مثلما أصبح الخروج فى مظاهرات واعتصامات وإضرابات عدوى تنتقل من فئة إلى أخرى فى المجتمع، أصبحت دعوات الانفصال أيضاً عدوى تنتقل من قرية إلى أخرى، فمع إعلان قرية «التحسين» فى الدقهلية عن عصيانها المدنى وانفصالها عن المحافظة كأول قرية تقدم على هذا الفعل، تطالعنا الصحف يومياً بقرى اتخذت القرار نفسه من تلقاء نفسها حلاً لمشكلة تعانيها أو لإيصال صوتها إلى مسئولى الدولة. بدأت قرارات انفصال قرية «التحسين» التى كانت تعانى مشاكل كثيرة لم يلفت إليها المسئولون فقرر سكانها أن يحلوا مشاكلهم بأنفسهم عن طريق إعلان الانفصال عن محافظة الدقهلية التابعين لها. التجاهل الذى عانى منه أهالى القرية هو سبب ما أقدموا عليه وعبر عنه صلاح مصطفى، مدرس بالقرية، بقوله: «الناس هنا بتموت لا فيه ميه ولا كهربا ولا حتى وحدة صحية تعالجنا ومفيش حد بيسأل.. ده لو احنا بقينا تبع جنوبسيناء كان حالنا بقى أحسن». قرية «بهيج» التابعة لمركز أبنوب بأسيوط هى القرية الثانية فى مسلسل دعوات الانفصال التى أعلنت مؤخراً الإضراب عن العمل والمطالبة بالاستقلال عن المحافظة للسبب نفسه وهو عدم توفير الخدمات الأساسية لسكانها. مدينة «السرو» بدمياط، هى الثالثة التى أعلنت الانفصال بسبب تلوث مياه الشرب، الغريب أن هذه المدينة طلبت ضمها إلى محافظة الدقهلية وهى المحافظة التى أعلنت قرية «التحسين» الانفصال عنها. الدعوة إلى العصيان المدنى الذى يتطور إلى إعلان انفصال، بدأت بوادره تظهر فى قرية «قليشان» بالبحيرة التى أعلنت العصيان المدنى احتجاجاً على مماطلة إحدى شركات المحمول بإزالة محطة محمول، وفى مدينة «أبو تشت» التابعة لمحافظة قنا، التى أعلن أبناؤها العصيان ضد المحافظ بحجة التجاهل والإهمال. «وسيلة جديدة من وسائل الاحتجاج» هو ما برر به د. محمد عطية، وزير التنمية المحلية السابق، هذه الظاهرة، معتبراً أنها دعوات لا يمكن تحقيقها على أرض الواقع، مشيراً إلى أن دعوة الانفصال «إجراء غير قانونى». وتساءل: «التفكير فى الانفصال يستلزم التفكير فى تبعاته وهى كيف ستحصل القرى المنفصلة على اعتماداتها المالية، وأى محافظة ستتبع، ومن سيتولى شئون الإدارة؟»، واصفاً الأمر ب«صرخة عالية لتلبية مطالبهم والحوار والمناقشة هما الحل الوحيد».