تخرج تجمعات كبيرة صامتة، للتعبير عن "الوحدة الوطنية"، بعد غد الأحد، في فرنسا التي تعيش حالة من الغضب بعد الهجوم على مجلة "شارلي إيبدو" في حين يتصاعد جدل حول مكانة اليمين المتطرف من هذه "الوحدة". وانتشر في كافة أنحاء فرنسا، منذ يوم الأربعاء، شعار "أنا شارلي" كتب باللون الرمادي على سواد، وانتشر في كل فرنسا والخارج، ورفع في التظاهرات وعلى شبكات التواصل الاجتماعي، غير أن "الوحدة الوطنية" أمام الاعتداء، تواجه مشكلة تتمثل في مشاركة الجبهة الوطنية "اليمين المتطرف" في المسيرة الكبيرة المدنية المقررة اعتبارًا من الساعة 2:00 بالتوقيت العالمي، لأن ذلك الحزب متهم منذ زمن طويل بتنمية مشاعر الحقد على المهاجرين والفرنسيين من ذوي الأصول الأجنبية. ولم تخف زعيمة الحزب مارين لوبن، التي استقبلها الرئيس فرنسوا أولاند، اليوم الجمعة، في إطار مشاوراته مع قادة الأحزاب السياسية في البلاد، غضبها من إقصائها، وقالت "إذا كانت وحدة وطنية يقصى منها 20 بالمئة من الناخبين فهي ليست وحدة". وقال أولاند، الذي من الممكن مشاركته في مظاهرة بعد غد الأحد، "يمكن لكل المواطنين أن يشاركوا"، مؤكدًا أن "المواطنين هم من يقرر المشاركة أم لا في المظاهرة "مشددًا على ضرورة "رفض المزايدات". وأوضح الرئيس الفرنسي، "أنا أثق في بلادنا التي تتوفر فيها قدرة كبيرة على التجمع رغم الفظاعات التي نقرأها أحيانا". وبدا أن الفرنسيين يعبرون عن غضبهم بطرق مختلفة، ففي شارع بلفيل في باريس، وعلى بعد مئات الامتار من مقر مجلة "شارلي إيبدو"، عبر عامل فضل عدم كشف هويته، عن استيائه، وقال الرجل القادم من الجزائر في 1992 هربًا من أعمال عنف الإسلاميين المتطرفين، إنه كثيرًا ما يكون عرضة للشبهات، وأضاف "أرى في نظرات الناس الذين التقي بهم، وكأنني متهم" بصفتي مسلم. وتعرضت عدة مساجد منذ الأربعاء، إلى أطلاق رصاص وغيرها من الأشياء في عدة مناطق من فرنسا، دون سقوط ضحايا، وقال جان بول دوسان بعد الوقوف دقيقة صمت ترحمًا على ضحايا الاعتداء على "شارلي إيبدو" على غرار الملايين من الفرنسيين "عندما تهاجم الصحافة تهاجم الحرية، هذا بلد فولتير وزولا، ويجب النضال من أجل حرية التعبير". وقال باتريك ديريان، 66 سنة، من قراء "شارلي إيبدو" إن "رؤية هذا العدد من الناس المحتشدين يصالحني مع فرنسا، وآمل ان تدوم هذه الاستفاقة". ونظمت عدة سهرات جمعت عشرات آلاف من الأشخاص، منذ الأربعاء، اتوا بشموع، وزهور في كافة أنحاء البلاد، حيث عم صمت كبير تخلله أحيانًا النشيد الوطني الفرنسي "لا مرسييز" في خطوة غير معهودة لتكريم أناس كانوا يسخرون من كل شيء، وتنظم "مسيرة جمهورية" كبيرة في باريس دعي إليها تقريبا كل القادة السياسيين، والنقابيين، ورجال الدين كما تجري تجمعات أخرى في عدد من كبرى المدن. وأعرب ممثلو مسلمي فرنسا، الذي يتراوح عددهم من 4 إلى 5 ملايين فرنسي، بقوة عن تضامنهم ودعت أكبر منظماتهم إلى "الانضمام إلى التظاهرة بأعداد كبيرة".