افتتاح فرع المجلس القومي للطفولة والأمومة بشرق النيل في بني سويف    احتياطي النقد الأجنبي لمصر يتجاوز 50 مليار دولار بنهاية أكتوبر 2025 لأول مرة في التاريخ    وزير النقل يمازح عاملين بقطار النوم: نجيب ساويرس مبيدكوش مرتبات خلوا بالكم    4.6% تراجعا في قيمة عجز الميزان التجاري ل4.73 مليار دولار خلال أغسطس 2025    القسام تعلن تسليم جثة الضابط هدار جولدن الساعة الثانية مساء بتوقيت غزة    مصر وقطر تؤكدان دعم جهود تثبيت وقف إطلاق النار في غزة    أحمد الشرع بواشنطن في أول زيارة لرئيس سوري منذ 79 عاما    اختطاف 3 مصريين في مالي.. من يقف وراء فدية ال5 ملايين دولار؟    الجزيري وماهر يقودان تشكيل الزمالك المتوقع في نهائي السوبر    نهائي السوبر وقمة الدوري الإنجليزي.. تعرف على أهم مباريات اليوم    تشكيل الزمالك المتوقع أمام الأهلي في السوبر.. الجزيري يقود الهجوم    طولان: محمد عبد الله في قائمة منتخب مصر الأولية لكأس العرب    فيديو.. الأرصاد: أجواء خريفية مستقرة حتى نهاية الأسبوع    الداخلية تضبط 330 كيلو مخدرات و150 سلاحا ناريا خلال يوم    وفاة الكاتب مصطفى نصر بعد تعرضه لأزمة صحية مفاجئة    على خطى النبي.. رحلة روحانية تمتد من مكة إلى المدينة لإحياء معاني الهجرة    «معلومات الوزراء» يستطلع آراء المصريين حول المتحف المصري الكبير    3 مجانية.. القنوات الناقلة لمباراة الأهلي والزمالك بنهائي كأس السوبر    اليابان.. تحذير من تسونامى بعد زلزال بقوة 6.7 درجات    حملة توعوية بيطرية مكثفة لدعم صغار المربين بالبحيرة    «أمن المنافذ»: ضبط 3354 مخالفة مرورية وتنفيذ 347 حكمًا قضائيًا خلال 24 ساعة    موعد امتحانات منتصف العام الدراسى بالجامعات والمعاهد العليا    الموعد الرسمي لمعاش تكافل وكرامة لشهر نوفمبر 2025 (احسب معاشك)    النائب على عبد الونيس: المتحف المصرى أيقونة حضارية تؤكد عبقرية المصريين    «الجراند بول» في قصر عابدين.. كل ما تريد معرفة عن حفل الأمراء والنبلاء (التذاكر تبدأ ب1500 يورو)    العالم بطريقته    قبل بدء التصويت في انتخابات مجلس النواب 2025.. تعرف على لجنتك الانتخابية بالخطوات    وزارة التموين تطلق قافلة مساعدات جديدة لقطاع غزة    طريقة عمل سلطة البطاطس بالزبادي.. لمسة من البساطة والابتكار    «التضامن» تقر توفيق أوضاع جمعيتين في الجيزة وكفر الشيخ    جامعة الدول العربية تكرم مدحت وهبة المستشار الإعلامي لصندوق مكافحة وعلاج الإدمان تقديرا لجهوده    وزير الداخلية يأذن ل 22 مواطنا بالحصول على الجنسيات الأجنبية    غارة من مسيرة إسرائيلية على محيط بلدة الصوانة جنوبي لبنان    الأمم المتحدة: أزمة نزوح غير مسبوقة في السودان.. وتصاعد العنف في الفاشر    انتخابات مجلس النواب وحلم الديمقراطية!    لأول مرة فى تاريخ ألمانيا.. تامر حسنى يشعل الاجواء فى ستاد يايلا أرينا الألمانى بحضور 30 ألف شخص    «المتحف المصرى الكبير» أقوى من «الجاهلية»    القاهرة السينمائى يحلق بكبرياء على جناحى اتفاق السلام والمتحف الكبير    شعلة حب لا تنطفئ.. ما هي الأبراج المتوافقة في الزواج والعلاقات العاطفية؟    باستثمارات قطرية وإماراتية: الساحل الشمالى الغربى «ريفيرا مصر»    تعرف على مواقيت الصلاة بمطروح اليوم وأذكار الصباح    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم 9-11-2025 في محافظة قنا    تقديرًا لأمانته.. مدرسة بقنا تكرم تلميذًا أعاد «انسيال ذهب» لمعلمته    اليوم.. نظر محاكمة 213 متهما بخلية النزهة    عميد المعهد القومي للأورام: قدمنا خدمة إضافية لنحو 32 ألف مريض 2024    اختتام فعاليات مؤتمر المعهد القومي للأورام "مستقبل بلا سرطان"    «المعاهد