بشَّرت إيرادات كل من قناة السويس والصادرات المصرية، بزيادة الاحتياطي النقدي من العملة الصعبة في مصر، في وقتٍ تعد الصادرات المصرية موردا مهما من موارد النقد الأجنبي التي تحتاجها البلاد لاستيراد احتياجاتها وسداد التزاماتها. على مدار العام الماضي ونصف العام الجاري كانت حصيلة الصادرات داعما أساسيا لاحتياطي مصر من العملة الصعبة، بجانب الموارد الأساسية مثل قناة السويس وتحويلات المصريين بالخارج، في حين جاءت البشارة من قناة السويس التي سجَّلت أرقاما قياسية جديدة وغير مسبوقة على مدار تاريخ القناة، بأعلى حمولة صافية سنوية لعام مالي قدرها 1.32 مليار طن. أعلى معدل للصادرات على الإطلاق وفي قراءة تحليلية ل«الوطن» ببيانات الصادرات المصرية وإيرادات قناة السويس، تُظهر الأرقام الصادرة عن وزارة التجارة والصناعة أن الصادرات كانت ولا تزال موردا استراتيجيا يمكن الاعتماد عليه لتحسين مصادر مصر الدولارية، وبحسب بيانات الوزارة فإن صادرات مصر غير البترولية حققت أعلى معدل لها على الإطلاق في العام الماضي بتجاوزها 31 مليار دولار. %19.9 نمواً في الصادرات خلال 6 أشهر وتشير البيانات إلى أن الصادرات المصرية السلعية تمكنت من تحقيق زيادة بنسبة 19.9% خلال النصف الأول من العام الجاري، ليصل إجمالي قيمتها لنحو 18.8 مليار دولار، مقارنة ب 15.7 مليار دولار لنفس الفترة من العام الماضي، وفي حال استمرار زيادة الصادرات خلال نصف العام الجاري فإن قيمة الصادرات ستتجاوز حاجز ال32 مليار دولار بنهاية العام، وهو رقم يمكن البناء عليه ضمن خطة الحكومة لمضاعفة الصادرات والوصول بها إلى 100 مليار دولار. الحكومة تواصل دعم المصدرين وأعلنت وزارة المالية مؤخرا عن خطوة من شأنها دعم الصادرات المصرية، وبالتالي زيادة حصيلتها، بما يسهم في دعم الموارد الدولارية للدولة، وهي إطلاق المرحلة الخامسة من مبادرة السداد الفوري لمستحقات المصدرين المتأخرة. تدبير سيولة نقدية لدوران عجلة الإنتاج ووفقا لما أعلنته الوزارة فسوف يتم تدبير 10 مليارات جنيه لإطلاق المرحلة الخامسة من المبادرة لدعم للمصدرين؛ بما يسهم في سرعة سداد المساندة التصديرية للشركات المصدرة، ويساعد في توفير السيولة النقدية الكافية لاستمرار دوران عجلة الإنتاج، والحفاظ على العمالة، وتوسيع القاعدة التصديرية، وتعزيز تنافسية المنتجات المصرية في الأسواق الإقليمية والعالمية. أعلى إيراد سنوي في التاريخ ل«قناة السويس» أما على صعيد قناة السويس، فتشير البيانات الصادرة عن «هيئة القناة»، للعام المالي 2021- 2022 تحقيق أعلى إيراد سنوي مالي بلغ 7 مليارات دولار، متجاوزة بذلك كل الأرقام التي تم تسجيلها من قبل. %25 ارتفاعاً في معدلات عبور السفن وبحسب تصريحات قبل أيام، ل«أسامة ربيع» رئيس هيئة قناة السويس، فقد بلغت إيرادات القناة 704 ملايين دولار في يوليو الماضي، وهو أعلى إيراد شهري في تاريخها، وسجَّلت «القناة» ارتفاعاً في حركة الملاحة بعبور 2103 سفن في يوليو، ارتفاعاً