ما معنى كلمة «عالم دين»؟! هل معناها أنه رجل يحكم العباد بفهمه للنصوص الدينية، ويضفى قدسية على كتب التراث الدينى (صحيح البخارى مثلاً) ويكفّر خصومه ويلعنهم، ويرتزق من كل القنوات الفضائية.. ثم يتربع على منصب ما بمشيخة الأزهر؟؟! وما معنى «الثورة الدينية» التى طالب بها الرئيس «عبدالفتاح السيسى» خلال احتفال وزارة الأوقاف بالمولد النبوى الشريف؟ هل معناها تطهير الأزهر نفسه من تغلغل الإخوان وتحكمهم فيه (اللوبى الإخوانى بالأزهر حوالى 8 قيادات على رأسهم وكيل الأزهر «عباس شومان»)؟ أم أن الثورة الدينية تبدأ برفع القداسة عن الأزهر المخترَق «سلفياً وإخوانياً»، بحيث يكون شيخ الأزهر «قابلاً للعزل».. مثله مثل رئيس الوزراء؟ نحن من صنعنا الأصنام لنركع لها، ورفعنا «البخارى ومسلم» إلى مرتبة تعادل قدسية القرآن.. حاشا لله، ليس نحن النخبة أو العامة، بل عمائم وعقول القائمين على المؤسسة الدينية الذين لا يؤمنون بالحوار الفكرى ولا بالتعدد المذهبى، ويمارسون علينا الوصاية الدينية بكل استبداد.. ومن يجتهد «إن كان عالماً» أو يتساءل «إن كان مفكراً» تنقضّ عليه كتائب التكفير والتشهير الموصولة بكل قنوات الإخوان: (مواقع رصد والمصريون، وقنوات رابعة والشرق وغيرها). عمائم الأزهر ترفض تكفير «داعش» وتكفّر «الشيعة»، تقوم بدور «محاكم التفتيش» فتحيل الدكتور «أحمد كريمة»، أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر، للتحقيق لمجرد سفره إلى إيران! ومجمع البحوث الإسلامية يطارد المفكرين والمجددين ب«الحسبة الدينية» مثلما فعل مع الكاتب «إبراهيم عيسى»، والعالم الجليل الدكتور «سعد الدين هلالى»! (والله لأحاججكم يوم القيامة، فقد أخليت ذمتى أمام الله لأنه لا يمكن أن يكون هناك دين يتصادم مع الدنيا كلها، فالمشكلة ليست فى الدين ولكن فى الفكر، وهذا يتطلب دوراً كبيراً من علماء الأزهر والأوقاف).. جملة قالها الرئيس بصرامة ووضوح. لكن رئيس الجمهورية لديه صلاحيات واسعة للإصلاح فى الدنيا، فلماذا ننتظر ليقتص الله لنا فى الآخرة ممن نشروا التطرف والإرهاب الفكرى وقضوا على وسطية الإسلام؟ الرئيس يعلم بالاسم كل من ينتمى لجماعة الإخوان الإرهابية ويتحكم بالأزهر الشريف، وقد طالبته من قبل بتفعيل «الإقالة» لتطهير المؤسسة الدينية من الإرهابيين. الرئيس (بحكم كونه رجل مخابرات بالأساس) يعلم كيف تتسلل أموال الإخوان لتغسل عقولاً تعتليها العمائم.. ويدرك أن من يهدم وطناً بفكر متطرف لا يمكن أن يتولى مهمة تجديد الخطاب الدينى. الأزهر الشريف «مرجعية دينية»، وليس مؤسسة تمنح صكوك الغفران لمن تشاء وتكفّر من تشاء. لقد خرج الأزهر الشريف عن مساره ودوره، وتخلى عن مهمته الأصلية فى تكريس وسطية الإسلام وسماحته، حتى أصبح قنبلة فتنة طائفية موقوتة على أى تصريح لعالم من خارج أسوار الأزهر. الرئيس وجّه خطابه للدكتور «أحمد الطيب» شيخ الأزهر، قائلاً: «أنت والدعاة مسئولون أمام الله عن تجديد الخطاب الدينى وتصحيح صورة الإسلام»، بل ومسئولون أمامنا وأمام القيادة السياسية.. لماذا أصبح الدعاة أنصاف آلهة؟ قل لهم يا ريس: «ليس من المعقول أن نظل نقدس أفكاراً ونصوصاً لآلاف السنين وهى بعيدة عن صحيح الدين»! انسف خطابك القديم الذى أدخلنا كهف التطرف المظلم، وافتح قنوات الحوار بين علماء الدين والمثقفين، شجع الاجتهاد بعيداً عن الاتهام بالتآمر على الدين عملاً بالحديث الشريف: «من اجتهد وأصاب فله أجران، ومن اجتهد ولم يصب فله أجر واحد». ولتكن بوصلة الحوارالقاعدة التى أرساها الإمام «الشافعى»: «رأيى صواب يحتمل الخطأ، ورأى غيرى خطأ يحتمل الصواب».