطعم يتكون من 12 عاملا، وقد أبدوا حماستهم وأملهم الكبير في نجاح التجربة خلال افتتاح المطعم، وتقول الطباخة نيفين، بينما تعد طبق الدجاج الحار، "نحن متحمسون، ربما تكون هناك بعض المصاعب في البداية، ولكننا سنتغلب عليها سريعا، جميعنا مدربون على مهارات قراءة الشفاه، وسيساعدنا الأمر كثيرا" وتقول المشرفة على المطعم، آيات إمطير، مستخدمة لغة الإشارة "الصم لديهم العزيمة والتصميم، وليس هناك أية مخاوف أو قلق باستثناء وقت الاتصال، أي مشاكل اللغة. في البداية يمكننا أن نأتي بمترجمين للمساعدة في الحديث إلى الزبائن". وتشير صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية، إلى أن آيات استغرقها الأمر 6 أشهر فقط من التواصل مع طاقمها، لتتأكد من أنهم جاهزين للانطلاق وافتتاح المطعم الجديد، وأن الخدمات ستكون جيدة. أما آيات نفسها، فتؤكد أن "افتتاح المطعم هو نداء جديد للمجتمع، وفرصة عمل للصم للتأقلم مع المجتمع المحيط بهم". ويقول مدير مؤسسة "أطفالنا" المجتمعية لأطفال الصم، نعيم كابجا، "قبل 20 عاما، كان يتعامل الفلسطينيون مع الصم بسلبية، وكان ينظر لهم الكثيرون على أنهم معاقين ذهنيا، ولكننا استطعنا تغيير ذلك، وقد تحسنت نسبيا يوما بعد يوم منذ ذلك الحين، ومن خلال أنشطتنا، استطعنا نشر ثقافة لغة الإشارة، وأصبحت أنشطة الصم منتشرة وذات وعي كبير بالنسبة للكثيرين". ومع هذا، يؤكد مدير المؤسسة على أن الكثيرين من الصم أنفسهم يميلون إلى الخجل من التأقلم مع المجتمع الخارجي، خوفا من عقبات التواصل، وتوقع صعوبة الفهم بشكل سريع. يعاني حوالي 1% من إجمالي سكان غزة البالغ عددهم 1.6 مليون نسمة، من صم كلي أو شبه كلي، ويمكنهم الحضور في الفصول الدراسية حتى الصف التاسع، ولكن ليس لديهم أية فرصة للدخول إلى مرحلة التعليم الجامعي في منطقتهم.