مرض التصلب المتعدد للألياف العصبية «Multiple Sclerosis MS» هو مرض مزمن يصيب الجهاز العصبى المركزى الذى يتكون من النخاع الشوكى، المخ، والعصب البصرى وغالباً ما يحدث نتيجة حدوث خلل فى الجهاز المناعى للجسم، وبالعلاج من الممكن أن يحيا المريض حياة طبيعية دون مشاكل أو إعاقات، بهذه المقولة يطمئن المرضى أ.د.ميشيل كلانيت أستاذ المخ والأعصاب بفرنسا ورئيس اللجنة الأوروبية لعلاج مرض التصلب المتعدد للألياف العصبية، وذلك أثناء حضوره المؤتمر الثامن والعشرين للجنة الأوروبية الذى أقيم بمدينة ليون بفرنسا. تناول المؤتمر كل ما يخص مرض التصلب العصبى بما فى ذلك مراحل تطور المرض، أهمية التشخيص المبكر، الأضرار الناتجة عن عدم اتباع العلاج المناسب، هذا بالإضافة إلى عرض الأبحاث الجديدة التى تسهم فى تحسين أساليب العلاج، فيقول د.كلانيت: إن هدفنا الأول والأخير هو توفير حياة صحية أفضل لمرض التصلب العصبى المتناثر الذى وصلت نسبة الإصابة به حول العالم إلى 2.5 مليون شخص، كما وصلت النسبة على مستوى الاتحاد الأوروبى إلى 500 ألف.[Image_2] كما يضيف د.كلانيت فى تصريحاته ل«الوطن» قائلاً إن أهداف اللجنة الأوروبية لعلاج مرض التصلب المتعدد للألياف العصبية تنحصر فى تبادل الخبرات وأحدث ما توصل إليه العلم فى هذا المجال بالإضافة إلى تشجيع البحث العلمى والأطباء للقيام بمزيد من الأبحاث التى تفيد فى علاج المرض، وأخيراً من أهم الأهداف توعية الناس بأهمية المرض وخطورة إهماله، ويقول د.كلانيت فى هذا الشأن «يعتقد الكثير من الناس أن مرض التصلب المتعدد للجهاز العصبى هو مرض جلدى وهو بالطبع ليس كذلك، وبالتالى فنحن حريصون على إعلام الناس وتثقيفهم جيداً حتى يستطيعوا تمييز المرض». وقد وضح د.كلانيت فى تصريحاته أن المرض يتكون من ثلاث مراحل؛ الأولى هى حدوث انتكاسات تابعة للمرض، حيث يتعرض المريض للهجوم الحاد فى جهازه العصبى فيمكن أن يحدث عمى مؤقت لإحدى العينين أو كلتيهما، حدوث عرج بالساق، حدوث تشوش وعدم وضوح فى الرؤية، وحدوث سلس بولى. ويضيف د.كلانيت، أنه فى هذه المرحلة تكمن أهمية التشخيص الدقيق لأنه إذا شخص الطبيب المعالج الحالة بدقة وحدد العلاج المناسب، ستزداد فرص نجاح العلاج وبالتالى ستختفى تلك الانتكاسات، ولكن لا بد ألا يغفل المريض ضرورة الالتزام بالعلاج وعدم الإهمال لأن الانتكاسات يمكن أن تتكرر إذا لم يلتزم المريض بالعلاج، أما عن طبيعة المرحلة الثانية من المرض فهى تتمثل فى حدوث إعاقة أو عجز فى مناطق معينة من الجسم، والمرحلة الثالثة وهى التى يحدث فيها للمريض تدهور فى حالته، وهى من أشد أنواع المرض.. فى هذا الشأن يقول أ.د.البهى رضا، أستاذ طب المخ والأعصاب بجامعة الأزهر وعميد الكلية السابق، فى تصريحاته ل«الوطن» إن نسبة المرضى الذين يصلون للمرحلة الثالثة للمرض هى نسبة قليلة جداً لا تتعدى 10%، ويشدد د.رضا على ضرورة الانتباه جيداً لأعراض المرض الشائعة التى تتمثل فى الإحساس بالإرهاق، حدوث اضطراب فى جهاز التوازن، فقد الإحساس فى جزء من الجسم، الشعور بالتعب الدائم، إيجاد صعوبة فى التركيز، الاكتئاب، والقلق، ويقول د.