بنسبة تجاوزت 25% مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي. إمكانات وطاقات مصرية داعمة خبراء اقتصاديون قالوا ل«الوطن» إن هناك مبادرة رئاسية داعمة أُطلقت بالفعل لزيادة حصة مصر من الصادرات إلى 100 مليار دولار، بخلاف المصادر الأخرى المتمثلة بتحويلات المصريين العاملين بالخارج أو السياحة أو حتى قناة السويس. أضاف الخبراء، أن التصدير كمورد للنقد الأجنبي لم يصل إلى ذروته بعد، وأن مصر تمتلك في المرحلة الحالية من الطاقات والإمكانات وموارد الدولة الكفيلة بإنعاش الصادرات ودفع نموها. خطة رئاسية لزيادة الصادرات ل100 مليار دولار في البداية، يرى الدكتور شريف الديواني، الخبير الاقتصادي ورئيس قسم الشرق الأوسط بالمنتدى الاقتصادي العالمي «دافوس» سابقاً، إنَّ الرئيس عبد الفتاح السيسي أكد على أهمية تعزيز صادرات مصر لزيادة حصيلة النقد الأجنبي، كأحد أهم موارده. ويضيف «الديواني» في تصريحات خاصة ل«الوطن»، أنَّ هناك مبادرة رئاسية أطلقت بالفعل لزيادة حصة مصر من الصادرات إلى 100 مليار دولار، مؤكداً على أهمية الصادرات كمورد للنقد الأجنبي لا ينضب وليس له حد أقصى أو عليه قيود ناتجة عن طبيعته بخلاف المصادر الأخرى المتمثلة بتحويلات المصريين العاملين بالخارج أو السياحة أو حتى قناة السويس. تنشيط الصادرات المصرية ويتابع الخبير الاقتصادي، «عدد العمالة المصرية بالخارج سيظل ثابتا في نطاق معين أيضاً، وبالتالي نستنتج أنَّ التصدير وحده كمورد للنقد الأجنبي الذي لم يصل إلى ذروته، وهو المصدر الذي من الأفضل التركيز عليه خلال المرحلة الحالية عبر استغلال الطاقات والإمكانات وموارد الدولة، ما يساهم في تحسين حصيلة النقد وإعادة التوازن للاقتصاد». الاحتياطي النقدي الأجنبي لمصر من جانبه، يرى أحمد معطي، الخبير الاقتصادي، أن البيانات الخاصة بمصادر النقد الأجنبي مثل قناة السويس وتحويلات المصريين بالخارج والصادرات، تشير إلى تحقيق أرقام جيدة للغاية، الأمر الذي يدعم احتياطي النقد الأجنبي، وفرص مصر في زيادة المخزون من العملة الصعبة. أرقام داعمة بشكل جيد للاحتياطي الأجنبي يضيف «معطي»، في تصريحات خاصة ل«الوطن»، أن الإيرادات الأخيرة التي حققتها قناة السويس هي إيرادات تاريخية، وكذلك التحسن الذي بدا ملحوظاً في قطاع السياحة في ظل الأزمة الروسية الأوكرانية، بالإضافة إلى تحويلات المصريين والصادرات المصرية، وكل هذه الموارد حققت أرقامًا داعمة بشكل جيد للاحتياطي الأجنبي. عودة الاستثمارات الأجنبية بوتيرة جيدة ويتابع الخبير الاقتصادي، أن العلاقات الجيدة مع دول الخليج، وعودة الاستثمارات الأجنبية بوتيرة جيدة، من ضمن العوامل التي تعزز الاحتياطي الأجنبي، ويرى أن إدارة الأزمة من قبل الحكومة المصرية، يجب أن تُدرس في ظل ما يمر به العالم من تداعيات سلبية نتيجة تشديد السياسة النقدية والحرب الروسية الأوكرانية، وتأثير ذلك على دول كبيرة، إلا أن مصر كانت من الدول التي استطاعت أن تمر بهذه الأزمة دون خسائر.