قالت لى وهى تضع الحُمْرة على وجنتيها قبل البثّ المباشر: اكتبى على ورقة كبيرة بالخط العريض «أنا مرتبى عشرة آلاف دولار»، وثبِّتى الورقة جيداً على المرآة التى تنظرين فيها كل صباح، وكلما وقعت عيناك عليها اقرئيها بصوت عالٍ.. وسترين النتيجة أيتها المشاكسة. نظرتُ إليها مبتسمة، فلطالما كانت هذه الفنانة المعروفة التى شاركتنى تقديم برنامجى اليومىّ لأكثر من ثلاث سنوات تمازحنى صباحاً، وقلت لها متحدية: يا حلوتى الشقراء، لو كان الأمر سهلاً هكذا ما كان بيننا صاحب همّ. بعد عدة أيام تصادف أن ناقشت مع صديقى المصرى «لغز التفاؤل»، عندما هنّأته على عقد قرانه، فهذا الرجل الطيب الوسيم واجه بقوة ضغوط الأهل والأصدقاء التى ألحّت عليه كى يتزوج قبل أن يفوته القطار، لكنه كان يُصِرّ على أنه لن يتزوج قبل أن يجد الفتاة التى يحلم بها، التى يوقن فى داخلة أنها موجودة فى مكان ما، وسيلتقيها حتماً. سأصْدُقكم القول، لم يكُن لسعادتى مثيل عندما أخبرنى بصوت مُنتشٍ فخور أنه قد وجدها، وقال لى: يا عزيزتى، السرّ فى التفاؤل. للحظ أيضاً فى نهاية الشهر نفسه كنت فى زيارة للأردن التى أحب مكتباتها التى تُشبعنى بما لذّ وطاب من الإصدارات العربية والإنجليزية التى أفتقر إليها حيث أعيش الآن. امتدت يدى إلى كتاب مترجَم للايتون بارك يحمل عنوان «اخرج من طريقك». فكرة الكتاب أخذتنى جدّاً، فهى تحكى ببساطة كيف أنك تستطيع أن تحصل على ما تريد بمجرد أن تتصرف كأنه حدث فعلاً! فأنت إذا أردت أن تنجح فى شىء عليك أن تتصرف كأنك ناجح فيه حقّاً، وإذا أردت أن يثق بك الآخرون فعليك أن تثق بنفسك أولاً، وسينتقل هذا الإحساس بالتبعية إلى من يحيطون بك ويصبح واقعاً فى تعاملاتك معهم. خطر لى حين قرأته أنه قد يكون هذا هو السرّ فى أن من يفشلون فى حياتهم فعلاً هم هؤلاء الذين يتوقعون الفشل فى تجاربهم قبل أن تبدأ. وبعد أن انتهيت من الكتاب ملأت الفراغات الموجودة فى صفحاته الأخيرة حول ما أحلم بأن أحقّقه وما أتوقع أن أحققه خلال عام، وخلال خمسة أعوام، على المستويين العملى والاجتماعى، وبعدها أغلقت الكتاب ووضعته إلى جوار أقرانه فى مكتبتى المنزلية. هذه المواقف الثلاثة تلخّص غالباً الأهداف التى يضعها كل منّا فى حياته، ما بين أهداف مادية، فمن حقنا جميعاً أن نعمل على رفع مستوانا المادىّ ما دمنا نحقّق أرباحنا بشكل مشروع، بالحلال، وأهداف اجتماعية فى أن نحقّق حلمنا بالارتباط بمن نحب، وأنا أؤمن تماماً أن مَن أحب صدقاً أكمل حياته مع من يحب أيّاً كانت التحديات، فأنا حينما أحب حقّاً يكفينى هذا جدّاً لأصِلَ. أما الثالث فهو هدفنا جميعاً فى الحياة، فما أجمل أن نقف تحت شمس النجاح فخورين بما وصلنا إليه. أما هذه الوقائع الثلاث التى حدثت معى فقد مر عليها عامان بالتمام والكمال، مرّا كغمضة عين رغم امتلائهما عن آخرهما بالأحداث والتغيرات، والأزمات أيضاً.. واليوم قررت أن أفتح ذلك الكتاب لأرى بنفسى نتيجة أولية لما كتبته. حقّاً أذهلتنى النتيجة؛ 90٪ من الأشياء التى كتبت أنى أحلم أن أحققها فى عامى الأول قد حققتها بالفعل، وفتحت عينَىّ عن آخرهما عندما تذكرت الأزمات التى مرّت علَىّ فى هذا العام، صدقنى يا صديقى إن أعلمتك بها لَمَا صدقت النتيجة مثلى. هنا يتبادر السؤال: كيف حدث هذا؟ تريد أن تعرف حقّا؟ الحقيقة أن الأمر ليس معقّداً أبداً فى حال توافُر شيئين: الرغبة الحقيقية، والصدق مع الذات. وللوصول طريق واحد سنمرّ فيه بأربع مراحل. تريد أيضاً أن تبدأ الطريق؟ عليك إذاً بالتالى: أولاً: صدّق تماماً أنك تستطيع أن تحقّق ما تريده الآن. ثانياً: اعرف قدراتك جيداً وحدّد بدقة موقعك الحالى من هذه الأهداف. ثالثاً: ارسم طريقك تفصيليّاً، فأنت تعرف الآن ما ينقصك حتى تصل، وعليك أن ترتِّب المعوقات أمامك حسب الصعوبة حتى تضع خطتك للتغلّب عليها. رابعاً: ابدأ الآن ولا تتردد، الآن. واعلم يا صديقى أنه لن يوقفك شىء ما دامت لديك الرغبة الصادقة، وعليك أن تفعل كل ما بوسعك، وإن فشلت فكرّر التجربة ولا تستسلم، وإن أُغلِقَ أمامك باب فابحث سريعاً عن باب آخر، وكُن متأكداً أنه حتماً موجود، أنت تحتاج فقط إلى التركيز حتى تصل إليه. جازف يا صديقى، فأنت حتماً تستطيع.. جازف بكل ما تملك، ما دام هدفك الذى تسعى إليه يستحق. أنت هناك الآن، وأنا أستطيع أن أقول لك إن هذا هو نجاحك، فخلف الباب تنتظرك هديتك الكبرى التى عملت وتَحمّلتَ من أجل الوصول إليها.. . فهنيئاً لك بها.