التعليمية» تدخل أحدث طرق علاج السكتة الدماغية بمستشفياتها    60 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات بمحافظات الصعيد.. الأحد 9 نوفمبر    أحمد جعفر: تريزيجيه اكتر لاعب سيقلق دفاع الزمالك وليس زيزو وبن شرقي    إخلاء سبيل شخص وصديقه بواقعة التحرش اللفظي بسيدة فى بولاق أبو العلا    عيار 21 الآن بعد آخر ارتفاع.. سعر الذهب والسبائك اليوم الأحد 9-11-2025 في مصر    «إنت بتغير كلامي ليه! أنا عارف بقول إيه».. نقاش ساخن بين أحمد فتحي وخالد الغندور بسبب نجم الزمالك    حبس وغرامة.. نقيب الأطباء يكشف عقوبة التجاوز والتعدي على الطبيب في القانون الجديد (فيديو)    التقارير الفنية أمام النيابة.. تطورات في قضية أطفال اللبيني    عمرو الحديدي: الأهلي يفتقد لتواجد إمام عاشور.. ومباراة القمة تكتب دائمًا شهادة ميلاد العديد من النجوم    كورنيليا ريختر أول أسقفة في تاريخ الكنيسة الإنجيلية بالنمسا    «عدد كتب الغيب 3».. خالد الجندي: الله قد يغير في اللوح المحفوظ    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 8-11-2025 في محافظة الأقصر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نخلة الشتاء
نشر في الوطن يوم 26 - 12 - 2014


الحمد لله
فى كل عام تتكرر المعارك الشبكية السخيفة حول تهنئة المسيحيين بعيد الميلاد، والسخف هنا ليس فى وجود الخلاف الفقهى حول المسألة، ولكنه فى استدعائه إلى معترك المرحلة والمنطقة التى تعانى مرارة البغضاء والكراهية والصدام والقتل والدمار لتوظيفه فى هذا الإطار التعيس.
وقد سبقت الكتابة مرتين حول الموضوع بعنوان: «فى يوم الميلاد المجيد: (والسَّلام علىَّ يومَ وُلدت)» وعنوان «إنّ منكم منفرين».
وقد أُثبت بطلان دعوى الإجماع على تحريم التهنئة وأن الإمام أحمد بن حنبل رُوى عنه القول بالجواز كما ذكر ذلك المرداوى فى «الإنصاف»، وسبق بيان أن فتوى التحريم لم تصدر عن دليل من كتاب وسُنّة، بل عن علة مفادها أنّ التهنئة من لوازمها الإقرار على العقيدة، وهذا كان صحيحاً فى ثقافة تلك العصور، غير أنه قد تغير كلياً فى عصرنا، حيث يهنئ المسلمون المسيحيين بأعيادهم، ويهنئ المسيحيون المسلمين بأعيادهم، وكل طرف يعلم يقيناً بأن الطرف الآخر لا يتفق معه فى اعتقاده، و«الحكم يدور مع العلة وجوداً وعدماً» كما يقول الفقهاء. وسبق ذكر أن الأمر فيه سعة، فمن أراد أن يُهنئ أو أن يمتنع فهذا اختياره، على أن لا يؤجج الفتنة بالنكير على من يخالفه.
ولكن الجديد فى هذا العام هو انتشار التعليقات التى تُبرِّر منع التهنئة بأن السيد المسيح لم يولد فى تاريخ الخامس والعشرين من ديسمبر كما يعتقد الكاثوليك والبروتستانت ولا فى السابع من يناير كما يعتقد الأرثوذكس، فكلاهما فى الشتاء، والله عز وجل قال: «وَهُزِّى إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُساقِطْ عَلَيْكِ رُطَباً جَنِيًّا»، والرطب لا يكون فى الشتاء بل هو من ثمار الصيف!
ونسى إخوتنا هؤلاء أن الإشكال بهذه الطريقة لا يقف عند ثمرة النخلة فى الشتاء بل هو أيضاً وارد فى كون المرأة لا تستطيع هز جذع النخلة، بل فى أصل القصة، وهو أن المرأة لا تحمل ولا تلد بدون علاقة مع رجل!
فكل هذا، إخوتى، من المعجزات الخارقة للعادة، ومن صدّق أن امرأة تلد بغير رجل فمن السخيف أن ينفى إمكانية أن تثمر النخلة فى الشتاء.
ولكن الأمر الأهم هو أن التهنئة ليست متعلقة بصحة التاريخ، فالمسيحيون أنفسهم قد اختلفوا حوله، وليست متعلقة بالعقيدة، فكلنا يعلم أن الخلاف العقدى بيننا جذرى، ولكن التهنئة تتعلق بمعنى البر وحسن الصلة وجميل المعشر ونشر السلام وارتقاء آدميتنا عن حضيض الأحقاد، وتطهير أجواء منطقتنا من رياح الكراهية السامة.
