قديمًا كان دورها يقتصر على المكوث في البيت وتربية الأبناء وانتظار الزوج على أحر من الجمر لإزالة كل ما لحق به من هموم طيلة اليوم، قبل أن تقتحم ميادين العلم والعمل بكل صورها، فتصبح أحيانًا المُعلمة، وأخرى ضمير الأمة التي يهز قلمها كبار المسؤولين، ولا مانع من أن ترتدي ملابس الشرطيين الذين يعلمون الناس معاني الانضباط والحسم، إلى جانب تقلدها لكل المناصب الرفيعة في الدولة، إلا أنها لا تزال تفتقد لقب "المحافظ". "المرأة قادرة على كل شيء"، بتلك الكلمات أبدت الناشطة السياسية شاهندة مقلد، عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان، اعتراضها على عدم تولي المرأة لمنصب المحافظ حتى الآن، مرجعة ذلك إلى ما وصفته بالأعراف المجتمعية المتشددة التي تعتمد على أقوال خاطئة من قبيل "ليس منا من ترأسه امرأة". "مقلد" أكدت أن المرأة التي شغلت منصب الوزير في العديد من الأوقات الصعبة من تاريخ الوطن، وكانت القاضية التي تصدر الأحكام بالقانون، قادرة على أن تكون "محافظ" تتابع هموم المواطنين وتحل مشكلاتهم، مشيرة إلى أن هناك العديد من النماذج التي امتهنت الهندسة والطب، واللتين تستدعيان التجول الدائم في الشوارع ومغادرة البيت في ساعات متأخرة من الليل لإنقاذ المرضى. لم تفقد الناشطة اليسارية، الأمل في أن ترى سيدة مصرية تشغل ذلك المنصب يومًا، متوقعة ألا يتأخر هذا الأمر أكثر من ذلك، بحسب قولها، وأن يتخذ البرلمان المقبل تلك الخطوة التي ستكون الأولى من نوعها في ظل التعهدات الكثيرة بتمكين المرأة داخل المجتمع. الدكتور أشرف هلال، محافظ المنوفية الأسبق، لم يبد أي اعتراض على فكرة تولي المرأة المصرية لمنصب المحافظ، مؤكدًا أن الدستور المصري الحالي الذي تم تعديله في 2013، يعطي المرأة الحق في المشاركة السياسية، ويلزم بوجودها داخل البرلمان، لافتًا إلى أن المرأة التي أصبحت قاضية ووزيرة قد يتسنى لها يومًا أن تتولى منصب المحافظ. "هلال" رفض في تصريحاته ل"الوطن"، ربط عدم تولي المرأة لمنصب المحافظ بأي أعراف أو تقاليد مجتمعية، موضحًا أن تلك الوظيفة تتطلب أن يتناسى شاغلها حياته الاجتماعية والمنزلية، وأن يسهر ليل نهار على أداء خدمات المواطنين، وأن يتفقد أمور مئات المراكز والأحياء التابعة لمحافظته، وتابع: "إذا انطبقت تلك الصفات على أي سيدة ووجدت في نفسها الاستعداد لذلك فلا مانع من أن تتقدم وتتقلد ذلك المنصب، خاصة وأن هناك سيدات شغلن منصب رئاسة مراكز تابعة للمحافظات".