رضا، محذراً المرضى، إن تلك الأعراض قد تظهر لفترة ثم تختفى ثم تعاود الظهور بشكل آخر، فيمكن أن تصل لحدوث الانتكاسات، ولهذا فالتشخيص المبكر يلعب دوراً كبيراً فى الحد من تدهور المرض. ومن ضمن فعاليات المؤتمر المتميزة، إقامة ندوة بعنوان «تقييم مقاييس الأداء لأساليب العلاج الحديثة لتحديد الفوائد على المستوى البعيد والقريب» التى نظمتها شركة الأدوية العالمية «باير» Bayer، وشملت الندوة عدة موضوعات، منها التقييم التاريخى لأساليب العلاج من خلال استجابة المريض وتحقيق النتائج المرجوة، أهمية أحدث أساليب العلاج من حيث إدراك مخاطر وفوائد تلك الأساليب، وأخيراً تدعيم الهدف الأساسى لجعل المرضى ينعمون بحياة أفضل. وقد أثبت الأطباء المشاركون فى الندوة من خلال عرض أحدث الدراسات التى تقيّم عوامل نجاح أساليب العلاج، أن العلاج «بالبيتافيرون Betaferon» هو أحسن وأكثر العلاجات أماناً وسلامة لصحة المريض، فيقول أ.د.تيجالف زيمسين، أستاذ المخ والأعصاب ومؤسس مركز علاج مرض التصلب العصبى المتناثر بمدينة دريسدن بألمانيا، إنه على مدار الخمس والعشرين سنة الماضية أثبتت الدراسات أن «البيتافيرون» حقق حياة آمنة ومستقرة لحوالى 1.3 مليون مريض حول العالم، كما أكد د.زيمسين على أهمية التشخيص المبكر وبدء العلاج «بالبيتافيرون» لأنه كلما بدأ العلاج مبكرا، زادت فعالية العلاج. وقد التقت «الوطن» مع أحد المتحدثين الرسميين للندوة أ.د.زافير منتالبان، سكرتير عام المؤتمر، رئيس قسم المخ والأعصاب ورئيس مركز علاج مرض التصلب العصبى المتناثر بجامعة كاتالونيا بإسبانيا، حيث قال إن نتائج أحدث الدراسات التى أقيمت على عينة من المرضى، أثبتت أن «البيتافيرون» يحد بشدة من تدهور المرض وخاصة الانتكاسات، فهناك حوالى 77.6% من المرضى الذين يتناولون «البيتافيرون» استقرت حالتهم وظلوا فى المرحلة الأولى البسيطة من المرض و6.6% فقط هم الذين وصلوا للمرحلة الحرجة. وينصح د.منتالبان الناس بضرورة الامتناع عن التدخين والإكثار من تناول فيتامين «د»، فبالرغم من عدم إيجاد سبب واضح للإصابة بالمرض إلا أن التدخين ونقص فيتامين «د» يعدان عوامل مساعدة جداً خاصة ضمن النساء. وفى سياق متصل يؤكد أ.د.محمد سعد، أستاذ ورئيس قسم المخ والأعصاب بكلية طب جامعة المنصورة فى تصريحاته ل«الوطن»، أن «البيتافيرون» يمنع حدوث التكرار الدائم لانتكاسات المرض وبالتالى تقل المضاعفات التى يمكن أن تؤدى إلى فقدان جزء مهم من الجسم. وعلى الجانب الآخر، ينصح أ.د.حازم معروف، أستاذ المخ والأعصاب بكلية طب الإسكندرية، الأطباء بضرورة توخى الحذر عند التشخيص، فعليهم أن يطلبوا من المريض إجراء الرنين بالصبغة إذا لزم الأمر لأن الأشعة المقطعية فقط ليست كافية فى بعض الحالات الحرجة التى تطلب أشعة دقيقة. ويضيف د.معروف فى تصريحاته ل«الوطن» أن مرض التصلب العصبى المتناثر هو مرض لا يتم التنبؤ بحدوثه، وقد وصلت نسبته إلى 30 أو 40 حالة فى مصر من كل 100 ألف حالة، وبوجه عام فإن المرض ينتشر فى الدول الإسكندفانية كالسويد وسويسرا كما ينتشر فى البيض أكثر من السود. وعن تكلفة العلاج، يقول د.سعد إن العلاج لمرض التصلب يعد من أغلى أنواع العلاج، فهو يكلف المريض حوالى ستة آلاف جنيه فى الشهر، ولذلك فعلى جميع أجهزة الدولة أن تشارك بقوة فى إنشاء مشروع قومى يوفر علاجاً مدعماً للمرضى غير القادرين على توفير العلاج، ويضيف د.سعد أن أكثر فئة عمرية يهاجمها المرض تتراوح بين سن العشرين والأربعين ولذلك فإذا تم تدعيم العلاج سنساعد فى إنقاذ شبابنا من تدهور حالتهم.