إنّ التوتر الذى تعيشه المنطقة والمرحلة قد أوصلنا إلى حالة من الرفض لكل ما من شأنه أن يعالج داء البغضاء الذى تفشّى فى عقولنا وقلوبنا وأصبح كالسرطان الذى ينهش الجسد.
بل أصبح الكثير منا يعيش حالة الاستسلام الكلى للكراهية إلى حد الإدمان، ولم يعد يحتمل لغة الحوار العلمى أو الفكرى الراقية، فيسارع إلى الهجوم والاتهام والسباب واللعان وكأنه بذلك يُنفّس عن غضبه.
ومن التناقض العجيب أن تجد من يكيل الشتائم وينطق بفُحش الكلام وبذىء العبارات فى سياق نصرة الدين! وكأن النبى صلى الله عليه وآله وسلم لم يُبعث ليُتمم مكارم الأخلاق!
وهناك الكثير من الأعذار التى قد تُلتمس لعموم الناس الذين يعيشون واقعاً أليماً يُغذى هذا الشعور السلبى ويخضع لتأثير التهييج الإعلامى لكل التناقضات، ويعيش حالة من فقد الثقة فى كل أحد وفى كل شىء.
لكنها لا تُلتمس إطلاقاً لمن يُمارسون ذلك ممن يُسمون بالنخب أياً كانت نوعية هذه النخبوية؛ دينية أو ثقافية أو سياسية أو إعلامية، كما أنّ التماس العذر لعموم الناس لا يعنى قبول الاستسلام لهذه الحالة الهستيرية التى نحتاج جميعاً إلى العمل على معالجتها.
وإلى الذين يبحثون عن الصراع والأحقاد فيحتجون فى رفضهم التهنئة بالجرائم التى ارتكبها مسيحيون معاصرون ضد المسلمين فى البوسنة والهرسك وكوسوفا وأفريقيا الوسطى وأوغندا والفلبين وغيرها من المناطق المشتعلة يقال:
أولاً: هناك مسلمون أيضاً ارتكبوا جرائم بشعة ضد مسيحيين فى العراق وسوريا وأفريقيا الوسطى ونيجيريا وأمريكا وبريطانيا وغيرها من المناطق، فهل تُحبون أن يعاديكم المسيحيون فى كل مكان ويعاملوكم جميعاً على هذا الأساس؟
ثانياً: ما الفرق حينئذ بينكم وبين متطرفى المسيحيين الذين يدعون إلى قتل المسلمين وتفجير الكعبة ودعم الجيش الصهيونى الذى يقتل الفلسطينيين؟
ثالثاً: وبمناسبة ذكر فلسطين، هل نسيتم أننا وإخوتنا المسيحيين فى فلسطين يد واحدة فى مواجهة المُحتل؟ وأن كنيسة المهد فى بيت لحم قد تعرّضت للقصف عام 2002 للميلاد بسبب اختباء المقاومين فيها؟ وأن قساوسة الكنيسة كانوا يطعمون المقاومين من طعامهم ويسقونهم من مائهم فى وقت حصار الكنيسة؟
هل نسيتم أن نصارى الشام ومصر وقفوا صفاً واحداً مع المسلمين فى وجه حملات الفرنجة التى سُمّيت بالحروب الصليبية؟
هل نسيتم أن مسيحيى أقباط مصر قد مُنعوا من الحج إلى بيت المقدس طوال فترة الاحتلال الصليبى بسبب رفضهم خيانة إخوتهم من المسلمين؟
هل نسيتم أن أرض سيناء قد شهدت امتزاج دماء المسلمين والمسيحيين فى حرب العبور، وأن صاحب فكرة مضخات المياه التى أطاحت بخط بارليف هو اللواء باقى زكى يوسف، وكان مصرياً مسيحياً؟
وهنا أعلنها واضحة بيّنة:
- نعم، المسيحيون إخوتى فى الإنسانية، والعرب منهم إخوتى فى الإنسانية واللسان والأرض.
- نعم، أُهنئهم فى عيد ميلاد السيد المسيح عليه السلام بغض النظر عن تاريخ مولده الشريف.
- نعم، أحب لهم الخير وأدعو لهم بالسعادة فى الدنيا والآخرة، وبأن يوفقهم الله إلى ما فيه رضاه.
وأخيراً..
لقد قرن الله تعالى ذكر مولد سيدنا المسيح بأمر نحن أحوج ما نكون إليه، ألا وهو «السلام». قال تعالى على لسان السيد المسيح عليه السلام: «والسَّلامُ عَلَىَّ يَوْمَ وُلِدْتُ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا».
فالسلام عليك يا سيدى فى يوم تَذَكُّر مولدك، السلام عليك يا رمز السلام، السلام عليك سلاماً يملأ الله به زماننا وبلداننا وقبل ذلك «قلوبنا» بالسلام.
اللهم أنت السلام ومنك السلام فحيِّنا ربَّنا بالسلام وأدخلنا دار السلام يا ذا الجلال والإكرام.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.