جلبابه الأبيض، وذقنه السوداء، وعقال على رأسه، يدل على ترسخ العروبة في دمائه، وعيون خلف نظارة لشيخ تخفي وراءها الكثير من الحكمة والدهاء، يتابع بحرص ما يدور من حوله في الشرق الأوسط ودول الجوار، ويفكر مليًا قبل اتخاذ قراراته التي تصب دائمًا في صالح الأمة العربية، فيرسل طائراته إلى سوريا لقصف، بعد أن وقف بجانب القيادة المصرية بعد ثورة 30 يونيو، واتخذ موقفًا تاريخيًا عندما انحاز للثورة بعد الإطاحة بحكم الإخوان. شيخ ملوك العرب الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود، الآن يرقد على سريره داخل مستشفى "مدينة الملك عبدالعزيز الطبية للحرس الوطني"، في الرياض، والجميع ينتظر امتثال شفاءه ليعود مرة أخرى، ينظر من وراء نظارته لما يحدث في المنطقة وينتصر لمصالح الدول العربية في الوقت المناسب، كما اعتادت دومًا الحكومات العربية منه، ليتوجه الجميع من محبي السلام في الوطن العربي بالدعاء له مرة أخرى. لم تكن تلك المرة الأولى التي يخضع فيها الملك للعلاج، ففي أواخر عام 2010، خضع أيضًا لعملية جراحية في الظهر بأحد مستشفيات نيويورك، ثم خضع لعملية أخرى أواخر 2012، لتثبيت التراخي في الرابط المثبت أعلى الظهر. عبدالله بن عبدالعزيز بن عبدالرحمن بن فيصل بن تركي بن عبدالله بن محمد بن سعود بن محمد بن مقرن مرخان بن إبراهيم بن موسى بن ربيعة بن مانع بن ربيعه المريدي وينتهي نسبهم إلى بكر بن وائل من بني أسد بن ربيعة، هكذا جاء اسم خادم الحرمين الشريفين، فهو سليل أسرة عربية أصيلة، كان لها في شبه الجزيرة العربية، ولا يزال مكانتها المؤثّرة في التّاريخ، ما أهلها لأن يكون لها دورها الفعال، ووالده هو مؤسّس الدولة السعودية الثالثة الملك عبدالعزيز آل سعود، والذي أثرت شخصيته في فكر الملك عبدالله وثقافته. في عام 1963، أصدر الملك سعود مرسومًا بتعيين الملك عبدالله رئيسًا للحرس الوطني، ثم تعيينه عام 1975 نائبًا ثانيًا لرئيس مجلس الوزراء ورئيسًا للحرس الوطني مع تولي الملك خالد مقاليد السلطة في المملكة، ومع تولي الملك فهد بن عبدالعزيز مقاليد الحكم عام 1982، أصدر مرسومًا في نفس اليوم بتعيينه نائب أول لمجلس الوزراء ورئيسًا للحرس الوطني، فضلًا عن اختياره وليًا للعهد، بعدها بدأ نجم الملك عبدالله يسطع على الساحة العربية والدولية منذ عام 1995، وكان ينظر له باعتباره الملك الفعلي للسعودية، وذلك بسبب متاعب صحية متعددة ألمت بالملك فهد، وكان للملك عبدالله من القدرة ما مكنه من الاحتفاظ باستقرار المملكة في وسط محيط إقليمى متأجج وأطماع دولية مفضوحة. عطاء لم ينقطع منذ أن تولى الملك عبدالله حكم السعودية، فلم يترك فرصة لمساعدة أي من الدول العربية إلا وكانت قراراته ومبادراته حاضرة، وفي الفترة التي تحاصر المنطقة العربية بالمخاطر من كل اتجاه، يواصل الملك السعودي، مسلسل عطاءه الذي لم ينتهي، فيقرر المشاركة في الحرب ضد دولة "داعش" المزعومة، ثم يصر على مساندة مصر في ثورتها ضد حكم الإخوان، ويؤكد على ذلك بزيارته التي قام بها لمصر في الشهور الأولى من تولي السيسي للرئاسة، ليستقر على سريره في مرضه، منصتًا لدعوات الملايين من أبناء أمته الذي لم يدخر جهدًا لتحقيق مصالحهم.